عندما قرأت خبر اعتزام #Meta وقف خدمة المقالات الفورية على منصة فيسبوك، تذكرت توقيف #غوغل خدمة g+، ولم يخطر ببالي ميزان الربح والخسارة المادية، لشركة بهذا الحجم، بقدر ما شعرت بخسارة المهمة التي وجدت من أجلها هذه الخدمات، فأدركت حجم التحشيد_الإعلامي الذي كان الهدف، والذي سعت إليه فيسبوك، كما غيرها من الشركات، التي تقدم طقوس الطاعة للتوجهات السياسية الأميركية.
تأكدت وأنا أقرأ الخبر، أن مبادرة فيسبوك لاعتماد منهجية المقالات الفورية بدءاً من عام 2015، لم تكن بريئة، ولم تكن بهدف الربح المادي، بل كانت تهدف إلى استقطاب حشود كبيرة من الصحفيين تحت إغراءات النشر الفوري وعبر القفز خلفاً إلى نتاجات Web1 في المواقع الإلكترونية التقليدية، لاستثمار أطلالها التي تتهاوى تحت وطأة Web2، و Web3.
فشل التحشيد الإعلامي، حيث لم تصل الصفحات المهتمة بالنشر الفوري إلى أكثر من 37000 صفحة فيسبوكية، خلال ما يزيد على 7 سنوات، وبالتالي فشلت خطة تحشيد الصحفيين والمتابعين، تحت مظلة فيسبوك، أو اصطيادهم تحت إغراءات الإعلان والسبق الصحفي.
لم يكن سهلاً أن يتنازل الصحفي عن انتمائه لمؤسسته الإعلامية، ليقدم هذا الانتماء إلى منصة فيسبوك على طبق من فضة.
تساءلت وأنا استذكر شروط النشر بطريقة المقالات الفورية:
هل يمكن للصحفي الذي اكتسب احترام قرائه ومتابعيه أن يتقدم بطلب اعتمادية من شركة فيسبوك، حتى يحظى بقبول مواده في بوابة المقالات الفورية، وهو شرط أساسي؟.
الصحفي الذي طالما تأفف من مراجعة رئيس التحرير في مؤسسته لمادته، هل سيقبل من فيسبوك أن تتولى هذه المراجعة، وتقبل بعد ذلك أو ترفض المادة؟
على الجانب الآخر…
الصحافة تنتقل اليوم من صحافة النص إلى صحافة المحتوى، هذا المحتوى الذي لا يرى في النص أكثر من هامش، لأنه يعتمد بشكل أساسي على الصوت والصورة، فهل أدركت Meta متأخرة ذلك، حتى تتراجع عن دعمها للنص.
اعتراف ميتا بالخسارة ليس اعترافاً بخسارة مادية، بقدر ما هو اعتراف بفشل في التحشيد الإعلامي، وفي تأطير صحفيي العالم…
نستذكر هنا أن منصة تويتر التي وجدت لتصنيع الحشود البشرية عبر التغريدات التحفيزية والتحريضية، الخالية من أي عمق تفكيري، والهاشتاغ المغري، وبالتالي فهي لم تكن مجرد شركة صحفية أو اقتصادية، بل كانت اجتماعية، إلا أنها لم تحقق الهدف الذي وجدت من أجله، وها هو “إيلون ماسك” يستحوذ عليها ليعيد صياغتها بطريقته الخاصة، ويضعها في مسار آخر بعد أن امتلك عبر سوق البورصة.
بقي أن نقول أن خدمة “المقالات الفورية” تتيح للمواقع الإلكترونية نشر مقالاتها عبر تطبيق فيسبوك على الهواتف المحمولة، بعد تجريده من كل خصائصه، بحيث لا يحتاج المتلقي لأن ينتقل إلى رابط الموقع الإلكتروني.
هذه الخدمة لم تحظ بقبول صحفي، كما كان متوقعاً، ولا أدل على ذلك من أن صحيفة الغارديان البريطانية أوقفتها بعد عامين من اعتمادها، وهو ما فعلته لاحقاً، صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.