بقلم المهندس عبد الله احمد
في الفيزياء "لكل فعل ردة فعل ، تساوي وتعاكس هذا الفعل " وفي المنظور الاخلاقي، المحبة ترتد على اصحابها بالمحبة والكراهية بالكراهية ….وهذا يشمل ايضا الافراد والدول والاقتصاد والسياسة .
في الحسابات الاستراتيجية والرؤى الجيوسياسية،لا بد من الاخذ بعين الاعتبار الاحداث الغير متوقعة عند التنبؤ بموازين القوى ومستقبل الدول ، وهذا ما يطلق عليه اسم البجعة السوداء "Black Swan" ، اي الاحداث التي قد تؤدي الى تغير واقع ما بشكل لم يكن متوقعا ، وهذا ما يحدث الان في المنطقة في ظل صراع شديد بين القوى الاقليمية والعظمى الفاعلة في المنطقة والعالم .
قضية قتل الخاشقجي بطرقية مقززة كما تشير المعلومات، بالاضافة الى مئات الجرائم التي قامت بها مملكة المنشار الوهابية من البلقان الى افغانستان وليبيا وسورية والصومال والعراق والجريمة المستمرة في اليمن …، وتداعيات قتل الخاشقجي (ذو الفكر الداعشي الاخواني الارهابي )، تدل على أن الكراهية والحقد والاجرام السعودي الوهابي سيترتد عليها ، وقد يؤدي الى زوال هذه المملكة الارهابية خلال عقد من الزمن (ولم تعد تحتاج لرؤية عام 2030 لانها لن تكون موجودة كما هو الحال الان).
الملفت في الامر، هو الغطرسة والعجرفة السعودية ، وهذا ما جعل عملية اغتيال الخاشقجي بهذه الطريقة ممكنا من قبل اغبياء محمد بن سعود ، بعد أن تم استجرارهم من قبل اجهزة استخبارات "بالاغلب امريكية وتركية" سهلت ورتبت تفاصيل وصول الخاشقجي الى القنصلية السعودية في اسطنبول ، وهذا يعني ان هناك أجنحة في الولايات المتحدة الامريكية تسعى الى انعاش مشروع تقسيم السعودية والهيمنة الكاملة على ثرواتها وتركيب نظام أخر ، بعد أن اصبح بن سلمان مصدر خطر على مصالحها .
بكل الاحوال ورغم أننا سنشهد تداعيات كبيرة لقضية الخاشقجي، فلهذه المرحلة ايجابيات كثيرة من أهمها تعرية هذا النظام التكفيري الذي يصدر الارهاب المادي والفكري الى كل مكان في العالم ، وما نشهده من حملات اعلامية كبيرة ومركزة تدل على أن هذه القضية ليست مجرد قضية طارئة وانما مخطط لها ، ولذلك ابعاد جيوسياسية كبيرة .
والملفت ايضا، الصراع والحرب الاعلامية الاخوانية الوهابية على خلفية هذه القضية ،هذه التنظيمات الهدامة التي تتشارك في تبني المرجعية التراثية التكفيرية ، كما كل التنظيمات والمؤسسات الدينية السياسية التي تدعي "الاعتدال" فالمرجع التكفيري التراثي "المقدس" واحد، وكل ما يدرس في مؤسساتها التي تسمى اسلامية لا يختلف في جوهره عن الظلامية الموجودة لدى داعش والاخوان وبالتالي لا بد من حرب فكرية لاستئصال هذا الفكر الذي كان سببا اساسيا وجوهريا في القتل والدمار على مستوى الافراد والدول .
انها مرحلة حساسة وخطيرة ، فالصراع الدولي في اشده ، الا انها فرصة تاريخية امام شعوب المنطقة لتغير الواقع الحالي، ليعود اليمن عربيا قويا ولتكن فرصة للمصالحة والبناء وقيامة اليمن ، لسورية ايضا من أجل المضي الفعلي بمقدرة وارادة بمحاربة الفكر التكفيري بكل مؤسساته "المعتدلة" او المتطرفة وبناء سورية بعيد عن الدين السياسي ، بالتوازي مع استكمال تحرير الارض من الاحتلال والارهاب .
في قضية الخاشقجي ، التركي والاسرائيلي والامريكي يضعون اللمسات الاخيرة على الصفقات، والسعودي يعترف بقتله، ويهرب إلى الى الامام من خلال تسويق سيناريو سخيف ، الا أن الزمن قد تغير ، فالكراهية ترتد على اصحابها ،و المحبة ستعود لاصحابها من سورية الى اليمن .