
اللوحة ( 1)
( الأدب و الثقافة ..أنبل تواصل بين الناس )
باكير
الاشارة (1)
عندما تكون الثقافة هي ساقية التواصل بين الإنسان و الإنسان … تورق القصيدة لوحة من طفولة عانقناها على أرصفة الكتاب و بين مدامع القصيدة .. حيث عرفنا الشاعر الفنان الأستاذ باكير مكتبة متنقلة من البهاء و التألق كنا في الكثير من الأحيان نفيء إلى مكتبته كي نقرأ بعض عذاباتنا …. عرفته فناناً منذ معرفتي للوعي الثقافي في سلمية … و عرفته شاعراً حين تشاركنا مهرجان شعراء سلمية .. حيث رسمت الكلمات لوحة من الشعر و المطر تمشي بخيلاء على دروب الشجن(1) ..
اللوحة (2)
( يا دمعة حيرى على جفن السماء )
باكير
الإشارة (2)
سلمية كانت في زوادة يومه الفني و الشعري … كان يحملها قبل أن تحمله في طيات روحه و جسده و يمشي معها رحلات في مجاهل التاريخ و التراث يتلقف خبز يومه الحياتي .. وم يزقه للعصافير كي لا تتوقف عن شدوها المتألق … هي عصافير بوحه و موسيقا لوحاته التي كانت تهطل نتفاً من ثلج أبيض و نقي كإنسانه على تربة الثقافة لتعطيها اخضراراً و ماءً لا ينتهي كدمع عيون البسطاء … الحالمين بين يديه ببساط الريح… و يلتحفون العشب البري(2) .
اللوحة (3)
(نحن كصخر الأرض ثباتْ
نحن كروح الأرض حياة
إن الأرض لنا كنشيد)
باكير
الإشارة (3)
الأرض .. لفظة متعددة الألوان تخرج من مسامات الروح و تحتوي كلّ ما تراه الأعين … يفتتها الإنسان بعرقه و يميتها بحصاده … و يعود ليزرعها بمعاناته بذرة تتحول لرغيف يعيد تشكيل الطفولة و المراهقة و الأضحيات ..
هي الأرض فراشة ضوء .. و هي بساط من شرايين الإنسان تتدفق لتكتب تاريخاً لم تكتبه الحجارة بل الأسماء و السماء ..هي الأرض احتواء كلي لكلّ ما نراه و نشاهده و نبصره كي نحسّه و ندركه و نعرفه .. هي الأرض ينابيع معرفة تسرقنا من بقايا غربة الروح(3) الأبدي .
اللوحة ( 4)
( و أتى الخريف يميت أضلعه ….
و الريح تعصف في بقاياه )
باكير ..
الإشارة (4)
تتفتح شبابيك الطفولة لترمي من نوافذها عبق الماضي و التاريخ صوراً تتجسد حكاياها أرواحاً و أشباحاً تداعبنا .. فندبك معها على إيقاع ينتشر كقافلة من الهواء تراقصنا منذ حبا الإنسان على هذه الأرض الممتدة من زلزال إلى اجتياح إلى سيل لا يبقى و لا يذر إلا الذاكرة التي تعانق في كل يوم صباحاتنا و هي تقص كالجدة على كل الكون حكاياها المخطوفة ممن رحلوا قبل أن يتعلموا الكتابة لكنهم كتبوا بعيشهم ذاكرة شعبية لا يستطيع أيٌّ منا أن يخلع عباءتها و يمشي وحيداً في صقيع العولمة المتجمد .. فيشرب كأساً دافئاً يعيد لجسده دفء الحياة .. يشرب كأساً من صور من الماضي ..(4)
اللوحة ( 5)
( من ألف عام أمضغ الأيام حتى
ترحل الآلام من دربي الشقي
و أنا ألوك مواجعي و مواضعي
و أقول بعد تجهم و تعنت :
ماذا بقي ؟؟!!)
باكير
الإشارة (5)
هكذا هو الفنان الشاعر باكير يحفر في جدول التاريخ الأبدي حكاية الإنسان .. هذا الإنسان الموجوع و المتألم منذ وجد في هذا الكون …يمضي و هو يتعارك مع الأيام مرة ينتصر عليها و أكثر المرات تغرقه في ويلاتها .. لكنه يبقى باحثاً عن انتصار أخر يعيده إلى إنسانيته التي هي كما يراها باكير .. ليست إلا كتلة من أوجاع و آلام و شقاء تمتد من الأبد إلى الأزل .. يسير عليها الإنسان قافلة من أحلام و أمنيات تبحث عن واحة تروي ظمأ عذاباتها و دموعها لتكتشف فيما بعد أنها سراب يبدع سراب …
هذا الإنسان الذي كتب عنه الفنان الشاعر رسمه فرحاً قوياً .. رغم كل دروب الشقاء و العذابات ..و جعله عابقاً بالأمل فهو في كل خطوة يرسم بذرة في عمق التربة كي تعيد انبعاث الحياة كأدونيس بعد أن تكون قد قضت أشهرها في الجحيم .. ساكنة تتعذب و تتألم و تتوجع في نارها التي لا تنطفئ أو تشعل لإلا بأجساد البسطاء …
بلغة العصافير التي تقبل بعضها كل صباح بعشق رؤوف رحيم .. و لغة الوردة حين ترسم عطرها بريشة الألوان.. و قلم الأحلام .. كتب الفنان الشاعر باكير باكير … كل ما كتب …لتكون خواطر قلم(5)
اللوحة الأخيرة
( أيها التاريخ .. قد حملتني كلَّ المتاعب )
باكير…
الإشارة الأخيرة
هنا حيث تصمت الألسن و تغرق الأفئدة في عويلها و الكلمات تتوسل ألا تنتمي للرثاء … استراح القلم في بحر الألوان و أضاء بألفاظ الحبر بعضاً مما كانت روحه المبدعة تعانقه .. و أسدل ستار اللحظة و الحياة .. على بوح ريشة أخذت عطرها من عمق التاريخ و رسمت بأوتارها أغنيات القصيدة التي تتدفأ ظل الأوراق الساكنة في كل مكان ربيعاً .. صيفاً خريفاً و شتاء … و ننتظر كل شتاء أن ينتهي كي يحضر القلم مورقاً بانبعاثه من طي الكتب كي يعلمنا و يرسمنا بر يشته الفنان الشاعر الحالم أبداً بالإنسان ..الإنسان .. باكير باكير … فمتى يحضر الغيث في هطوله كي لا تترجل القصيدة من دفاترها … و غيثك الراقي على أرض قراءاتنا لا يغيب …و أنت الغائب الحاضر أبداً …
كلمات الشاعر : مهتدي مصطفى غالب
أعمال الشاعر باكير باكير:
(1) دروب الشجن – شعر – صدر عام 2003م
(2) العشب البري – شعر – صدر عام 2001م
(3) غربة الروح – شعر – صدر عام 2005م
(4) صور من الماضي – نثر – صدر عام 2008م
(5) خواطر قلم – شعر – صدر عام 2010م