المهندس : عبد الله احمد
الناس الطيبون يقومون بأعمال طيبة وخيرة ، والناس السيئون يقومون بأفعال سيئة ، ولكن ما يجعل الانسان الطيب يقوم بأعمال سيئة هو الدين ..
المشكلة بالدين ولسيت بجوهره …فإلانسان يحتاج الى الاعتقاد والدين من أجل التوازن وبالاخص في البعد الروحي…
الاديان المعاصرة هي كثيرة وقد تصل الى أكثر من 10 الاف دين في العالم ، والكل يدعي الوصول أو احتكار الحقيقة ، ولا مشكلة في ذلك …إلا أن الاشكالية تكمن في سعي كل دين الى الغاء الاخر ، والنتيجة طوفان دم ونار …
الدوافع كثيرة ، أنه ببساطة الجشع الى السلطة والمال ، وتحويل الشعوب الى قطيع …وعندها يتحول الدين الى وسيلة مدمرة بابعاد سياسية وينتفي الجوهر الحقيقي الكامن وراء الاعتقاد ….
ومانراه اليوم ، هو تفريغ للدين من محتواه الاخلاقي المفترض وتحويله الى كيانات سياسية ايديولوجية مماثلة لكل التيارات الحزبية .
في سورية ، وبعد كل الذي حصل من استخدام الدين لتدمير المنطقة وبث الفرقة ، خرج علينا البعض يقول أنه يسعى الى "اسلام معتدل " الحالة الشامية لمحاربة التطرف والارهاب والتكفير …"رغم اشكالية الطرح ..حيث لاوجود لمعتدل او متطرف ..الاسلام هو الاسلام "
قد يكون هذا الكلام جميلا نظريا ، لكن في الاصل فإن جميع التيارات الدينية التكفيرية والمعتدلة تتشارك في المرجعية الدينية التاريخية تراث مقدس مفترض ، صحاح ، أحاديث …الخ ) حتى أن نفس هذه التيارات والمذاهب تناقض بعضها حتى في تفسير "المقدس" هل هي الصورة المجازية او الفعلية كماهي ،وكل المذاهب والطوائف تسخر في البعد اللاهوتي من بعضها البعض وتعتبر ما يقوم به الاخر كفرا ..وجميعها تتبع التقية للتمكن .
من جهة أخرى، فإن الاحزاب القومية والوطنية قد تعرضت الى نكسات والى اختراق ، مما جعلها مطية الى حد كبير للتيارات الدينية (تسلسل افراد ، انتساب مصلحي انتهازي …الخ)، وتغاضت عن أهدافها الاساسية بعد أن تمكنت ليصبح الحفاظ على السلطة هو الغاية ، بغض النظر عن الشعارات والاهداف والبروباغندا .
مرسوم الاوقاف السوري، شكل صدمة للمجتع السوري الوطني العلماني ، كونه يؤسس لاعادة تعويم التيارات الدينية السياسية والتي كانت سببا رئيسا فيما حدث في السابق والازمة الحالية ، ولان التحولات الحالية في البنية الاجتماعية السورية تؤهل سورية لتكون بوابة الشرق ومركز اشعاع حضاري بدون دين سياسي مدمر .المعركة لم تحسم بعد ، ومازال هناك وقت رغم نشوة التيارات الدينية بما حدث ، فالمعركة دستورية اخلاقية ووجودية .
ان المضي في الاجراءات المترتبة على دستور الاوقاف، سيؤدي الى تفاقم الازمة والى ردات فعل تراكمية تعيد انتاج ازمات خطيرة في سورية والمنطقة ، وهذا ما لا نتمناه على الاطلاق .
ان تصفيق بعض النخب السياسية والثقافية للمشروع ، وللرؤيا ينم عن قصر نظر ، وعن مصلحية وانتهازية ، والادعاء بأن ذلك يعزز قوة الدولة فهو باطل ، لان هؤلاء يسعون الى مراكمة الانجازات باتباع مبدأ التقية من أجل التمكن والسيطرة على الدولة .
محاربة الارهاب والتطرف ، لا تكون من خلال تشريع الخطاب الديني النمطي الذي يعتمد نفس المرجعات التكفيرية ، ويمارس الاستباد التكفيري في الطقوس واللباس والحركة والكلام …ويحتكر المال لاشباع جشعه بالسلطة .
محاربة الارهاب والتطرف ، تكون من خلال العودة الى الجوهر الاخلاقي، الى حرية الاعتقاد والممارسات ، الى العمل البناء لمستقبل سورية ، الى محاربة الفساد وتقوية المنهج العلمي وتكافؤ الفرص ….وابعاد الدين بكل تجلياته عن السياسة ….عندها فقط ستصبح تجارة الدين كاسدة ، وعندها فقط لن نجد الهة نصنعها في كل زاوية