قصيدة من الشاعر الجزائري الحسن الواحدي ..الى روح الأستاذ الموسوعة الفذّة والجوهرة العلمية النادرة ..عالم مختص في القضايا الاجتماعية ويعشق التاريخ عشقا يغبطه عليه المؤرخون، فيجد دائما في كتاباته ومداخلاته فرصة لتطعيم تحليله الاجتماعي الرصين باستدعاء التاريخ بأعلامه التي يحفظها عن ظهر القلب، والاستشهاد بمعالمه التي قرأ عنها في مصادرها، وعاينها بنفسه في أسفاره ورحلاته في المناطق الجزائرية المختلفة.
توفي الدكتور سعيد عيادي أستاذ علم اجتماع المعرفة بجامعة البليدة إثر سكتة قلبية،
أيَرْثِـي الزَّوْرقُ الْبَحْرَا ؟ ** وَيَنعـي الْعَابرُ الْجسْرا ؟
قد استحييْتُ إجلالا ** إذا أرثيك مُضْطَــــــرّا
فما كنتُ بلا عهْدٍ * * ولا كابرْتُ مُغترَّا
ولكنْ ذمّة ترعى ** وعهْدٌ عزّ أنْ يُفرى
فعذرا لَوْ هفـا قلبي ** وَسالت دمعتي الحرّى
وما قاومتُ تسليمًــا ** ألا فلتقبلِ الْعذرا !
وهل في الشعر ما يكفي ** ضياءً في المدى حُرّا ؟
فسيحٌ في مراعيـهِ ** وفي ساحاته أضرى
إذا ما فُضْتَ في علم** فأنت النبع والمجرى
تعيدُ الآن أحداثًا ** على أسماعنـا جهْرا
وتفليهـا بلا سَهْوٍ ** فتغدو للورى ذكرى
عرفنا فيك إنسانا ** بسيطا طيّبا بَرَّا
محيَّاه مصابيحٌ ** تشيعُ الخير والبشرى
وإنْ تُسْألْ فلا ريبٌ ** فأنت الأعلمُ الأدرى
وإنْ خاطبْتَ أفهامًـا ** فلا تشقى ولا تعرى
تراهـا فيك قدْ تاهتْ ** من اليمنى إلى اليسرى
إلى علم بلا حدٍّ** وأمواج أتت تترى !
يسيلُ الفكر مدرارا ** وقد أنزلْتـهُ قَطْرا
لبست العلم سربالا ** وأضحى ثوبك الأطرى
ورثْت ابن خلدون ** وكنتَ التابعَ الأثرى
وقد أحييتَ ذكراهُ** وصُنْتَ كنوزهُ الْعَذْرا
لحاها الله أخبارا ** (سعيدٌ) في اليدِ الأخرى !
كأنّ الموتَ غدّارٌ** أيختارُ الفتى الأحرى
تركت القوم في بلوى ** أُسَارَى محنة كبرى
قد ازدادوا إيلامًا ** وقد غادرْتهمْ سـرّا
فَلوْ أخرتَ أنْ ترقى ** فأنت الفارسُ الأضرى
تسلِّي من به ضـرٌّ ** وتطفئُ فيهمُ الجمرا
جزاك الله إكرامًا ** على أفعالك الخضرا
على أخلاق ذي تقوى ** وَفذٍّ واسعِ المسرى
أفاضَ العلم رقراقًا ** وَأحيا العلم والفكرا
ستبقى جدولاً عذبًا ** كفاك عطاؤُهُ ذُخرا
مكتب الجزائر – ابو طارق الجزائري