الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة سكاي نيوز عربية بالأمس قال:
[ من الناحية النظرية كان ممكن تفادي هذه الحرب لو أننا خضعنا لكل المطالب التي كانت تُطلب أو تُفرض على سورية بقضايا مختلفة، في مقدمتها التخلي عن الحقوق السورية، وعن المصالح السورية، لذلك أقول من الناحية النظرية لأننا من الناحية العملية لن نذهب بهذا الاتجاه. لكن لو افترضنا أننا سنذهب، فهذا يعني أننا سنتفادى الحرب ولكن سندفع ثمناً أكبر بكثير لاحقاً…]
▪︎كلامٌ فيه نضج فكري ودراية وفهم بمدارك الحكم والسياسة، يذكرنا بمقولةِ الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
{ ليسَ الفطِنُ من عرفَ الخير من الشرَّ، وإنما الفَطِنُ من عرف خير الشَّرّين..}
لو كانت الحياة تضعنا دوماً في خيار بين الخير والشرّ لتفضّلت علينا كثيراً، فخيارٌ كهذا رفاهية ليست متاحة على الدوام، ولكنها في كثير من مواقفها تضعنا بين أمرين أحلاهما مرُّ،
واختيار خير الشّرين ليس مبدأً من مبادئ العقل فقط، وإنما مبدأ من مبادئ الشريعة أيضاً، وما استحسن العقل السليم رأياً إلا وكانت الشريعة قد سبقته إليه، فحين خرق الخَضر سفينة الصيادين المساكين، استهجن سيدنا موسى عليه السلام فعلته هذه، لأن الفطرة السّوية ضد الشّر مهما كان صغيراً، *ولكن الخَضر أُمِر بخير الشّرين،* والقرآن أشار للمعنى بقوله تعالى على لسان الخضر:
¤وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي¤..
إمّا أن يخرِق السفينة فتنجوا وتبقى لمالكيها، وإمّا أن يبقيها سليمة فيسلُبَهم الملكُ إيّاها،
والفهم والعقل هنا يقول أنّ سفينةً مثقوبةً لأهلها تُصلَح على الشاطئ فيما بعد، خيرٌ لهم من سفينةٍ سليمةٍ ومسلوبةٍ عند الملك..
نافلة القول:
إنّ من تمام النضج أن نعرف أن الدنيا في مرحلةٍ ما لا تغدو أسود وأبيضَ فقط، وخيراً وشراً فقط، هناك لون رمادي ليس له علاقة بالنفاق بقدر ما له علاقة بالفهم، وعندما توضع المبادئ في كفّة والمصالح في كفّة…فماذا ستختار؟!…