هل صدقَ (فوكوياما) أم كذب عندما قال : حسمتِ الرأسمالية المعركةَ لصالحها وإلى الأبد ؟
نقر أن قتل السود سلوك عنصري ، فماذا نسمي اذن قتل الشعوب ، وتدمير البلدان ؟
هل يمكن أن نعتبر هزيمة أمريكا في المنطقة ، والمظاهرات ، بداية انكفاء وانهيار ؟
المحامي محمد محسن
منطق التطور الانساني الطبيعي ، أن يخدم التقدم العلمي الهائل ، وتدفق المعلومات وتسارعها ، والايقاع السريع للحياة ، أن تخدم الغايات الانسانية ، التي تصبو إليها البشرية ، منذ بذوغ التاريخ ، وهي التعاون بين الشعوب ، وحل جميع قضاياها ، وخلافاتها البينية التي تعترضها بالود والتصالح ، والاهتمام بالشؤون الصحية ، والمعيشية ، وحتى الطبيعية ، وذلك من خلال التعاون ، بما فيه خير جميع شعوب الكوكب .
ولما كانت أمريكا ومنذ عام 1944 / بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، وهي تحكم العالم ، بما فيه أوروبا ، بصفتها القطب الأوحد .
ـــ عدى فرجة زمنية كانت مضيئة ،نازعها في سلطتها الاتحاد السوفييتي ، الذي بدأ يتخلى عن دوره منذ عام / 970 / ثم هزم نهائياً عام / 1989 / ـــ
فما دامت أمريكا هي المتربع على قيادة العالم ، ( بصفتها القطب الأوحد ) ، حق لكل انسان أن يسألها :
هل قادت امريكا حضارة العالم ، إلى ما كانت تصبو وتتطلع إليه البشرية ؟ . أم ماذا ؟؟
قبل البدء بالجواب نؤشر على مسلك تتطلبه بنية أمريكا الرأسمالية :
عبر هذا الزمن الطويل ، كانت أمريكا تشعل حرباً ، وقبل أن تنطفئ ، أو بدون أن تنطفئ ، كانت تشعل الثانية ، في القارات الخمس [ من الفيتنام ، إلى نيغارغوا ، إلى يوغسلافيا ، إلى جورجيا ، وأوكارانيا ، أما الشرق الأوسط فلا تزال حروبها مشتعلة ، في الصومال ، وليبيا ، وسورية ، واليمن ، وبين هذه الحروب المديدة كانت هناك غزوات فرعية .
لمـــــــــــــاذا ؟؟ للإخضـــــــــــــــاع والسيـــــــــــــــــطرة .
وصـــــف أدونـــــيس الحــــضارة الأمريــــكية :
[ حضارة بأربعة أرجل ، حيث رفعت حيوانية الانسان إلى أقصى مدى ، بحيث أصبحت هذه الحيوانية متفوقة على انسانية الانسان ] .
أليس منطقياً أن نعتبر وصف أدونيس لأمريكا جواباً كافياً ؟ أي وبدلاً من أن تقود العالم إلى الأنسنة ، قادته إلى ( الحيوانية ) !! .
ألا يؤكد تحالف العقلية السياسية الأمريكية ( الديموقراطية ) ، مع الاسلام التكفيري ، السلفي ، الظلامي ، الارهابي ، أن الأيدولوجيا التي تقود مسار أمريكا ذات جذور عنفية تاريخية ، بنيت على القتل ، والتوحش ؟
أليــــس هـــــذا مصــــداقاً لتوصيـــف أدونــــيس ؟؟.
ألم تبنى أمريكا الحاضرة ، على دماء سكان القارة الأمريكية الأصليين ؟ ، ألم تكدس ثروة شركاتها ، وتفرض سيطرتها على العالم ، من خلال الحروب ، وقتل الشعوب ؟ .
[ نعم ان تاريخ الدولة الأمريكية الرأسمالية ، تاريخ يقود الانسانية إلى الحيوانية بدلاً من الانسانية ] .
لما كان النظام ( النيولبرالي الأمريكي ) ، يعني خصخصة جميع المرافق العامة ، أي أن الدولة لا تملك ، بل تقتصر وظيفتها ( الأمنية ، والعسكرية ) على حماية الملكيات الخاصة للشركات .
إذن هي ليست دولة :
بل هي [ ادارة العامة للشركات الاحتكارية العابرة للقارات ] ، لذلك لم ولن يكون همهما الاهتمام بأي بعد انساني لشعبها ، أو لشعوب العالم ، بل ينصرف كل جهدها ، للسيطرة على الأسواق العالمية ، لصالح شركاتها العملاقة .
حتى المؤسسات الاقتصادية الدولية التي تتحكم بها أمريكا ، وأهمها صندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي ، لا تمنح القروض للدول إلا بشرط : التحول الى السوق المفتوح ، وبيع القطاع العام ، وتقليص دور الدولة ، ثم جاءت منظمة التجارة العالمية ، لتشكل الضلع الثالث لهيمنة النظام الرأسمالي الأمريكي . هذه المؤسسات الدولية الثلاثة يقتصر دورها ، على توسعة سيطرة الشركات التجارية الأمريكية العملاقة ، على الأسواق العالمية .
هل هذا التاريخ الأسود ، الذي قاد البشرية نحو الحيوانية ، بدلاً من الأنسنة ؟؟ :
يجعلنا نعتبر أن هذه التحركات الاجتماعية الواسعة ، ليست بسبب مقتل رجل أسود ، بل هي أعمق من ذلك بكثير ، هي نتيجة إرهاصات وتفاعلات تراكمية ، وحالات رفض لهذا النظام ( الحيواني ) اللاإنساني ؟؟ .
وهي مبشرة وستمتد ، وتتوسع نحو أوروبا ، لأن أمريكا هي بنت المهاجرين القتلة الأوروبيين .
علينا أن نعترف أن هذا النظام الرأسمالي الأمريكي ـــ الأوروبي ، الذي كدس ثرواته من الحروب ودماء الشعوب ، حمل البشرية حملاً ثقيلاً من المشكلات المخيفة :
[ غنى فاحش في الشمال ، وفقر متقع وموت في الجنوب ، استهلاك متفجر ، تعاظم نمو السكان ، وتدمير للطبيعة ، وعدم مساواة على مستوى الكوكب ] .
فهل نعتبر أننا أمام مفترق ، تختار فيه البشرية طريقها :
إما السير نحو ( حيــــــوانية الانــــــسان ) كما يفرضه النظام الغربي ؟؟ .
أو البحث عن الطريق الذي نبني فيه ( انســـــــــانية الإنــــــــــسان ) ؟؟ .