ﺣﺴﺎﻡ ﺧﻠﻒ
ربما لم يكن أبو فراس الحمداني ملتفت إلى أنه يبرز السمة الأهم من سمات الشخصية الحدية لدى العرب حين قال :
نحن قوم لاتوسط بيننا …لنا الصدر دون العالمين أو القبر.
فعلم النفس لم يكن ناضجا حينها ؛ لكن الدكتور علي الوردي المعروف يجادل في عدد من كتبه حول اضطراب الشخصية الحدية وازدواج الشخصية لدى كثير من العرب .
كان لي صديق أعتبره من خيرة الأصدقاء وهويعاملني على أني كذلك لكن الكورونا اللعينة كشفت لي علامات الشخصية الحدية لديه .
ربما نسي الكثير منا الالتزام بالإجراءات الصحية ومد يده للسلام ففاجأه الآخر بالرفض وهذا طبيعي جدا وبالنسبة لي واجهت الموقف وقدمت أنا الاعتذار لنسياني الإجراءات أو إهمالها لكن صديقي انفعل حين قلت له :الكورونا ،واضعا يدي على صدري وقال بحدة :لماذا لاتلبس كمامة وتلتزم ببقية الإجراءات ثم جادلني أمام شخص حاول إصلاح الموقف أننا يجب إما أن نلتزم مئة بالمئة أو لانلتزم وطالبني أن أتحلى بالنضج.
في الحقيقة لايمكن الالتزام الكامل بالإجراءات ولو تمكنا من الالتزام الكامل لتوقف الوباء والمسألة نسبية وصاحب الالتزام الأكبر يستحق أن يعطى العلامات الأكثر وهذا المبدأ يدخل في جميع مناحي الحياة .
مثل هذا تجده في السياسة ؛يريدونك إما مواليا حد العبادة أو معارضا حتى الشقاق .ولاحلول وسط في ذلك إما معهم أو عليهم وياويح ويحك إن تأكد أحد الأطراف أنك مع الآخر حسب أوهامه!!
دينيا أيضا يتم تصنيفك إما مؤمنا أو فاسقا ولايوجد حد أعلى وحد أدنى ولايوجد متدين مقبول التدين ومتدين جيد …إما أن تكون جيدا جدا أو أنت سيء الدين ولم يحسن إسلامك أولربما اتهموك أنك مدغل من الأول ولم يلامس الإيمان شغاف قلبك.
حتى الليبرالي الذي يدعو للحرية الفكرية والسياسية إما أن تكون معه ليبرالي الهوى والمزاج والطباع وحتى الأقوال أو تكون متخلفا ماضويا جاهلا !!
ولك أن تتخيل جمال الحياة وبساطتها في المجمع الحدّي فتأمل يارعاك !!