لم تمر ذكرى ميلاد فيروز الأخيرة على عشاقها بسلام .. فشهدنا ظاهرة فيروزية منقطعة النظير حيث أن معظم المحطات العربية المسموعة والمرئية حتى مواقع التواصل الاجتماعية والجرائد مرت على ذكرى تلك الملاك بتقارير حلقات، صور وحفلات ، مقاطع غنائية وصفحات وذكريات وذكريات وذكريات تمنح بمجرد تخيل تأثير صوتها للنشوة نشوات ..
أما أنا فذهبت بعيداً لأتقوقع على فكري البحثي علني أَجِد دليلا أو خيطاً ما أو أي شيء يقنعني لما هذا الإدمان على هذا الصوت الملائكي أو أين يكمن السر فيها، فاستدرجتني بصوتها الخلاب للبحث بما يُدعى المخدرات الرقمية أو الالكترونية التي سمع الجميع عنها إنما الغالبية قد لا تعرف ماهي كينونتها وأنواعها وكيف يتم تعاطيها وماهي آلية الحصول عليها ولا يدركون حتى تأثيرها ..
فعلى الرغم من أن المخدرات الرقمية تعتبر نوع من الإدمان الحديث إلا أنها ظاهرة قديمة الأصل والتاريخ وتكمن في إدمان الفرد على نغمات صوتية تنساب إلى الأذن وتصل إلى المخ وتؤثر على ذبذباته الطبيعية حيث تعتمد على تقنية
النقر المزدوج للأذنين فيطرح بحسب مكتشفها العالم الألماني هينيريش دوف عام ١٨٩٣
ترددات متقاربة بالأذنتين اعتماداً على مبدأ أن أحد الأذنتين أضعف من الأخرى، فعند طرح ترددات متقاربة فإنه يقوم بحفز العقل وينتبه الفرد فيطرح على المريض النفسي مثلاً نغمات هادئة بترددات عالية أو منخفضة على حسب الغرض المطلوب وبالتالي يقوم باسترخاء المريض وعزله عن الواقع ، أو استثارته خصوصاً في حالات نقص الهرمونات الناتج عن إجراء بعض العمليات الجراحية بالمخ
وقد استخدمت هذه الأداة بحسب بعض الأبحاث عقب محاربة الشعوب العربية والآسيوية لترويج المخدرات كالأفيون والكوكايين والحشيش كرد فعل طبيعي لإهدار الطاقات البشرية للشعوب وإغراق الحكومات في البحث عن الحلول لما يحدث لشبابها لعقود طويلة فاعتمد مروجي هذه النغمات على حقيقة اندماج الشباب خصوصاً في مرحلة المراهقة وراء إثبات ذاته وذلك من خلال بحثه عن الأغاني المجانية بشبكات التواصل الترفيهية
أما في السبعينيات من القرن الماضي فقد استخدمت هذه النغمات في مستشفيات الطب النفسي والصحة النفسية الأميركية وذلك لحفز العقل على أفراز هرمونات السعادة والاسترخاء والمتعة النفسية وهي هرمونات التكسيتوسين والدوبامين والتي يتطلب حقن مريض الاكتئاب بها بآلاف الدولارات بينما باستخدام هذه التقنية الأمر لايتطلب إلا بضع دولارات للأغنية ..
ولقد اختلفت وجهات النظر حول حقيقة تأثير هذه المخدرات بين الباحثين المنكرين لها تماماً وبين المؤيد والمؤكد على الكثير من أضرارها على الصحة النفسية والجسمية للفرد ..
إلا أن المؤكد بأن المخدرات الرقمية ماهي إلا ملفات صوتية تحمل رسائل بترددات مختلفة تسبب نفس التأثير الممتع الذي تسببه الكوكايين أو موقف شديد الرعب هذه المقاطع تسمع عبر سماعات بكل من الأذنين بحيث يتم بث ترددات معينه في الأذن اليمنى وترددات أقل إلى الأذن اليسرى فيعكس الوظيفة الأساسية للأذنين وهو مايرهق الفرد في الانتباه في نغمات الموسيقى وتشتته عن أي نشاط آخر ويسبب حالة من المتعة النفسية والهيام للفرد في مرحلة اللاوعي عما يجول بخاطره
ويبقى البحث متواصلاً لمعرفة المزيد عن أسرار وطريقة عمل وأضرار هذه المخدرات الرقمية من خلال الدراسات الميدانية
وتبقى فيروز حالة إدمان نادرة لايمكن لأبحاثٍ ولا دراسات ميدانية ولا حتى افتراضية اكتشاف سر عشق الملايين والهيام بصوتها وبروحها كأيقونة حب ملائكية .. تحملنا لخارج الزمان والمكان .. مع فنجان قهوة .. قد يكون ادماننا عليه مع صوتها واحداً من أعظم مايمنح لحياتنا معنى وأسمى ادمان لأرقى حالة صحية مصابون نحن بها ..
ريم شيخ حمدان
سورية