أمريــكا اختـــطفت أوروبا ، وخاضـــت الحـــروب ، لاختـــطاف العـــالم وســـرقته
فهل ستخطف حربها على سورية ، فرادتها القطبية ، وتزيح وصايتها على المنطقة ؟
أمريكا التي خسـرت حـربها التي جيشـت لها الدنيا ، ستخـسر حربها ( الاستدراكية )
المحامي محمد محسن
العالم يعاني اختلالاً كبيراً ، فكرياً ، وسياسياً ، وأخلاقياً ، واقتصادياً ، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ، حيث اختطفت أمريكا أوروبا ، ونصبت نفسها وصية عليها من خلال مشروع / مارشال / ، حيث أفقدت أوروبا دورها ، وتوازنها ، وأسواقها ، واستقلال قرارها السياسي ، ولكن عندما سقط جدار برلين ، وتفكك الاتحاد السوفييتي ، اختل توازن العالم فاختطفته كله ، وتفردت بالقطبية الواحدة .
ومنذ ذلك الزمن وضعت أمريكا التاريخ على رأسه ، وراحت تجتاح كل القارات كوحش همه الافتراس ، والسيطرة .
……………….فماذا فعلت أمريكا بعد تفردها في حكم العالم ؟؟؟
مزقت البلقان ، وفتتت شرق أوروبا بالثورات المخملية ، وأشعلت الثورات الملونة في جورجيا ، وأوكرانيا ، وأسقطت البارحة بوليفيا “مورالس” ، وهي لاتزال تسعى لإسقاط ” مادورو ” .
ثم خصت الدول العربية بحروب الفوضى الخلاقة ، والربيع العربي .
كان العراق مقصدها الأول ، فقتلت مئات الآلاف من شعبه ، وجوعت وشردت الباقي ، ولكن الأمر والأدهى ( سرحت جيشه ، ومزقت وحدته الوطنية التاريخية ، إلى طوائف ، وقوميات) فاغتالت بذلك طاقاته ، وروحه الوطنية ـــ القومية ، وهذه كانت غاية الغايات ، والهدف الأول عند أمريكا ، واسرائيل ، وممالك الخليج ، أما النفط فيأتي خامساً .
وجاء الدور على سورية (درة الشرق) كما قال أمير الشعراء شوقي [ وعز الشرق أوله دمشق ] ، نعم من يسيطر على سورية ، يسيطر على شرق البحر الأبيض المتوسط ، ومن يسيطر على البحر الأبيض المتوسط ، يمسك مفتاح بوابة الشرق .
لذلك جهزت أمريكا حرباً على سورية لامثيل لها في التاريخ ، من حيث عديد الدول المشتركة , والمشتبكة ، واستخدام الاسلام السياسي الأسود ، الذي تم إعداده قروناً من الغرب لحرب ـــ الذبح .
نعم ما مرت به سورية عبر سنوات تسعٍ ، من خوف ، وذبح ، وويلات ، وموت ، ودمار ، وتهجير ، وسبي ، وجوع ، وتشرد ، وغيرها ، لم يحدث لدولة في الدنيا من قبل !!، عشرات الآلاف من جبهات القتال والموت من غرفة إلى غرفة ، ومن بيت إلى بيت ، ومن زقاق إلى زقاق ، ومن قرية إلى أخرى ، الموت والدمار في كل مكان .
والجيش العربي السوري ، وحلفائه ، يخوضون آلاف المعارك من غرب البلاد وصولاً إلى شرقها ، انهزم الارهاب ، وانهزمت معه أحلام الدول المعتدية ، وعلى رأسها امريكا الدولة الباغية ، ومجنون من يعتقد أن جيشنا المنتصر ، سيقف دون تحرير شرق الفرات ، وطرد الفلول الباقية من المعتدين ( الأمريكيين ، والأتراك ، وقسد العميلة )
هذا النموذج الفريد من حروب التوحش ، وهذه الخسرانات ، تدلل على أن حضارة الغرب الرأسمالي التي تقودها أمريكا ، في طريق الافلاس الأخلاقي ، وفي مآزق اقتصادية ـــ سياسية ، وفقدان صدقية .
بعد أن أخضعت لسيطرتها عقوداً ، صندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي ، وألحقت الاقتصاد العالمي بالدولار ، وتحكمت بالمنظمة العالمية للتجارة الدولية ، كما تحكمت في البورصة العالمية .
وها هي من خلال حروبها العسكرية ، والاقتصادية البديلة ، ستدفع الدول بحكم الضرورة إلى زحزحتها عن جميع مواقعها ، وأماكن سيطرتها .
بعد هذا الاستعراض ، هل يمكننا اعتبار الخسارات الاستراتيجية التي منيت بها أمريكا في الشرق العربي ، والتي لم تؤد فقط إلى حالة اهتزاز للصدقية الأمريكية ، بل إلى اهتزاز الثقة بمدى جدوى حمايتها لمحمياتها في الشرق ، وبخاصة اسرائيل ، وممالك الخليج ، كل هذا سيؤدي
إلى ضمور الوصاية الأمريكية ـــ الأوروبية ، على المنطقة ؟؟؟ .
وأن هذا الخسران المبين كله ، قد حدث على الأراضي السورية ، ( التي جعلها التاريخ كميناً أسقط فيها الفرادة الأمريكية المتوحشة ؟؟ ) .
من هنا يمكن أن نفسر بجلاء ، الدخول السافر ، لأمريكا ـــ واسرائيل ـــ وممالك الخليج ، على التحركات الشعبية في لبنان والعراق ، ( كما أكد ذلك فيلتمن ) ، ومحاولة اختراقهما ، وحرفهما عن مسارهما المطلبي المشروع ، من خلال حرب ( استدراكية ) ( احتياطية ) أو الخطة ( ب ) التي تحاول أمريكا من خلالها استدراك ما خسرته في حروبها العسكرية ، وهذا بات من المحال .
ونختم ونقول :
أمريكا التي قادت شعوب العالم إلى البربرية ، سيكون ميدان المشرق العربي مكان هزيمتها ، وولادة القطب المشرقي ، الذي سيحقق التوازن العالمي ، والتوازن العالمي طريق الحرية الوحيد .