..بقلم : يامن أحمد
إن الرؤية الأولى للمحيط الوجودي مقترنة مع بدء إنبثاق الشعاع الأول لملامسة الإشراق العقلي لديك والتعرف على الحقيقة العليا التي تفسر الحقائق كافة ..إن عدم الإبحار في إدراك حقيقة الوجود كفيل بأن يجعلك موقوفا لدى ماقبل النظرة الأولى التي عرفت بها قشور هذا العالم دون الهجرة من إقليم الجسد إلى أقاليم التجرد من النوازع المادية والمكنونات الوحشية التي تبارزك لتنصيب ضعفك سلطانا على ذاتك وبهذا ستكون عنصرا مقيدا يحاصرك عجزك وليس الوجود .
إن الإنسان الموقوف عن إدراك الجمال يمثل حالة العجز وتلك هي موضع النهاية التي يعلو فيها الجمال الوهمي وهي هنا سطوة النظرة المطمسة بالظلمة و الفارغ كنهها من الروحانية حيث يصبح الإنسان عاجزا عن فهم الوجود ويعلن رحلة الإنغماس في الجسد ويستحضر جلالة المظاهر دون جوهرها كما لو أن نفسه قشة تطير في جوف عاصفة تسافر في ليل غزير الظلمة ظنا من أنها تسمو شرفا كما روح تثب بين المجرات. ..إنها حالة الإنسان الموقوف عن جلال الجمال الذي لايدرك الأشياء إلا من غاياته التي أوقدها سعير معتقداته المنصهرة بالجحود أو نواياه الخفية الضالعة بمقتل الإنسان في داخله .إن للضعف صنوفا.. ضعف مرجعه إلى تأخر النفس عن أداء شرفها القدسي وهو ضعف مارق وضعف ظلمي مرده لرداءة الفكر والمعتقد الذي يبيح الحقد والتعصب كديانة ..
والجمال معتقد الفرسان وعدتهم الفكرية التي تطرز جوارحهم بالنور وهو تلك السماء التي تعلو أفكارهم والتي تنهمر إنسانية ربانية على معاقل العقد والتشويش والإحتضار النفسي فكما تشرق الشمس على هذا العالم يشرق الجمال العلوي في النفس وكذلك معتنق الجمال يفعل في محيطه والجمال تجلي الحياة في أبهى الحلل العقلية فإن من يستوقفه الجمال العظيم يرفعه مكانا شريفا يصوغ الفكر بالسمو والترفع عن مبارزة صغائر الوقائع وهو القوة التي تمنع النفس من الغرق في مستنقعات الألسن الضحلة وهو حالة الجذب العقلية التي تؤخره عن المتقدمين في صراعهم على الدنيا وتقدمه على المتأخرين في صراعهم مع الدنيا..
والجمال مرجعية لكل كلمة وفكرة وإيمان فالجمال أعظم قدرة من أن ينحني للقبح أوأن يلج معركة كي يقتل شعورا أو حبا أو نفسا .الجمال هو الحياة وهو النور الذي لاتطغى عليه جحافل الحجب والأنفس المقتولة ..الجمال هو الأنا الخاضعة للمحبة ومن لايخضع للمحبة فهو عبد الكراهية..
إنك إن تنظر إلى الآخر فإن الجمال يوجب عليك أن تجعل رؤيتك مغايرة عما يشهده أولئك الموقوفة أنفسهم عن إعتناق الجمال إذ أنك تشاهد الحياة بعين القلب فلا يقذف الإضطراب بسكينة عقلك بل تفسر أقسى مآسيك بأنها فلول ليل مندحر أمام طلائع الشمس ..