كم أكره الأبراج العاجية .. وكم يضايقني سكان الأبراج العاجية وهم يطلون من تلك المرتفعات كما تطل الآلهة وينظرون كما تنظر الآلهة .. بيني وبين تلك الأبراج وسكانها ثارات وثارات .. لأنني لاأحب من يلعب دور الآلهة ولا أنصاف الآلهة ولاأرباع الآلهة .. بل أحب فقط دور البشر .. وفقط دور البشر .. وكلما مررت بتلك الأبراج العالية التي تنتصب فارغة مجوفة تابعت طريقي لامباليا بها وكأنني أمرّ بجانب الأصنام الخشبية البدائية المضحكة المشوهة لآلهة الشعوب البدائية التي تؤمن بالسحر والشعوذة ..ولم أفكر يوما بأن اهوي بمطرقتي عليها لأهشمها لانني أعرف انها بروج للعزلة ..ستتهدم تلقائيا
مشكلة من يسكنون الابراج العاجية مثل الكاتب "اسعد ابو خليل" هي انهم لايعرفون الفرق بين الأبراج العاجية وصواري السفن التي يقف في ذروتها البحّار المغامر الذي يصارع العواصف والظلام ويبحث عن الموانئ والمنارات .. الأبراج العاجية ليست صواري للسفن .. وهناك فرق بين الربان في سفينة تمخر عباب البحر وبين من يسكن الأبراج العاجية التي لاتتحرك ..
بعض المثقفين من كل الانتماءات يسكنون الأبراج العاجية ويتعلقون بها ولاينزلون عنها الا عندما تنزلهم الاقدار عنوة فتتقصف تلك الأبراج من خواصرها وتقع .. ولايشبه سقوطها الا تهاوي أبراج نيويورك عندما انهارت ..
هؤلاء لايهم ان كانوا يقفون بجانب الحقيقة ام التزوير .. بحانب الحق أو الباطل .. .. وسكان الأبراج العاجية لايقدرون على تغيير مسار الأحداث ولارأي الجمهور .. لأن من يغير كتلة الشعب واتجاهها وحركتها هو من ينزل بين الناس .. أما من يصرخ من
عليائه في الأبراج فان صوته لن تسمعه الا الغيوم العابرة وجيرانه في الأبراج المجاورة .. ولن يسمعه من على الأرض
أسعد أبو خليل هو نموذج عن هؤلاء الذين لايعيشون بيننا بل في الغيوم .. وربما صار اسعد خارج الغلاف الجوي للأرض ويتحدث الينا ليس كانصاف الآلهة بل كما الآلهة دون زيادة أو نقصان ..
لاشيء يدمر الرأي وصاحب الرأي الا عندما يرتدي ثوب الوصاية على القارئ ولباس القاضي الصارم والأستاذ الذي يعلم النحو والحساب وبيده السوط أو مسطرة العقوبة ويهدد طلابه "بالفلقة" على كرسي اللغة .. وعندما يعظ الكاتب القراء ويلبس سطوره الثياب المقدسة معتقدا أنها ثياب الهيبة والتعليم المقدس فانه فانه قد يبقى مقروءا لكن المسافة بينه وبين قرائه هي كالمسافة بين الايمان والورع والزهد وبين يوسف القرضاوي .. وكالمسافة بين فلسطين وعزمي بشارة .. أو بين رينيه ديكارت وفيصل القاسم ..
وأنا كغيري ممن يتابعون الحركة الثقافية والسياسية وأقوم برصدها لأنني معني بمعرفة العلاقة والتأثير بين النخبة وبين الناس كنت اتابع الكثيرين من الكتاب لفترة ليست بالقصيرة ومنهم أسعد ابو خليل .. الى جانب أنني معني جدا بتحديد مواقع الأبراج العاجية في الثقافة كيلا أعتليها وأنا اعتقد أنها الصواري العالية التي تكشف البعيد ومنارات الضوء .. وقد تابعت اسعد ابو خليل باعجاب ردحا من الزمن الى أن أحسست أنه لم يعد بامكاني تقصي أثره على الرمال ولا على الثلج ولا على أي درب .. ولم يعد للرجل هوية سوى أنه صارت قراءته مثيرة للشعور بالدوخة والدوار .. باختصار الرجل ضيع العنوان الذي يبحث عنه .. وليس له مكان على أي أرض مستوية ولا في أي مياه .. لأنه ترك الأرض وصار من سكان الأبراج العاجية .. العالية جدا ..حيث لايرى ولايسمع ولايفهم صراخه ولااشاراته المتناقضة ..
احترمت في الرجل يوما دفاعه عن خيار المقاومة ولكن دفاعه عنها صار بلاجدوى لأن من يقرأ له يحس أن بينه وبين أسعد حاجزا نفسيا يثنيه عن الميل لآرائه .. وهذا الحاجز هو الصلف والعنجهية والوصاية على القارئ .. لأن أسعد ومن باب أنه محايد في القضايا كمفكر غربي الثقافة وأستاذ في السياسة فانه يحاول بطريقة فجة وساذجة أن يلقي المحاضرات الوعظية بشيء من التقريع الصلف على قيادة المقاومة معتقدا أن نقده اللاذع لأخطائها سيكسب هجماته على خصوم المقاومة ثقلا نوعيا متسلحا باللاانحياز المطلق وبكم الموضوعية النقية .. ولكن في هذا السلوك في التذبذب وتوزيع الضربات "بعدالة" بين الخصم والصديق سذاجة واضحة ورومانسية سياسية تستدعي الابتسام لأن الخصوم والمعارضين للمقاومة لن تهتز ضمائرهم لهذا الرأي الشجاع أو ذاك .. لسبب بسيط هو أننا بعد احتكاك مع هؤلاء الخصوم وتجربة عقدين كاملين عرفنا معدنهم .. وهو معدن خسيس للغاية ولايشبه معدن المعارضات الغربية الأصيلة التي تعارض وتحترم فروسية الخصم .. فنوعية المعارضة اللبنانية هي من ذلك النوع الذي هو باختصار مجرد استطالات سياسية لجهات خارجية سعودية وفرنسية واميريكية وبعضها اسرائيلي الهوى والقلب .. ووجود هذه المعارضة الخسيسة هو الذي دفع فريق المقاومة للبحث مرغما عن سند خارجي من سورية وايران لحماية خيارها السياسي ضد اسرائيل عندما وجدت انها ستؤكل بالاستطالات الخارجية والأذرع الاخطبوطية ..
وسيكون اسعد أبو خليل في منتهى السذاجة اذا كان يعتقد أن تذبذبه وحركته النواسية بين تأييد المقاومة ونقدها ستحسب له وأنها ستقرأ على أنها رأي نقي مستقل سيحرج الآخرين من الخصوم وأنه يستحق الاحترام .. أستاذ العلوم السياسية أسعد أبو خليل يبدو أنه لايعرف السياسة في الشرق والسياسيين في هذا الشرق وخاصة أولئك الذين يمارسون علينا لعبة الديمقراطية والرأي الحر و "الاستئلال والحئيأة" .. فهؤلاء لن يغيرهم ولن يغير آراءهم النزاهة والموضوعية وكلمة الحق والاعترافات الوجدانية .. لأن مايؤثر في جوارحهم هو الكتابة على دفتر الشيكات وليس هناك رأي محايد ونزيه بالنسبة لهم الا الأرقام وعدد الأصفار على الشيكات ..وشهادات حسن سلوك من السفارة الامريكية ..
منذ بداية الأحداث واسعد أبو خليل لايقصر في وعظياته ورسائله الناصحة والتقريعية التي يوزعها بين القيادة السورية وبين المعارضة على نفس طريقته في معالجة الخلافات السياسية اللبناينة رغم أنه لم يقصر في هتك عرض المعارضة وكشف سترها .. ولكن هذه النظرة الحيادية وتوزيع التقريع والنصيحة كان يمكن أن تفهم وتلاقي عذرا في بداية الأحداث السورية حيث الغبار الذي أثارته الشعارات الهائجة وتمثيليات المظلومية وقوافل الأحلام الهائمة على وجهها على الرمال .. وحيث دخان الحرائق وضباب السياسة العربية .. ولكن عندما انجلت الصورة كثيرا وتبين أن الدولة الوطنية السورية تعرضت لظلم كبير وأنها كانت مستهدفة بشكل هائل عبر عملية تزوير هائلة للتاريخ والحقائق وعبر عملية تغطية وجهها بقناع بشع مصنوع في غرف اعلامية واستخباراتية .. فان من الانصاف أن نعترف بأن ليس كل ماقيل بحقها كان مبررا .. بل من الشجاعة الاعتراف أن الموجة كانت عاتية وأن أحكامنا المتعجلة كانت بلا ثقل في وجه العاصفة الهوجاء مثل الريش يطير مع اتجاه الريح العاصفة .. وكان حريا الاعتراف بأن تيار الماء الأسود قد جرفنا نحو المستنقعات .. وكان من الضروري الاقرار بأن الدولة السورية كانت فعلا في عين العاصفة الاستعمارية لكنها حققت معجزة حقيقية في الامساك بالبلاد وقدمت تجربة فريدة في أنها بنت جيشا من الشعب وشعبا من الجيش .. وأنها تستحق الثناء لأنها فاجأت العالم بديبلوماسية عبقرية وبجيش لايشبهه جيش في الدنيا في ولائه ووفائه لوطنه ولشعاره .. شرف .. وطن .. اخلاص ..
لكن اسعد أبو خليل لايزال مصرّا على القاء عظاته ومواعظه ونصائحه باستعلاء وخيلاء مزعجين .. فمنذ فترة مثلا أصر أسعد على أن يدلي بدلوه في لقاء الرئيس الأسد مع احدى المحطات الغربية .. وكالعادة أتحفنا بوجهة نظر أقل مايقال فيها أنها عوراء جدا .. وأن فيها الكثير من التعالي والأستذة بل وخيالية خالية من الانسانية والانصاف .. فالأستاذ في العلوم السياسية عاب على الرئيس الأسد أنه بدا قليل المشاعر في كلامه عن محنة شعبه ولم تبد على وجهه علامات التأثر والانفعال وهو الذي يعيش في بلد أغرقته الدماء ..
بالطبع عندما قرأت ماكتب اسعد أبو خليل عرفت أنه انفصل عن الواقع تماما وأنه من مدرسة النفاق الغربي في السياسة .. ففي الغرب الذي عشت فيه وكنت قريبا وشاهدا على طريقة العمل السياسي تعرفت هناك على نوع من التمثيل والمسرحية والأدوار الاعلامية الاجبارية التي يجب على السياسي أن يقوم بها .. فهو مطلوب منه أن يبدو أمام المشاهدين مرحا أحيانا وأن يلقي النكات والتعليقات الساخرة كي يحبه الجمهور .. وفي الحملات الانتخابية يهرول السياسي ليرفع الأطفال ويقبلهم ويتشممهم .. وفي بعض الأحيان لامانع من تصوير عينيه تترقرقان بالدموع التي تقترب منها الكاميرات والعدسات لتغرف منها الانسانية .. مثل دموع أليستر كامبل مستشار توني بلير الذي بكى وعض شفتيه أمام الكاميرات من كثرة تقريع الناس له لتزويره ملف الأسلحة الكيماوية العراقية وتسويقه لخطر الهجوم على لندن خلال 45 دقيقة .. دموع جاءت له بالبراءة من قتل مليون عراقي الذين لم يستحقوا دمعة واحدة منه أو ندما على قتلهم ..
ولاانسى دموع جورج بوش على أبراج نيويورك .. ودموع باراك أوباما المسرحية على ضحايا طلاب مدرسة امريكية قتلوا .. السياسي الغربي والأمريكي مطلوب منه ان تدمع عيناه لأنها جزء من الممر الاجباري والالزامي في الممارسة السياسية وتجاوزها لاتحمد عقباه ..والمواطن العادي يطلبها لأنها جزء من الثقافة المعترف بها والتقاليد الاعلامية السياسية ..(انظر المثال عن النفاق والتمثيل في دموع اوباما على طلاب مدرسة امريكية)
http://www.youtube.com/watch?v=q-oPIG1pKjw
ولكنه عندما يتحدث عن ضحايا السوريين بالآلاف فانه يتعمد أن يبدو حازما وقويا وبلا دموع .. بل يصر على يظهر كالرجل الفارس المنقذ الغاضب من الأسد .. ممثلون ومنافقون ..والجميع يعرف انه نفاق .. لكنها قواعد اللعبة السياسية ..(انظر في كلمة اوباما للسوريين)
http://www.youtube.com/watch?v=AjGOjE0uPVE
أسعد أبو خليل يطلب من الأسد أن يتعلم أن ينافق وان يذرف الدموع لأنه عرف متعارف عليه في المدرسة السياسية الغربية التي تعلم منها ابو خليل .. ولأنها حسب زعمه واعتقاده حق من حقوق المواطن لالبس فيه .. فان كان قلب الرئيس الاسد منفطرا على شهداء بلده وشعبه فان تماسكه أمام الكاميرا شيء غير مقبول .. والمقبول هو أن يكون مثل أوباما يأكل الحلوى في مكتبه وعندما يأتي وقت التصوير يبعد الحلوى ويعتصر عينيه دموعا .. وبعد انتهاء المشهد .. يعود الى أكل الحلوى ولعب القمار على الانترنت كما فعل جون ماكين الذي حرض الدنيا على الحرب في سورية والموت من أجل شهداء الغوطة ثم انزوى ليلعب القمار في مقعده ..
الأسد هذا الرجل الذي هاجمه العالم وكان في منتهى القسوة عليه وعلى انسانيته وجرده من اي ملامح بشرية وكأنه وحش القرن الواحد والعشرين ازعج تماسكه ورباطة جأشه اسعد ابو خليل .. الرئيس السوري لم يبق سياسي صغير ولاكبير الا وكان يتشدق بالنصائح والتهديد ويطالبه بالتنحي واللوم والتقريع .. من ملك الأردن الصغير الى امير قطر الى أوباما وكل الغرب ومزارعه العربية .. الأسد هذا الرجل الذي كان يرى نفاق العالم ونفاق السياسة ونفاق الأصدقاء وكان يتلمس السكاكين في ظهره وظهر شعبه أزعج أسعد أبو خليل أنه لم يبد متأثرا ولم يبد عليه الأسى وهو يتحدث وكأنه لايعيش وسط أزمة انسانية ..هذا انسان واجه العالم كما لم يواجه انسان هذا الكم من الدناءة والنذالة والكذب وسيكون من غير الطبيعي ألا يكون في قلبه شيء من العبوس تجاه هذا العالم الذي لم يبال بعذابات شعبه ..وكان هذا العالم يبيع ضميره دون خجل مع أجساد السوريين ودمهم ..
هل يعتقد أبو خليل أن الرئيس الأسد بعد هذه التجربة صار شاعرا رومانسيا أم أقرب الى الرؤية الفلسفية للأزمة على المستوى الانساني؟ .. أليس من الطبيعي أن يكون أميل الى الحديث الجدي والنظرة الموضوعية بدل الانفعالية والعواطف ؟؟.. ان حجم الهموم التي حملها من أجل وطنه لم يعد من اللائق أن يعبر عنه بالدموع والتمثيليات المخادعة والتراجيديات المنافقة ..بل بالواقعية والأمل .. والواقع يقول ان من يرى تلك الأهوال والفظائع التي ترتكب بحق شعبه وهذا الصمود الأسطوري لشعبه وجيشه لايجدر عليه البكاء والنحيب بل النظر بحكمة وقوة واصرار على التفاؤل ..رضي أسعد أم لم يرض ..
لم يكتف أبو خليل بالتعرض للصغيرة والكبيرة في الأزمة السورية والتنطح لدور الأستاذ الحكيم الذي لايعجبه أداء التلامذة السوريين .. ولكن أسوأ ماكتبه اسعد ابو خليل ويدل على انفصام حقيقي هو تعليق مختصر عن استشهاد اللواء البطل جامع جامع .. فكتب أسعد مختصرا رؤيته بالقول: (جامع جامع .. قاتل قاتل ..) عبارة لم تخترعها حتى أكثر ألوية وكتائب المعارضة المسلحة تطرفا وتوقا للتشفي ..
تبدو منه هذه العبارة المبتورة والمختصرة وكأنها تلخص معنى أن يحصل تماس كهربائي في العقل بسبب عبارة صادمة فيتوقف الارسال ويحل الظلام بعدها .. وتتوقف كل الأجهزة الكهربائية والمحركات ..وتعبر هذه الحالة من التماس الكهربائي بين أسلاك العقل عن حال من يعيش عقدة الارتفاع ومتعة القاء المواعظ .. وهي حالة غرور يصاب بها معظم من يعمل أكاديميا في جامعات الغرب عندما يتحدث مع الشرق المنخفض جدا تحته .. يختصر وهو يكتب الاسفار ..كالنبي ..
اسعد ابو خليل يعبر أولا عن أن عقله يتعرض لعاصفة هوجاء من الشيزوفرينيا .. لأن قتلة اللواء هم عدو طبيعي لأسعد كشخص علماني جدا ويدعم المقاومة .. ومع هذا يطلق أسعد صفة القاتل على المقتول .. وينسى في لحظة انفعاله أن يرمي حجرا واحدا على القاتل الحقيقي .. فالنشوة أنسته أن الشهيد كان يدفع بدمه عن أهل اسعد في لبنان لأن في دير الزور من يريد أن ينقل تجربته الى لبنان .. ولكن اللواء وكل شهداء سورية يدافعون عن اسعد وغيره ضد هذا الظلام .. كما أن اللواء الشهيد كان عدوا لتيار كان يراه اسعد ابو خليل تيارا مدمرا للبنان وللمقاومة وسببا من اسباب الفوضى في الشرق .. والشهيد في دير الزور لم يكن يواجه جماعة "الحئيأة والاستئلال اللبنانيين" .. حتى يتفجر حقد اسعد أبو خليل عليه .. ويصفه بالقاتل .. ولم يكن يواجه دعاة الحرية والغاء قانون الطوارئ بل دعاة الخلافة الاسلامية على الطريقة الوهابية ومطوعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومجاهدي النكاح .. وكان اللواء يواجه القاعدة وجبهة النصرة التي تنظر الى فلسفة اسعد ابو خليل على انها هرطقة تستوجب جزّ العنق وقطع اللسان .. ولم يعرف عن اللواء الشهيد أنه كان يقتل اللبنانيين في الماضي (كما كان سمير جعجع يفعل على الحواجز والذي قتل رئيس وزراء لبنان وخرج بطلا للحرية) .. ولم نسمع عن لبناني واحد قتل على يده .. وكل ماسمعناه عن اللواء جامع جامع أنه كان يستخف بوليد جنبلاط ويعامله بازدراء .. ويقال أنه عندما كان وليد بيك يحاول زيارته في مكتبه بثياب الرياضة وثياب النوم كان يرفض استقباله ويطرده مالم يرتدي ثيابا لائقة بمقابلة ضابط يحترم الانضباط العسكري الصارم والجدية المطلقة ولايحب خلط السياسة والاسترخاء في العلاقات وشرب المتة مع وليد جنبلاط والساسة اللبنانيين بالعمل العسكري .. وما أعرفه عن الشهيد جامع جامع أنه كان شديد الانضباط ولكنه كان يتمتع بتهذيب ودماثة خلق وشهامة وشجاعة كل أبناء القرى والريف ..
لايمكن وصف كلام اسعد الا بأنه كلام ثمل الا اذا كان أبو خليل يريد بتوجيه تهمته أن يقول ان جامع جامع هو من كان قد قتل الحريري وسلسلة ابطال الحئيأة الذين قتلوا في ظروف غامضة واستعملت اجسادهم كمجامر لبخور اسرائيل في لبنان .. واسعد يعرف أن هذا الكلام صار هراء .. ولاأدري ان كان أسعد لديه ملفات ووثائق لاطلاق هذه التهمة وكثيرون يتحدونه في ذلك .. ولكن يبدو أن أسعد في ممارسته للكتابة صار من ذلك النوع الذي يكتب غرائزيا ودون تفكير وهو نموذج واضح على التفكير النمطي المعلب والسهل الانقياد والواقع تحت التخدير والتنويم المغناطيسي والذي يكتب بالنسخ ويلحق الموضة .. والذي من كثرة انغماسه في دراسة الرأي الآخر لتفنيده فانه امتصه وغرق في دواماته .. كمن جاء ليقتل دراكيولا .. فعضه دراكيولا وحوله الى مصاص دماء..
لايحق لأسعد ابو خليل أن يلقي الاحكام والتهم على طريقة أهل الحئيأة ولايجوز عليه ككاتب ان ينتقي مفردة دون أن يعنيها وأن تكون لديه الحجة والبرهان .. والسؤال الذي عليه الاجابة عليه هو: مالفرق بينك وبين أهل الحئيأة والاستئلال الذين وجهوا تهم القتل الى الجميع دون دليل وكنت تواجههم بالردود وتهاجم لامبالاتهم بالأدلة واستهتارهم بعقول الناس .. مرة يتهمون الأسد والسوريين ثم يتهمون حزب الله واحيانا ايران .. الكل في نظرهم يمارس القتل ..وهم الأبرياء الأنقياء الأتقياء ..
من العار على أسعد ابو خليل الانزلاق الى هذا المستوى من السطحية والعبث .. ومن العار عليه أن يعلمنا الانحناء للموت والانحناء للدم ثم يبتهج لرؤية الدم ويستل علينا مفردات لاعلاقة لها بالسياسة بل بالافتراء على الناس وتدل على نمطية تفكير ببغائية .. وعار عليه أن يلقي علينا الدروس في المشاعر والنبل والحس الانساني ويصف لنا كيف ضبط العواطف والانفعالات ثم كيفية اطلاقها امام الجمهور بالدموع لكنه نفسه في حادث صغير له علاقة بحياة انسان يمثل حيزا من الشعور الوطني السوري يقرر الخروج على القواعد والضوابط الاخلاقية والسلوكية .. ويبدي سروره بالموت .. ويتهم بلا بينة ولادليل .. ولايكتفي بذلك بل يوزع تهما مستهترة ومجانية.. وقد غلبت عليه طبائع واخلاق "الحئيأة والاستئلال" ..
ولكنها حال سكان الأبراج العاجية الذين لايرون الكثير .. وآراؤهم ولاتقدم ولاتؤخر في الحياة ولاتساوي شروى نقير .. لأن آراءهم لاتشبه الا مادعي يوما أنه اقتراح ماري أنطوانيت لشعبها الجائع الذي لايجد خبزا كي يستعيض عن الخبز بالكاتوه ..البعض شككوا في تصريح ماري انظوانيت وربما اسعد نفسه يشكك فيه .. ولكن اقتراحاته الطوباوية ويوتوبياه الطهورية لاتشبه شيئا الا النصيحة للجياع بأكل الكاتوه .. وربما حسب مدرسة اسعد أبو خليل .. من لم يجد خبزا فليأكل الكافيار ..
والمثير للسخرية أن برج أسعد أبو خليل العاجي مائل مثل برج بيزا .. وأنه فوق برجه المائل مال منطقه وعقله وبدا يتحول بالتدريج الى معلم سياحي طريف في الكتابة السياسية ..
جامع جامع بطل من سورية يا اسعد .. وشهيد شهيد .. وابو شهيد .. ونحن نعتز به يابائع الكافيار..ولن يقول جامع جامع وكل شهداء سورية العظماء في هذه الأزمة وفي دفاعهم عن بلدهم وشرفهم الا ماقاله صوفي عربي قديم:
أيها الحق ..
أراني فيك ممسوسا —– من الشيطان بالنكد
وبالتشنيع من جاري —- وبالعصيان من ولدي
وأبرح ماأكابده —- من الاخوان بالحسد
ولست بذاك مكترثا —- فكيف وانت معتمدي؟؟!! ..
من يريد أن يرى المنارات والموانئ في العواصف فانصحوه أن يبحث عن الصواري العالية للسفن ليرتقيها بدل أن يضيع وقته في الجلوس في ظلال البروج العاجية المائلة ..وانتظار الكافيار ..من أهل الكافيار السياسي…