نستنتج أن آرام سرياني و لغته سريانية لغة آبائه و أجداده .
ثانياً : إن الآراميين هم عرب أيضاً بالإضافة لكونهم سريان .
و ليس أدل على ذلك من نسب الرسول الأكرم الذي قال : ( أحبوا العرب لثلاث لأني عربي و لأن القرآن عربي و لأن لغة أهل الجنة العربية) .
و الرسول الأكرم كما هو معروف يعود نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم .
و سيدنا إبراهيم كان آرامياً أي أن نسبه يعود إلى آرام بن سام بن نوح .
فكيف يكون الرسول الأكرم عربياً و جده إبراهيم الآرامي ليس عربياً ؟
– إن الآرامية فرع سكاني عربي , و ليست لغة أو لهجة .
– إن لهجة الآراميين هي السريانية نفسها . و لا يجوز أن نقع في الخطأ القاتل الذي وقع به جميع المؤرخين و هو الخلط بين التفرعات في النسب و التفرعات في اللهجة . فالسريان المتأخرون من حيث النسب هم آراميون وهم امتداد لسوريان حفيد آرام و لكن السريانية ليست امتداداً للغة الآرامية . إن الانتشار الواسع للآراميين في شبه الجزيرة العربية , و موقعهم الذي يقطع طريق القوافل و التجارة الدولي القادم من جنوبي اليمن , و الصاعد إلى شمال شبه الجزيرة و بلاد الشام من جهة , و إلى الخليج العربي و أور في منطقة بابل من جهة أخرى , ساعد على أن تلتقي اللهجات العربية الثلاث في تلك المنطقة . إن هذه الظاهرة نفسها أسهمت أيضاً في بروز اللغة العربية بجميع لهجاتها على مسرح الدولة العربية السورية كلها كلغة واحدة لشعب واحد , مما جعل كثيراً من الباحثين و المؤرخين يعتبرون الآرامية هي العربية القديمة . إن هذه الظاهرة بالذات هي التي أدهشت , و كأنما بصورة مفاجئة , أولئك الباحثين أمثال (هوميل) الذي كتب يقول :
(إن الآراميين الذين يرجعون إلى أقدم الأزمان , و الذين ورد ذكرهم في الكتابات القديمة , كانوا ينتمون إلى العرق البدوي الخالص , و هم يحملون الأسماء نفسها التي نجدها في التسميات العربية . لذلك فإننا لا نكون قد جازفنا في الكلام عندما نؤكد أن الآراميين كانوا هم و الشعب العربي العظيم شعباً واحداً , من عنصر واحد متماسك الأجزاء) .
– إنه لم يكن ثمة حدود ضمن المنطقة الواحدة بين لهجة وأخرى , فالسريانية الشرقية كانت تعيش مع الأمورية الغربية , و العربية العرباء بصورة متداخلة ضمن حدود الحقل الواحد , و القافلة الواحد ,و المعبد الواحد , و المؤسسة الواحدة , و المجلس الواحد , و القصر الواحد . و قد أربكت هذه الظاهرة كثيراً من المؤرخين الذين لم يكونوا قادرين على فهم حقيقتها كما هي , و لسنا بحاجة لأن نذكر كيف أن أغلبية الحكام البارزين في إدارة الدولة العربية السورية الواحدة , إنما كانوا من العرب الأموريين (الغربيين) , و قد حكموا في عواصم تقع جميعها في منطقة اللهجة العربية السريانية (الشرقية) .
إن هذه الظاهرة ظلت تربك جميع الباحثين الذين لم يرغبوا في الاعتراف بالحقيقة : و هي أن الوجود السكاني في الوطن العربي السوري منذ أقدم العصور إنما هو وجود عربي , و أن جميع الفروع السكانية , التي قد تصادف متداخلة هنا و هناك و على امتداد رقعة الأرض العربية السورية كلها لم تكن تعني بأية حال أنها ظاهرة شعوبية أو لغوية , إنها فروع سكانية لشعب واحد , يتكلم لغة واحدة بلهجات مختلفة
و بغير هذا الفهم يستحيل استخلاص أية حقيقة تاريخية .