عجينك بلا خميرة يبقى فطيرا، لا يستقيم خبزه جيدا..
وكذلك الحصيلة المعرفية تبقى فطيرا اذا لم تضع فيها مايعيد ترتيبها في علاقاتها بالواقع. الذاكرة مخزن، والفؤاد يعمل ليربط بينها، وتكون مفيدة في التعبير والابانة.
اذا سمعت بحكاية او حضرتها او قرأتها فهي تستقر في ذاكرتك كمعرفة،
تتأثر، انت او غيرك، بحدث فيها دون غيره؛ اي يكون شديدا تأثيره.. كأن تدهس سيارة مسرعة طفلا، وافتقدته امه.. وشاهدتها تنتحب.. والناس قد تجمهروا.. والاسعاف يولول متأخرا. والجهات الرسمية تأخرت في التحقيق… السائق فر هاربا..
هذه الحادثة هي مادة خام لقصة..
السؤال:
من أين يبدأ القاص.؟
هل يكون الزمن خطيا؟
او يختار ان بيدأ من لهفة الام؟ وثم يرتب الاحداث بشكل استرجاعي او استشرافي..لعبة دائرية للزمن..هذا التشكيل للحادثة ينقلها الى ان تصبح خطابا..اي في حقل الفن وجمالية الحكي…
وفي سرده
يبين مو قفه من المسؤولين..ومن اهتمام الناس وحزننامن فقدنا الطفولة…ومن استهتار السائق..وهكذا تصبح القصة مواقف ورؤى..
ان التشكيل الجديد لحركة الفكرة /الحادث.. هي رؤية الكاتب.. وموقفه منها.. كيف حركها.. كيف كانت لغته
المكثفة.. ادهاشنا في طريقة تقديم رأيه.. هنا يطيل وهناك يلمح.. يصف المكان وما فيه.. ويصفمرور السيارة المسرعة اذن، يتصور الحادثة ويعيد معاناته بها.. محققا منهجية الجرجاني لو شئت في النظم.. اي تترتب المعاني في النفس برقابة العقل .. مانحا للانفعال دوره في التلميح او التوضيح..
اذن علينا ان نتقدم من بلاغة الجملة الى بلاغة النص.. فلا تدفق الانزياحات يخدم ولا ضحالة الخيال ينفع..
انما يكون ذلك لصحة الطبع كما قال الجاحظ.. ومتانة السبك.. ومهارة في التصوير والنسج..
كلوحة لا تكون الا بتآلف مفرداتها من اشياء وخطوط والوان لتشكل مكانا تستوى عليه حياة.