استضعفوا لبنان (قوته في ضعفه) ، ونسوا أو تناسوا أن لبنان بات (قوته في قوته)
الشـرق العربي يمـور كله الآن ، لأنه أرض المعـركة الأخـيرة ، فإما لـهم وإما لـنا
استنفرت أمريكا كل حلفائها ، وكل عملائها ، وكل أسلحتها بما فيها حرب التجويع
المحامي محمد محسن
تحرك عملاء أمريكا ـــ اسرائيل في لبنان باكراً ، تهيئة لاستقبال قيصر ، بقيادة رياض سلامة ( مدير المصرف المركزي ) ، الذي قاد حملة سَحْبِ كل أرصدة العملاء من العملات الصعبة من بنوك لبنان ، من اللبنانيين والسوريين ، وايداعها في البنوك الغربية ، امعاناً في افقار الشعب العربي في لبنان ، وتضييقاً على سورية ، التي تعتبر بنوك لبنان الخزنة ( المأمونة ) بالنسبة للتجار السوريين .
كما استنفروا الشارع ، وأغلقوا الطرق ، ورفعوا الشعارات المذهبية ( كما فعل وزير الداخلية السابق ) ، وكسروا المحلات التجارية ، وخيموا في الساحات ، وحاول جعجع التذكير بالحرب الأهلية ، من خلال اغلاقه للطرق عند نهر الكلب ، وكان شعارهم الوحيد ( تسليم سلاح حزب الله ) ، أما في طرابلس الشام ، فلقد رفعوا الرايات السوداء ، والأعلام التركية ، حتى أن المفتي ، والبطرك لم يقفا على الحياد .
ودخلت السفيرة الأمريكية على الخط ، فحرضت علناً على الفتنة الطائفية ، فأصدر القاضي محمد مازح امراً بمنع الإعلام اللبناني من التعامل معها ، كما تم استدعاؤها من قبل وزير الخارجية ، ( وكلمة الاستدعاء ) تعني الرفض والاعتراض .
المهم ومهما كانت النتيجة لهذين الاجرائين ، فلقد عبرا عن النقلة النوعية التي تمت في لبنان ، الذي انتقل ( من قوة لبنان في ضعفه ، إلى قوة لبنان في قوته ) ، وشكلا تمرداً تاريخياً على أمريكا ، لم يعهده لبنان ، منذ تشكيل لبنان الكبير .
إذن أصبح الشرق العربي أرض الحسم ، من بيروت حتى بغداد ، لذلك نزلت أمريكا ـــ أوروبا ـــ اسرائيل ـــ تركيا ـــ ملوك الخليج ، والانفصاليين الأكراد ، بعد أن استنفروا كل عملائهم في المنطقة ، وبخاصة في لبنان .
كل هذا ترافق مع حرب نفسية لا مثيل لها ، تقوم بها امبراطوريات اعلامية ، تعمل ليل نهار ، هدفها التسلل إلى صمود مجتمعاتنا ، والنيل منه ، واحلال حالة مبدئية من التشوش ، تهيئة للاستسلام ، ولقد حققت هذه الحرب بعض المكاسب ، عند بعض الأوساط غير الواعية لأبعاد الحرب ، وتصاريفها ، وما سيؤول له الواقع في حال الخسران ، الذي بات مستحيلاً .
نعم الكل نزل بكل اسلحته ، وأهمها سلاح التجويع ، وبخاصة على لبنان وسورية ، الذي يربطهما شريان اقتصادي واحد ، أما العراق فلا يزال يعاني منذ تدميره في حرب عام / 2003 / من التجويع ، والتفتيت .
وعلينا هنا أن نعترف أن الساحة الاجتماعية في كل المنطقة ، وبكل بناها باتت متعبة وتئن ، من مفاعيل الحصار ، المتعدد الأذرع ، وبخاصة الطبقات الفقيرة ، ، وذلك بهدف زعزعة التلاحم الاجتماعي ، الذي نجح في مواجهة الحرب العسكرية بكل مفاعيلها .
ولكن لما كان الخلل في التوازن السياسي ـــ الاجتماعي ، الذي عان منه المشرق العربي ، عبر عقود عشرة وأكثر ، من خلال سيطرة هذا الغرب الاستعماري ، هذا الخلل بات بمنزلة حافزٍ يدفع مجتمعاتنا الآن ، إلى استرداد توازنها ، أو البحث عن توازن يقوم على أساس جديد ، بعد أن أصبح التوازن السابق مختلاً ، لصالح أعدائها .
من هنا بات الشرق العربي الذي يمور بحروب متلاحقة ، وبخاصة سورية ، هو أرض الحسم ، الحسم ليس لصالح المنطقة ، بل لكل شعوب العالم المضطهدة ، لأنه سيكون أرض الخسران المبين ، للمعسكر الغربي بكل تشكيلاته ولواحقه ، بعد أن عمت حروبه ، حروب الموتِ والتجويعِ كل القارات .
لكن الجديد اليوم وكما أشرنا ، أن الصفعة المعنوية الكبيرة ، قد جاءت هذه المرة من لبنان ( الضعيف ) ، من القاضي الشجاع محمد مازح ، الذي لم تكن أمريكا أو أي من حلفائها يظن مجرد ظن أن هذا سيحدث ، هذا الموقف الصغير في شكله الكبير في دلالاته ، أخرج جميع العملاء في لبنان من جحورهم ، وراحوا يفحوا كالأفاعي .
ولكن عليهم وعلى الكل أن لا ينسى أن لبنان الصغير هذا ، الذي كان قد كسر عنفوان العدو الصهيوني ، بالانتصار عليه مرتين ، هو اليوم في لب الميدان ، الذي يشمل الشرق العربي كله .
والذي جاء على لسان سيد الانتصارين :
……..[ لــن نجــوع ولــن نســلم الســلاح ، وان وضعــنا فــي خيــار سنقــتلكم ]