تتسابق المنصات والتطبيقات والبرامج في تقديم خدمات وخصائص مختلفة لتكون ميزة جذب ومفاضلة، تستثمر فيها بشكل اوسع في الجمهور الذي ينقسم بحسب،رغباته ومتطلباته، ويعد الفيس بوك رائدا في هذا المجال.
أحد أهم ابداعاته فكرة استعادة الذكريات فضلا عن التذكير بها.
في معظم الايام تظهر لك قائمة تشير الى اعياد ميلاد بعض اصدقائك او مناسبات تخصهم، وبين الحين والآخر يعيد إليك احد المنشورات او الصور التي مضى عليها عشرة او خمسة سنوات، ومن المؤكد ان هناك محددات خوارزمية لفعل التذكير هذا.
وفي ظل هذه الخاصية تنفتح عدة اسئلة معرفية وعملية تقتضي البحث الجاد والتأمل فيها: فهل يمكن احتساب هذه الخاصية فعلا تذكريا، ينطبق عليها ما ينطبق على الذاكرة من خصائص سبق ان اشرنا إليها في مناسبة سابقة؟ هل يتساوق مع فعل التذكير هذا، نشاط تذكري فينا، يوازي ما قام به الفيس بوك ونكون قد استذكرنا معه على نفس الوزان، ام ان الصورة المذكر بها تحمل خاصية مشاهدة اللحظة التي ظهرت فيها، وبالتالي هي آن جاري، قد نمارس فعل تذكر له بعد وقت لاحق؟ هل يمكن تحقيب فعل التذكر من خلال هذه الممارسة، فيصبح لدينا فعل تذكر قصدي يستعيد لنا صورا مميزة على رأس كل عشر سنوات او اقل او اكثر، وهل يمكن لذاكرتنا ان تعمل من خلال هذا التحقيب دون فعل استثارة او اقتران بمحفز؟ هل تساهم هذه الخاصية في تنشيط ذاكرتنا ام في بلادتها، والاستعاضة بالذاكرة الالكرونية تدريجيا؟ ماذا لو اصبحت ذاكرة مجتمع ما، عبارة عن مدونة الكترونية اعتبارية لا وجود لها في ارض الواقع، فهل يبقى له وجود متماسك؟ هل تتشكل هوية خاصة بالذاكرة الالكترونية وبالتالي نحن أزاء هوية بديلة او هويات متعددة تتشكل على وفق الذاكرة الالكترونية؟ ماذا عن النسيان الذي يعمل فينا بخاصية تختلف عن آلية فعل الذاكرة الالكترونية، فنحن نتذكر ما نريد نسيانه وننسى ما عداه، فعلى اي اساس تعمل الذاكرة الالكترونية وهل تتذكر ما تريد نسيانه وتنسى ماعداه، اي هل ان الخوارزميات التي اعدها البشر قائمة على هذا الاساس؟ ماذا عن المسؤولية الاخلاقية في وقوف الذاكرة الالكترونية بوجه الغفران من خلال تنشيط الذاكرة عمدا ودون وعي للعواقب بقضايا كنا نشرناها في لحظة ما ونريد ممارسة الغفران تجاهها الآن وطي صفحتها او على الاقل تناسيها؟ ما هي العلاقة بين متطلبات التسويق وفعل التذكير الالكتروني، وهل يخرج هذا التسليع فعل التذكير الالكتروني من مجاله الانساني ويصبح مجرد استراتيجية تجارية؟
هذه الاسئلة وغيرها تفتح المجال واسعا للبحث في هذا الموضوع الشائك والمعقد الذي يصطف الى جانب قائمة اخرى من الموضوعات الحساسة المستحقة معرفيا.
الصورة تذكير لمقابلة تلفزيونية مضى عليها اكثر من 14 سنة وكانت قد نشرت في 2013