المحلل الجيوسياسي المهندس الدكتور عبد الله احمد
تحرير ادلب ، الحسابات الاستراتيجية –
"ترجمة لمقالتي في مركز سجتن باللغة الانكليزية (نشرت قبل ايام )"
لا توجد شكوك ، بأن الاتفاق حول ادلب ما بين روسيا وتركيا والذي دعمته الدولة السورية ، يواجه تحديات حقيقة مع انقضاء المهل المحددة لاخلاء جميع المنظمات المتطرفة المنطقه المنزوعة السلاح قبل 15 اكتوبر /تشرين الاول ، ووفقًا للاتفاق ، يُطلب من تركيا ضمان نقل جميع الأسلحة الثقيلة من المنطقة المنزوعة السلاح بحلول 10 أكتوبر ، وإخلاء جميع المنظمات المتطرفة قبل 15 أكتوبر / تشرين الأول. وهذا ما لم يحدث بعد، ورغم اعطاء فرصة اضافية لتركيا من الروس الى 28 الشهر الحالي ، الا ان المؤشرات ترجح أن يفشل اتفاق وقف إطلاق النار، مما قد يؤدي الى قيام الحكومة السورية بشن هجوم في المستقبل القريب لتحرير ادلب .
تكمن المشكلة الاساسية في تناقض الاهداف لدي الاطراف الفاعلة ، فالهدف السوري الروسي هو تحرير أدلب سواء أكان ذلك من خلال توافق سياسي مع تركيا والاطراف المؤثرة ،وهذا الحل هو ما تفضله دمشق وموسكو حفاظا على المدنين ومن أجل تقليل مخاطر الحرب ، و أن لم يؤدي ذلك الى نتيجة فإن الحل العسكري قادم ، من أجل الانتقال الى مرحلة اعادة الاعمار والتي تتطلب مشاركة الدول الاوربية ايضا .
بينما تسعى تركيا الى تحقيق عدة أهداف منها اطالة الازمة في سورية وترسيخ امر واقع في ادلب والشمال السوري يضمن الاحتلال والنفوذ التركي ، وهذا الهدف يتوافق مع الاهداف الامريكية التي تسعى الى اطالة أمد الازمة والاستثمار بالوقت من أجل تحقيق اهداف جيوسياسة في المنطقه .
الهدف التركي الاخر هو محاولة الحد من تداعيات الازمة السورية ، حيث أن انتصار سورية سيؤدي الى ارتدادات بعد أن تحولت تركيا بسبب سياسات رجب طيب اردوغان الى بيئة حاضنة للمجموعات الارهابية التي وظفتها في سورية .
الهدف التركي الاخر هو ابتزاز الاتحاد الاوربي مع التلويح بفتح الحدود التركية للمهاجرين الى اوروبا .
في ظل هذه الظروف التي تبدو معقدة الى حد ما ، تراكم الدولة السورية عوامل القوة على المستوى السياسي والعسكري ، حيث امتلكت نظام دفاعي جوي متطور هو s300 بعد الاعتداءات الاخيرة على مدينة اللاذقية ، وسياسيا بعد فتح معبر نصيب الحدودي مع الاردن وهذا ما سينعكس ايجابا على الاقتصاد الاردني والسوري ، وعلى العلاقات العربية والاقليمة ، حيث توكد المعلومات وجود موفدين ورسائل من دول عربية واوربية لتحسين العلاقات مع دمشق واعادة فتح سفاراتها في دمشق .
الا أنه من المهم التوقف عن تصريح وزير الخارجية السورية في لقاء صحفي مع وزير الخارجية العراقي ، حيث قال "بإن سورية تعطي بعض الوقت لتنفيذ اتفاق ادلب وفي حال الفشل، فستقوم بتحرير ادلب عسكريا ، أضافة الى ذلك فان سورية عازمة على طرد المحتل الامريكي من الشرق السوري واستعادة كافة الاراضي السورية باي وسائل ممكنة" .
الا أن الامر الذي يستدعي التوقف عنده ايضا، هو سعي تركيا لعقد قمة في اسطنبول مع فرنسا وألمانيا وروسيا قريبا لمناقشة القضايا الإقليمية بما في ذلك الصراع السوري فما هي الدوافع والاسباب؟
على الرغم من عدم تحديد موعد نهائي لهذه القمة وجدول اعمالها ، الا أنه من الواضح ان جميع الاطراف ترحب بهذه القمة ، الا أن الاهداف متباينة ، فلكل أهدافه ، حيث يراهن الرئيس التركي على دعم اقتصادي اوربي وبالاخص من المانيا ,
الحقيقة البسيطة هي أن أردوغان أخطأ في حساباته الاستراتيجية ،لذلك فهو يريد الخروج باقل الخسائر ، الا أن ذلك مرتبط بالموافقة الامريكية .
من جهة احرى ..لعبت ألمانيا داعما في التوصل إلى الاتفاق الروسي التركي، حيث واجهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل انتقادات على مستوى البلاد وعلى مستوى أوروبا بسبب سياساتها المتعلقة باللاجئين. ومع ذلك ، حاولت الوقوف ضد الانتقادات وابتكرت فكرة وقف تدفق اللاجئين بالاتفاق على إطار للتعاون مع تركيا، وهي تسعى من خلال هذا الاجتماع المحتمل الى تلافي تدفق جديد لللاجئين ، كما أنه تسعى الى حجز مكان في مرحلة اعادة الاعمار في سورية .
الرئيس الروسي يسعى الى دفع المانيا الى المساهمة في اعادة اعمار سورية ، حيث واجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ميركل بالحاجة إلى المال لإعادة بناء سوريا عندما التقيا في مقر الحكومة الألمانية خارج برلين في أغسطس. وبينما فعل ذلك ، شدد بوتين على التهديد الذي يمكن أن يجعل المزيد من اللاجئين طريقهم إلى أوروبا.
اما الفرنسي فهو يسعى الى دور في سورية ، ألا ان السياق لا يدل على قبول هذا الدور لا من قبل سورية او حتى الولايات المتحدة .
لذلك فأنة من غير المحتمل أن تؤدي هذه القمة الى تسويات حقيقة ، ولا بد لذلك التسويات من توافق روسي امريكي .
من هنا يجب النظر الى السياسات الامريكية التي تحاول تمديد الازمه ، وتستخدم الكرد كورقة ضغط علىى سورية في محاولة لعرقلة اي تسوية مع الدول السورية ، وبنفس الوقت تعطي تركيا المبرر في التدخل بحجة الخطر الكردي .
وهذا ما يفسر تصريج مستشار الأمن القومي جون بولتون إن القوات الأمريكية ستبقى في سوريا إلى أن تغادرها إيران.
في الخلاصة ، أن اي تسوية في سورية تحتاج الى توافق امريكي روسي وهذا يبدو غير قريب ، من هنا تأتي اهمية تحرير ادلب والشما السوري الذي سيؤدي بالضرورة الى تعجيل هذا التوافق وانسحاب امريكي من سورية .
ليس هناك وقت طويل للسياسة وقد نشهد عمليات عسكرية لتحرير ادلب وما تبقى من مناطق ،مع الاصرار السوري باستعادة كل المناطق السورية لمختلف الوسائل