•• بسام جبلاوي .
في ال 16 من تشرين الثاني من كل عام، ترتدي مدينة اللُدّ حلة العيد حيث يحتفل أهل فلسطين ( مسيحيين ومسلمين ) وغيرهم من زوار مدينة اللد بعيد ( مار جرجس ) الذي يسمّى بالعامية ” عيد لد ” ، أو ” عيد الخضر ” ، تمارس فيه تقاليد وطقوس وتقدم النذور، كما تشمل الاحتفالات التي يحضرها الآلاف من جميع بقاع العالم، صلوات ليلية وصباحية، وَيعم الفرح والسرور في هذا اليوم على مدينة ( اللد ) أجواء كرنفالية، تفتقدها المدينة على مدار السنة .
و ( اللد ) التي تشهد هذا الحدث الديني والوطني، من أكبر وأقدم مدن فلسطين التاريخية، تقع على بعد ٣٨ كم شمال غرب القدس، أسسها الكنعانيون في الألف الخامس ق . م ، اتخذها عمرو بن العاص عاصمة الجند لفلسطين عام ٦٣٦ م ، اكتسبت شهرتها من وجود قبر القديس (جاورجيوس)
وتعود أهميتها بأنه على بابها يُدرك السيد المسيح عليه السلام، الدجالَ فيقتله؛ قال المعلّى بن طريف مولى المهدي :
يا صاحِ إني قد حججتُ وزُرتُ بيت المقدس
وأتيتُ لُدّاً عامداً في عيد ماري سرجس
فرأيتُ فيه نسوةً . . مثلَ .. الظباء الكُنَّس
وَجاورجيوس ( مار جرجس ) ومعنى اسمه الحارث، ولد في أواسط النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي، اعتنق المسيحية وجاهر بها وأخذ يدافع عن معتنقيها، اشتهر بانتصاراته في الحروب حتى لُقِّبَ ب ” اللابس الظفر ” ، أو ” الظافر ” ، وَ ” المُظَفرَّ ” ، دافع بحماسة عن أبناء مجتمعه وعن معتقداتهم، متحدياً الامبراطور ( دقلديانوس ) الذي كان يضطهد المسيحيين ويعذبهم ، وحاول الأخير أن يثنيه عن عقيدته المسيحية بالوعود الخلابة والترقية إلى أعلى المراتب وبإغداق الأموال عليه .
ولكن ( مار جرجس ) رفض كل هذا في إلحاح وحزم، فأمر الامبراطور بسجنه وتعذيبه، واستعملوا كل طرق التعذيب حتى يتراجع وَ يقبل عرض الامبراطور، ولكن دون جدوى، فأمر بقتله .
وَ ذاع خبر استشهاده وَجرأته النادرة في كل أرجاء الإمبراطورية، ولذلك دُعِيَ : ” العظيم في الشهداء ” ، و”أمير الشهداء ” .
وَ من ألقابه ” سريع الندهة ” لمقدرته العجيبة على حل المشاكل .
بني ضريح له في اللد وأقيمت فوقه الكنيسة التي شيدت على اسمه وَتخليداً لذكراه ، تسمى كنيسة الخضر، أو مار جرجس ، تُعدُّ من أجمل الكنائس في العالم .
وَ يشغل القديس ( مار جرجس – أو – الخضر ) مكانة مقدسة عند المسيحيين والمسلمين أيضاً، وله مكانة كبرى في العالم كله ، اتخذه الأوروبيون شفيعاً، أما الروس فكان شعاراً لهم يرسمون صورته على حصونهم، يُعد حامياً لهم .
ويعتبر يوم 11 / 16 من كل عام ذكرى عيد اللد وهو ميعاد جني الزيتون وموعد البذار ، وقد يسبقه بأيام قبلها أو بعدها تسقط عادة أمطار لابأس بها، تزرع التفاؤل عند الناس بعام خير وخصب، وإلا فالصيف جاد حاد، لذا ضُرب المثل :
– عيد لد يا مطر بيهد يا صيف بجد .
ويتربع عيد اللد بالوسط ما بين عيدي الصليب الذي يسبقه ب ٤٠ يوماً ( ٢٧ / ٩ ) وَ عيد الميلاد الذي يجيء بعده ب ٤٠ يوماً ( ٢٥ / ١٢ ) .
ومن هنا تطل الأمثال الشعبية بأعناقها :
– في عيد لد ، اللي ما شدّ يشد .
أي : ان الفلاح الذي لم يتهيأ بعد للحرث والبذر
عليه أن يسارع إلى ذلك .
– ان أوسمت عَ عيد لد احرث وقد .
أي : ان أمطرت وأصبحت الأرض رطبة احرث
وابذر .
– في عيد لد كل شداد يشدّ يا قبله ب ١٥ يا بعده
ب ١٥ .
والمعنى :ان عيد لد هو الفترة المناسبة لإعداد
الأرض للزراعة والاستعداد لذلك .
– في عيد لد شد يا فلاح شد ما بقى للشتا تعد .
أي : ان الشتاء قد بدأ .
– في عيد لد يا بتخد يا بتقد يا بتطلع عَ الجبال
تهد .
– في عيد لد احرث وشد .
– يا عيد لد يا قمح المواليدي .
– عيد لد قد و جد .
اللاذقية 2023 / 11 / 14 بسام جبلاوي .