بقلم عبير الراوي
يبدو غريباً ان بعض الناس لا يتقبلون تلقي الخبر السيء ولكن ان لا يتقبلوا الخبر الجيد فهذا اغرب تجليات السياسة الامريكية في الشرق الاوسط فنحن نتفهم عدم تقبل (قسد) الخاسر الاقرب والمباشر لخبر انسحاب القوات الامريكية من سوريا كهدية عيد الميلاد من ترامب الى … ( ) مجهولين ربما ؟ بعدما رفض العالم كله تصديقه ..ليس لان امريكا تكذب عندما تصدق ولا لان امريكا وترامب تحديداً ينتهجون سياسة فعل عكس ما يصرحون به ولكن ربما لأسباب كثيرة وعشرات التناقضات في تصريح لم يتجاوز السطرين او اقل واغرب ما فيه التوقيت (الاحجية) الذي لم يستطيع أي احد الاجابة عليه لا من الحلفاء او من الخصوم وحتى موظفي الادارة الامريكية انه اذاً القرار او (الاعلان) الصدمة والذي يمكن ان تكون نتائجه اكثر صدمة وللجميع وكلمة الجميع حرفياً هي كافة اللاعبين في الساحة السورية الصغار والكبار ولكن من ناحية اخرى لماذا الاستغراب ؟ قد يسأل احدهم اليس هذا ما كانت عليه السياسية الامريكية قبل ترامب وكذلك لترامب في برنامجه الانتخابي والاهم انه اعلان مؤجل حيث انه تم الاعلان عنه منذ سبعة او ثمانية شهور ولكنه لم ينفذ حيث نفخت فيه السعودية الروح وايضاً منذ سنتين .
اذاً استعمل ترامب صلاحيات الرئيس مجدداً ( منفرداً) وما يدلل على ذلك تلعثم ادارته وصمت البنتاغون ورفضه ضمنياً وكذلك رفض الحزب الجمهوري عبر نوابه والاهم خوف وقلق الحكومة العميقة التي هي من اهم داعمي الوجود الامريكي في سوريا بغض النظر عن علاقتها السيئة بترامب حالياً .
الان وبشكل منهجي لنرى اهم الخاسرين الكلاسيكين وسنرى انهم ليسوا الوحيدين وهم (سورية الديمقراطية) وبعض الفصائل المدعومة من امريكا مباشرة كالمتواجدين في التنف ..والسعودية و(اسرائيل) ولنبدأ بقسد والتي تبدو كالزوج المخدوع واخر من يعلم حين تصرح بان الاعلان هو طعنة في الظهر وخيانة لدم الشهداء ولكن تلك القوات كانت مطمئنة لوقت قريب وحتى بعد تهديدات تركي وهي التهديدات الاشرس منذ بداية الازمة ..قبل ايام قليلة حيث طلبت من الجيش السوري التدخل ولكن من باب القوة حيث انه حتى ما سمي بمحاولة اعادة التفاوض مع الحكومة السورية عندما تم رفضها عادت تلك القوات وهاجمت الدولة السورية واتهمتها بانها خاضعة للدولة الروسية وهذه الجهة مستقبلها مجهول وهي منقسمة ما بين رافض لتصديق هذا الاعلان وتعتبره مناورة امريكية للجم تركيا او حتى خطأ في الترجمة وما بين من يروج لا عادة احياء احلام سوريا التشاركية حسب المفهوم الذي يعتمده (حزب الاتحاد الديمقراطي) الكردي في سوريا والذي لم يطبق منه شئ حتى الان.. ولان اساساً تلك القوات لا تملك منهجاً او خطة خارج تواجد القوات الامريكية فستكون في حال صدق ترامب وبالصيغة المعلنة كبش فداء وثمن صفقة لا ينقذهم منها الا اعتبار الحكومة السورية انهم جزء من النسيج السوري وتسوية اوضاعهم وترحيل غير السوريين منهم .. والا سيكون الخيار اما التسليم الى الحكومة السورية (تسليم واستلام) كما كان تواجدهم هناك اساساً لانهم لم يقوموا بحرب مع الدولة السورية حين فرضوا وجودهم العسكري هناك ولكنهم كانوا اقل الخيارات خسارة في فترة صعبة من تواجد التكفيريين على ابواب الجزيرة السورية وتقديم انفسهم كمحاربين للإرهاب .. واما تسليم تلك المناطق لتركيا والقوات المدعومة منها كما حصل في عفرين تنفيذاً للرغبة الامريكية حتى لا تسلم للحكومة السورية .. واما الاحتمال الاضعف وهو القتال مع الجيش السوري او الاتراك ايهما اسبق وزج تلك البقعة في ازمة مؤقتة ولكنها صعبة وقاسية على جغرافية اعتبرت نفسها الناجية الوحيدة من الدمار الذي يسبق (اعادة الاعمار) والمقصود دائما هنا هم الاكراد حيث ان العناصر العربية المشاركة مع قسد و(سوريا الديمقراطية) متلونة متعددة الولاءات وسوف تختفي عند اول طلقة الا ان كان هناك من يدفع وحتى ينتهي الدفع.
اما العصابات الصغيرة مثل( احمد العبدو) و(جيش سوريا الجديد) و(اسود الشرقية) الطبعة الامريكية.. لن نتحدث عنهم اطلاقاً لانهم خارج التاريخ والجغرافيا ولا وجود فعلي لهم سوى انهم ادوات رخيصة وهم يعرفون ذلك ولكن السؤال وعددهم بالألاف اين سيضعهم من سيضعهم واين سيستخدمون بعد الانسحاب ان تم وكيف ولصالح من ام سيتحللون ويختفون وهذا فيه بعض الصعوبة فيزيائياً ؟.
اما (اسرائيل) الخاسر الاكبر كما تبدو عليها تصريحاتها اليوم وكانه مات ابوها وامها تقول انها ستستعمل استراتيجيات متعددة بديلة لحماية نفسها بعد تداعيات هذا القرار.. وان لم نعتبر ان نتنياهو المتفاجئ كما يبدو ظاهرياً (يرقع) على عيب انتخابي فاجئه به ترامب فأننا حكما سنربط تدويل ازمة الانفاق في مجلس الامن اليوم كإحدى البدائل مما يعني علم مسبق على الاقل ان لم يكون من ترامب فمن كوشنير المهندس الاصلي لسياسة اسرائيل في امريكا المتجاوز للرئيس احياناً فهل ستستقدم حرب محدودة مع حزب الله وهي تنتظرها بالفعل ولكن تريد من الحزب ان يكون البادئ لعدم وجود الذريعة وحساسية الفترة الانتخابية ..وتدخل اليونيفيل اليوم في مجلس الآمن يزيد من تلك الهواجس ولا يبشر بخير ولكن بالمجمل (اسرائيل) حتى الان خاسرة دبلوماسيا وسياسيا ..ومن ناحية اخرى قد تجد (اسرائيل) ايضاً من اعلان ترامب طعنة في الظهر حيث انها ركضها اللاهث من تسارع التطبيع مع الدول العربية تسريعاً وانقاذاً لصفقة القرن والتي عكرها بن سلمان بتصرفاته الهوجاء والتي جعلت من (اسرائيل) تعلن ما كان بالخفاء سباقاً للزمن واخرها مع السودان عبر وسطاء اتراك مستغلين تبعية النهج السياسي للنظام السوداني مع تركيا .. ولكن الحقيقة قد تبدو اوضح واقل عجائبية حين نعرف ان ترامب طلب من نتنياهو بعض التنازلات لتمرير صفقة القرن بمسمى اتفاقية سلام بين الفلسطينيين و(الإسرائيليين) والا فسوف يعلنها منفرداً وهي بالفعل قد وضع لمساته الأخيرة عليها قبل الانتخابات الرئاسية القامة كدفعة لتلك الانتخابات والتي رفضها نتنياهو لنفس السبب حيث انها سقطة انتخابية له ولحزبه .. حيث قال له ترامب من يجلس الى الطاولة يجب ان يدفعه جزء من الثمن وقصده فاتورة المفاوضات مع الفلسطينيين .
تبقى السعودية التي يبدو ان اموال الامراء المعتقلون قد نفذت وانها ورطت نفسها بأكثر مما تملك مع عجز موازنة للسنة السادسة حيث ان رقم 440 مليار ليس دعابة وخصوصاً لدى الامريكان فهم ليسوا حماس وليسوا السلطة وليسوا دول افريقية واسيوية توعدهم السعودية وتخلف وخصوصاً ايضاً بعد ان اصبحت مبررات الدفع في خطر من الثقل المتزايد لتداعيات رعونة بن سلمان الخاشقجية والتي دفعت السعودية للبحث عن بدائل استباقية للتحالف مع الامريكان في ما يسمى تجمع دول البحر الاحمر والذي يبدو انه ايضاً اغضب الامريكان وترامب تحديداً .. مما جعل مسؤولو ادارة ترامب يطالبون السعودية بالاسراع بتنفيذ التزامها المالي الذي بنى عليه ترامب وعود زائفة داخل المؤسسات الاقتصادية الامريكية اثبتت فشلها مؤخراً حسب تصريحات نواب مستقلون وحزبيون في امريكا .. وقد يكون التاريخ يعيد نفسه لان ترامب منذ اشهر بعيدة اعلن نفس الاعلان ولكن السعودية ابدت اهتماماً بتمويل التواجد الامريكي في سوريا شرط ان لا ينفذ ترامب تهديده وينسحب.. ويبدو ان ذلك التمويل اليوم لم يعد متوفراً لذلك كان لابد من اعلان اخر اما يسترجع به ترامب امواله لدى السعودية وهي امواله لطالما هو موعود بها .. واما ان تعاقب السعودية بخروج سريع ومفاجئ يجعلها مع اتفاق السويد الاخير في مهب التجاهل العالمي لوجودها المرتبط اصلاً بإثارة النزاعات والصراعات بالعالم تمويلاً فقط.. ويبدو ان فزاعة ايران لن تنجح هذه المرة مع ترامب حيث ان ايران لا تهدد فعلياً الامن القومي الامريكي حسب تصريحات خصوم ترامب داخل امريكا .. فمع ايران ودونها لا يجدي الا الدفع والا ….وهنا يجب ان نعرف ان امريكا لا تمول حروبها فما بالك بحروب الاخرين وهواجسهم واحلامهم .
كان ذلك مع الخاسرين الكلاسكيين ولكن يبدو ان هناك خاسرين جدد غير متوقعين ونبدأ بتركيا التي هي في الظاهر احد الرابحين وهي من هددتها امريكا قبل ايام بانها ان اقدمت على عملية غير محسوبة في شمال سوريا او شرق الفرات فإنها ستواجه القوات الامريكية وفي الظاهر امريكا عقبة امامها عند لجم الاكراد وانهاء وجودهم على حدودها كما تدعي ولكن الحقيقة اصعب وامر .. فتركيا التي سوقت لها امريكا بشكل خفي على ان مكالمة مع اردوغان قد تكون السبب في ذلك القرار وهذا ما انكرته تركيا وما يدلل عليه اتفاق منبج الغير منجز حتى الان..كانت مستفيدة من التواجد الامريكي كذريعة للتدخل دائما وكان افضل السناريوهات لها هو التدخل مع ضوء اخضر امريكي ولكن مع رحيل الامريكي فستفتقد الحجة والذريعة وستعود الحكومة السورية التي تقول تركيا انها مع وحدة اراضيها وحماية امنها على الحدود ..لذلك وجدنا تركيا حسب التصريحات المتوفرة حتى الان غير مصدقة وغير مرحبة وتنعت الحكومة الامريكية بالكذب بل واعادة الكذب.
روسيا الرابحة الكبرى ايضاً لها حظها من الخسارة فرغم ان امريكا كانت العقبة امام التسوية في سوريا باحتلالها لمناطق في سوريا وعزلها في وجود غير شرعي وحماية مليشيات حسب قولها تريد ان تنفصل عن سوريا وللصدفة يبدو انه تزامن هذا التصريح منها اليوم مع اعلان ترامب كان صدمة .. حيث ان خروج امريكا دون تسوية و لا خطة ولا استراتيجية معلومة او مصرح بها على الاقل تفقد روسيا بعض المناورة وتستحضر خشية من مطالبة دولية بخروج جميع القوات الاجنبية في سوريا في أي تسوية قادمة وخصوصا ان شنت امريكا حربا دبلوماسية من هذا النوع وايدها بعض حلفائها وبالمجمل هي رابحة بالنهاية رغم وجود تلك الهواجس ورغم تعكير صفو اخلاء الاجواء لها في سوريا من بعض الاصوات كبريطانيا التي اعتبرت ذلك خطوة خاطئة وتهديد للأمن الدولي وسيليها الكثيرون في ذلك والاشارة لداعش ولكن المقصود هو التواجد الروسي والايراني .
والايراني المتأني والمراقب والمترقب والموجود في تركيا الان والعضو في عدة لقاءات واستحقاقات قريبة حول سوريا والمعني بشكل او اخر بأزمة الانفاق في لبنان لم يكشف الكثير ولكن اخلاء التنف له على الحدود العراقية السورية من امريكا هو الجائزة الكبرى بغض النظر عن أي هاجس اخر او أي خسارة اخرى وخصوصاً ان ذلك سيكون هاجس (اسرائيل) القادم .
اما الاعلام السوري الذي تابع برامجها المعتادة دون أي تغطية جادة لهذا الاعلان يبدو انه يعكس السياسة المحورية والثابتة لسوريا بغض النظر عن تصديقها لأمريكا الكاذبة من دونه ..وقد تجلى في تصريحات غير رسمية تقول ان ذلك لا يعنيها وتحرير سوريا من كل غير مرغوب به هو هدفها الذي تعمل عليه بخروج امريكا او بقائها وسوريا تكرر دائما ان امريكا خارجة خارجة .
بعد عرض مواقف الاطراف واللاعبون الخفية والمكشوفة المتوفرة لابد من تفنيد الاعلان نفسه بكلماته القليلة التي كانت بمجملها رموزاً مستعصية على الحل اختلف عليها كل المحللون السياسيون والخبراء بل والدبلوماسيين الرسميين لأمريكا وحلفائها وخصومها .. اهمها فترة الانسحاب التي تبدو طويلة على قرار جرئ ومفاجئ وهي من 60 الى 100 يوم والتي تمكن خلالها امريكا من فعل الكثير في سوريا وقد تطلق يد جنودها في عمليات قذرة بحجة محاربة داعش التي يعتقد ترامب انه اندحر وتساوم بقية الاطراف على وعد خروجها لتزيد فسادها ورعونتها ولكن الاخطر ان تكون تلك الفترة الطويلة كما يعتقد البعض هي لإعادة توضع جديد تشرعنه امريكا بشكل او باخر قد تستخدم فيه القديم الجديد من المسرحيات بمساعدة اعوانها في سوريا كالكيماوي مثلاً او ادعاء بإبادة جماعية من الجيش السوري او روسيا على الاكراد مثلا او مليشيات ادلب ومن تقول عنهم مدنيين مما يعطيها الذريعة للتدخل من خارج النظام الدولي او به ان حشدت له وبذلك يكون قد انسحبت لتحتل أي انسحاب تمهيد لاحتلال .. يبدو ذلك ليس غريباً ..ام ان الفترة مخصصة (للتراجع) كما يحدث دائما مع امريكا حين تعطي مثل تلك الوعود الطويلة الامد كما حدث في افغانستان .. اما الامر الغريب الاخر الذي احتواه الاعلان هو انها ستتابع في سوريا عبر حلفائها مما يدعونا للتساؤل من هم حلفائها هل هم الارهابيين في قاعدة التنف وعليه فان انسحابها ناقص كما تم في العراق .. ام (قوات سوريا الديمقراطية) مما يجعلنا ايضاً عرضة للتساؤل كيف ستحميهم وتؤمن لهم الغطاء ..ومن ثم ما الذي ستتابعه وهي تقول ان داعش قد خسر في سوريا .. هل حماية النفط وبيعه ام التواجد الايراني كما جعلته هدف ثاني بعد محاربة داعش مؤخراً ..ام انهم حلفاء جدد مثلاً (بيشمركة روج افا) الذين اختلف اللاعبون في الشمال على تواجدهم وهناك من يقول انهم موجودين فعلاً وقد صرفت امريكا عليهم الكثير من الاموال وآن اوان الحصاد ولكن ما هو دورهم بالتحديد ولماذا يلزمهم انسحاب امريكي وما هي حجم قوتهم ومن هي القوى الاقليمية الداعمة لهم بغياب امريكا؟
الغريب ان ما يعزز مثل تلك المخاوف و ما لا يتحمله العقل من ان امريكا قد صرفت اموالاً ثمينة على ما يتجاوز 22 قاعدة عسكرية والمعلومات المتوفرة لدينا ان تطويرها وتحديثها مستمر حتى الان فكيف تتركها بتلك البساطة ولمن هل للايراني والروسي ام للجيش السوري وكيف يخسر ترامب اموالا يبعثرها في الريح وهو الذي تعود ان يقبض اموالا حتى على اكاذيبه وهو رجل اعمال ناجح بشهادة الجميع ..ومن ثم ماذا يعني انسحاب في 100 يوم واخراج موظفي وزارة الخارجية فوراً خلال 24 ساعة ؟هل يعني ان ما سيحدث قريباً سيشكل خطرا عليهم وانه سيبعدهم عن الخطر الذي قد يكون امريكياً بامتياز ام انه لا يثق بأحد بتنفيذ ما يريد تنفيذه هنا ولا حتى هؤلاء الذين ارسلهم .
يبقى سؤال اخير وهو حجر الزاوية في كل ما قلناه وسنقوله عن ذلك التصريح وسر الاسرار .. ماذا يعني الوسائل الجديدة التي ستستخدمها امريكا في محاربة الارهاب بعد انسحابها حسب اعلانه ؟…. يأخذنا هذا الجزء لتذكر ان اخر حروب امريكا في المنطقة العربية كانت في العراق وهي حرب تكنولوجية من الجيل الثالث اما الحروب من الجيل الرابع التي اوصت المراكز العسكرية بتجربتها في العالم يقال كانت الحرب على اللادولة واللاشئ في العالم انطلاقا من افغانستان وليس انتهاء في أي مكان في العالم .. ولكن حرب الجيل الخامس كانت في ليبيا ومن ثم سوريا.. وهى حرب يتم فيها احتلال عقلك لا احتلال ارضك وبعد ان يتم احتلالك ستتكفل أنت بالباقي .. ستجد نفسك فى ميدان معركة لا تعرف فيها خصمك الحقيقي … حرب تطلق فيها النار في كل اتجاه .. لكن يصعب عليك ان تصيب عدوك الحقيقي .. وبالأحرى هي حرب من يخوضها يكون قد اتخذ قرار بقتل كل شيئ يحبه …انها حرب تستخدمك انت في قتل ذاتك وروحك … وفى النهاية ستجد نفسك كنت تحارب بالوكالة لصالح رجل جالس فى مكان أخر اختار ان يجعلك جزء من مشهد سينمائي جديد لفنون الانتحار الجماعي .. وذلك بالضبط التوصيف الطبيعي لحالة حاملي السلاح في ميدان الدماء الموجود بساحة تلك الحرب ولكن مع النموذج السوري الذي يختلف عن الليبي والذي يبدو انه افشل حتى تلك الاستراتيجيا في الحروب كما يقول نعوم تشومسكي ..كيف يمكن ان يكون المخرج لمفتعلي تلك الحروب وعرابيها .. اعتقد ولست جازمة هو ان فشلت في ان تحدث خرقاً طويلاً ودائماً بين افراد ينتمون لخلية اجتماعية واحدة تجدد بها الحروب والاحداث كلما طاب لك وكما حدث في سوريا بعد المصالحات وقرارات العفو التي لم يتوقعها العدو عليك بتغيير الشكل السياسي في تلك الدولة الى النموذج الذي لا يخطئ في خراب الدول العربية وهو النظام البرلماني التحاصصي الطائفي لغياب الوعي الديمقراطي اولاً وللنزعة الفردية والعشائرية المتقدمة على الحس الوطني والقومي ثانياً كالنموذج العراقي الذي بقي منصة خلفية لاطلاق كل بشاعة التدخلات الامريكية بالمنطقة رغم الانسحاب المزعوم عام 2011 فان مجرد طرح جدولة زمنية للانسحاب في العراق للقوات الامريكية يؤدي الى اشتباك بالايدي في البرلمان أي يعني ان ممثلي الشعب انفسهم سيحمون التواجد الامريكي ويشرعونه ويشلون أي مبادرة لحكومة او لأفراد في ذلك وهذا اجدى انواع الاحتلال فما بالك ان كان المجهز لسوريا ليس فقط محاصصة برلمانية بل دستور مناطقي يكرس الانقسام والانفصال السهل ويحمي كل من يحمي مصالح الانفصاليين والمرتزقة من جيل السياسيين القادم .. وهل من المصادفة ان يحيي دي مستورا المقبل على استقالة ذلك المطلب بان يجدد الدعوى للجنة الدستورية والمؤكد هو حسب المقياس الامريكي كما سبق ورفض من الحكومة السورية يدخل فيه غير السوريين دول ومنظمات وافراد .. هل سيتجدد دستور بريمر … وهل سيكرس الامريكي بمساعدة تلك الفجوة القانونية لا سمح الله (قانون بايدن) الكانتوني الذي فشل حتى في العراق ونحن نعرف ان الازمة في سوريا بدأت مع اعلان الانسحاب من العراق وان كان الانسحاب لم يتم حقيقة ..وان كان يكفي للأمريكي ان يوقف جندي واحد في أي مكان في العالم ليحسبه على العالم جيشاً بكامله حين يريد ان يتحجج بذلك ..وهنا نرى انه لا معنى لخروج 2000 جندي هم بالأساس لا يكفون لمحاربة مجموعة واحدة من داعش حقيقةً ودون تمثيل كما يفعل الامريكان في سوريا حيث ان داعش داعشهم في النتيجة… ام ان ترامب يتحسس رأسه ويشعر بقرب رحيله عن البيت الابيض ويريد ان يترك تركة ثقيلة للحكومة القادمة ام انه لا يأمن على قواته في ظل ادارة امريكية اخرى
بالنتيجة ترامب ليس بابا نويل ونحن لسنا على لائحة الاطفال النموذجيين العاقلين حسب المعايير الامريكية فلا تنتظروا الهدايا.. ويبدو ان هذا العيد ايضاً من الكريسماس ليس عيداً كما تنميناه قبل قدوم بابا نويل الامريكي ومساعديه من الشيشان والافغان والتركمانستان والاتراك وكل ذوي اللحى الحمراء في العالم .. والثلج لن يسقط في موعده وقد يكون لنا موعداً اخر ربما .
عشتم … عاشت سوريا .