إن معيار الجمال من قبحه هو معيار السلوك البشري من حيث التواصل و التآلف و التعايش السلمي بين الإنسان بتلقائية دون تصنع أو كلفة نفسية ، و دون خنوع و تحقير ذاتي ، و كلاهما يعتبران ظاهرة مرضية اسبابها الحقيقية و المباشرة هو اختلال التوازن النفسي داخل الشخصية الإنسانية ، كما أنهما مقياس الشمولية الإيجابية أو السلبية للنظرة البشرية للكون ، مما يجعلها مؤثرة في صناعة منظومة المعاملة الإنسانية من أخلاق و مبادى قيمة ، و معاملة حسنة و كلمة طيبة ، و قضاء حوائج الناس ، و المعاملات المالية و المادية ، و مد يد العون للغير ، و العكس كذلك كالعداوة و الكراهية ، و تشوه المشاعر ، و دمار الإحساس بالأمن و الأمان و بناء العلاقات على اساس المصلحة فقط دون اعتبار المعاملات الإنسانية .
غير أنه في الوقت الآني ، نجد أن معيار الجمال و الجلال ذلك قد تكسرت قواعده ، و تلطخت رسائل الإنسانية فيه ، فأصبحت كلها تدعو إلى العنف و نصب المكائد لدرجة أنه تتم اختراعات جديدة و خطيرة لدمى متحركة مبرمجة على العنف و القتال لا ترقى لصفة الإنسانية بأشكال غريبة و قبيحة ، و يتم ترويجها في تربية أطفالنا ، بعدما كانت الرسوم المتحركة تلعب دورا اساسيا في تلقين أسس التربية و الرقي الأخلاقي مع التربية الموازية للأسرة و المدرسة ، فأصبح للحيوانات قيمة سلوكية لجمالها ، كاسرة بذلك كل المقاييس النفسية و الذهنية الجمالية للإنسان ، مما جعل الانسان يميل إلى تربية و مصاحبة الكلاب و القطط و غيرها من الحيوانات القابلة للتطويع و التربية على معاشرة بني البشر ، لأنه قد يجدها آمنة و مرغوب فيها اكثر من غيرها ، كما انها تخلو من قبح الاستغلال النفسي و العاطفي المادي ، و تخلو أيضا من كل مقاييس القبج الإنساني كالغدر و الخيانة و سوء لمعاملة ، لدرجة انها تكون أكثر صدقا في معاملاتها و تجاوبها ، و أفضل تفاعلا و وفاء مع صاحبها من معاملة بني البشر !
إن معيار الجمال و الأناقة النفسية الخالية من النرجسية و الأنانية المرضية و سوء النية تحتاج لتجديد عقود التربية و الرقي الأخلاقي حتى تتمكن البشرية أن تسترجع انسانيتها المعقولة ، و يكون للحضور الأخلاقي معنى فعلي ، إذ إن بشاعة المعاملة الإنسانية لا تلتئم و الجمال الروحي ، لأنها بكل بساطة قبح متسلط و مرض معدي يصيب الإنسان في حياته فيجعل منه وحشا آدميا يسير على الارض فيؤثر في الخليقة بسوء معاملته ، فيتحول كل من حوله إلى دمى وحشية تفسد و لا تصلح .
الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي