أغرقتُ نفسي بأكوامٍ من التّعب
…………………وضاع عمريَ بين الطرس والكتب
وكم أماسٍ على شطّ الرؤى سهرت
………………..تُسامر النجم تحكي ضَيعةَ الأرب
تأتي تلوبُ على أبواب غفلتها
………………..لتجتلي الحسن من صيّارة العطب
وترسم الحرف شعراً طاب مسمعه
……………….يزهو به الفكر توّاقاً إلى الطرب
فرحتُ أسبح فوق الغيم أُطرِبه
……………….كأنّني الشاعر المجبول من ذهب
وكم نسجتُ قوافٍ ألهبت شغفاً
…………….لُبَّ العذارى وشَعري بعد لم يشب
دانت لخفق حروفي كلّ قافيةٍ
……………تجني زهور الهوى من روضيَ الخَصِب
سقيتها عمر أيامي فما رُيَت
……………….من الأماني ولا مالت إلى سبب
فرحتُ أُمطرها دمعي وتعصف بي
……………….رياحها الهوج في دوّامة الصخب
فكلّ ساريةٍ تلهو بأشرعتي
…………….ويلحق الوهن مجدافي من الوصب
فجئتُ أُطعم نفسي بعض خيبتها
……………من القصائد ما ألوى عن الطلب
خِلتُ المعارف لي في وصلها سببٌ
………….يرقى إلى الغيم أو يعلو على الشهب
لكنّني اليوم أخطأتُ السبيل وها
……………..أكاد أصرخ وا ذُلّي ووا حَرَبي
ضيّعتُ عمري على أشياء قيمتها
……………صفراً لدى القوم في حسبان محتسب
لا الشعر يوقظ إحساساً بداخلهم
………………كلّا والا الحكمة الغرّاء من أدب
يا رائد الشعر صوت الشعر منخنقٌ
……………..على لهاتي من الآهات والنوب
أغفت قوافيه في أرضٍ تناهبها
……………..فدمٌ تحدّر من أدران محتقب
لا يحفظ البئر قطراتٍ مدلّهةً
……………..من عابثين بماء البئر والحبب
كم من غنيٍّ ضياء الشمس مئزره
……………ونفخة العزّ من أخلاقه كنبي
وكم فقيرٍ لجمع المال همّته
………….يسترغد العيش في دنيا من الكذب
يمشي بها مرحاً لا الأرض تحمله
………………توارث الشرَّ من أمٍ بغت وأب
يا حاديَ الفكر قل للفكر مبتسماً
……………..صبراً وإن أثخنتنا شوكة العطب
واسلك سبيل الأُلى عافوا مفاسدها
……………..إلى الدنيء فنالوا غاية الأرب
من حرّر الفكر من أحقاد مشتبهٍ
……………..لا بدّ يعلو على عرشٍ من الرتب
عيسى محمود ابراهيم