في صباح هذا اليوم الجمعة، ومن خلال التأمل في مجموعة من المظاهر المتعلقة بالمسير الى الحسين (ع) مثل حركة السائرين والمواكب واصوات الاناشيد الحسينية، وجدت ان هناك عدة صلات وروابط ولواحظ بين الامام الحجة وزوار الحسين، اعرض لها في الآتي:
١- إن القاصدين الى الحسين عليهم السلام ضيوف في حضرته، وان الذين يقدمون الضيافة وآداب الاستقبال ينوبون عنه في خدمة هؤلاء القادمين، بوصفهم مواليه ومحبيه ومتشرفين بالنيابة عنه في هذه الخدمة، ونيابتهم اعتبارية إلا ان الامام المهدي عجل الله فرجه صاحب الدار وابن الحسين عليه السلام ووراث الإمامة، لذا فهو كبير المضيفين وسيد المستقبلين، وإلتزامه تجاه جده الحسين يقتضي ان يستقبل ويرعى ويودع كل زائر قصد الحسين بصدق واخلاص، وسوف تكون مراسيم ورعاية الاستقبال على قدر اخلاص نية الزائر وحجم العناء والتعب الذي يلاقيه والمشقة، فمن الممكن ان يكون قدر احد السائرين الى الحسين، ان يستقبل من باب داره، ويكون المهدي رفيق طريقه في كل المسير، وهنا لا اتحدث عن فكرة خفاء العنوان (اي ان المهدي يحضر معه بعنوان غير معروف وإن كان هذا ممكنا) إلا اني اتحدث عن مرافقة معنوية وإحساس عميق بالمعية وتيسير التدابير المتعلقة به.
٢- في طول النقطة السابقة، فإن الاحساس واليقين بأن الذي يستقبل القاصدين الى الحسين هو الامام المهدي وهو القائم على ضيافتهم حقيقة، يعطي الزائر احساسا عظيما بالكرامة لان مضيفه الامام بقدره وعظمته، وفي الجانب الآخر يلزمه بالتصرف بما يليق بهذه النعمة لجهة انضباطه وطريقة تعبيره عن حبه وتصرفاته خلال الطريق وعند حضوره بين يدي الامام الحسين عليه السلام في مشهده الشريف.
٣- ان مراسيم الخدمة العظيمة التي تزداد كما ونوعا في كل سنة، وهي تسجل صورة ملحمية عظيمة، والتي يحفها الكثير من التحديات مثل عوز البعض وعسر ذات اليد وصعوبة الحصول على المواد الضرورية وغيرها من الصعوبات، منظورة ومرعية من قبل الامام الحجة سيد المضيفين وصاحب الموكب الاعظم، لذا فلتقر عيون كل الذين يخدمون بإخلاص انهم بعين الامام وتحت رعايته، وهو الكفيل بتيسير كل الامور.
٤- ان مسيرة المشي العظيمة الى الحسين وكل القاصدين إليه بمختلف الوسائل هي تعبير مستمر ودائم لنداء الاستغاثة الحسينية (ألا من ناصر ينصرنا.. ألا من ذاب يذب عنا)، حيث صوت الجميع (لبيك يا حسين)، وهذه التلبية تقع في إطار الثأر للامام الحسين واهله بيته، والامام المهدي هو الطالب بذحول الانبياء واولاد الانبياء، وهو ولي دم الحسين عليه السلام وصاحب الحق الخاص به، لذا فإن هذه الاستجابة تأتي في اطار تلبية دعوة الامام المهدي لمحبيه ومواليه للقصاص من قتلة الحسين وقتلة كل الانبياء والاوصياء على طول تاريخ الصراع بين الايمان والكفر.
٥- كنا قد تبنينا بقوة الاطروحة التي تؤكد، ان ظهور الامام عجل الله تعالى فرجه موقوف على الشرائط وليس على العلامات، وان العلامات تتحقق تباعا لإستكمال الشرائط، فمن المخالف للرحمة الربانية، ان تكون كل الشروط الخاصة بالظهور مستكملة وتتخلف العلامات، وان من بين اهم الشرائط وجود قاعدة مستعدة للتضحية بين يدي الامام وتحمل المسؤولية، وهذه القاعدة تقتضي درجات عالية من الايمان والتربية والاخلاص، والمسير إلى الحسين بإخلاص ووعي احد اهم التدريبات والمؤهلات التي تبني وتعضد الجانب الايماني وقدرات الفرد ودرجة استعداده لغرض المثول بين يدي الامام الحجة والاستعداد لنصرته، ومن هذه الزاوية تكون هذه الممارسة العظيمة احد اهم المعجلات في فرج الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه.
٦- ان هذه المقامات واللواحظ اكدت بما لا شك فيه، ان هذه التظاهرة الربانية العظيمة منظورة ومرعية وبإدارة من قبل الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه والذي يرتب بدوره عدة أمور من اهمها:
أ. ان جميع الفعاليات والسلوكيات والنشاطات بما فيها الاناشيد والعزاء واللطم والممارسات التي يقوم بها الزوار، لا بد ان تكون منضبطة شرعا، بعيدة عن الغلو والبدع، قائمة على دين محمد وآله، ومستنة بسننه، ولا يجوز تحت اي تبرير خلاف ذلك.
ب. ان حضور الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه، بوصفه كبير المضيفين، يقتضي درجات عالية من الادب من (الضيف وخدمة الامام الحسين)، والذي يفترض إلتزام درجات عالية من الصبر والتحمل والاحساس بالمسؤولية.
ج. ان هاجس الرياء او حب الظهور لدى بعض الحاضرين في هذه التظاهرة الربانية، يجعلهم مبعدين ومقصيين من رعاية الامام المهدي والحسين عليهما السلام فضلا عن إحباط الاجر من عند الله جل وعلا.
٧- ان هذه المسيرة العظيمة بنفحاتها الايمانية وأجوائها الربانية، توفر فرصة مثالية لتأمل المؤمنين في احوالهم واحوال الأمة، والاسباب والموانع التي تحول دون ظهور امامنا الحجة عجل الله تعالى فرجه، وتفتح نقاشات واعية حول المخاطر والتحديات الاخلاقية والفكرية والسياسية والامنية التي تلاحق المؤمنين من اعدائهم، والمخططات الخبيثة التي تتزايد ضد خط الايمان، وفي ذات الاتجاه تدفع المؤمنين لرفع الايادي بالدعاء لحفظ ورعاية الامام وسلامته، وتعجيل فرجه الشريف.
ملاحظة: ان قائمة هذه المقامات واللواحظ يمكن ان تطول كثيرا، ولكن رعاية للاختصار، ولفتح باب التأمل في هذه العلاقة، اقتصرنا على هذا القدر.