أليس بداية تشكل القطب المشرقي ، الذي بشرنا به ، والذي ستـكون سـورية نهايته وبدايته ؟
القطبيـة الأمريكـية في أفــول ، والمــحور المشـرقي الشـاب ، قـادم لأخـذ موقعـه الحضــاري
المحامي محمد محسن
حدث استثنائي بكل المقاييس السياسية ، والعسكرية ، بل والحضارية ، ولكنه لم ينبت من العدم ، بل جاء نتيجة طبيعية للصمود التاريخي ، الذي حدث على الميدان السوري ، في مواجهة أعتى تحالف متوحش في التاريخ ، والذي شكل خطراً حضارياً ، على الصين وإيران وغيرهما ، لذلك استدعته الضرورة الموضوعية استدعاءً .
فالحملة الأمريكية ــ الأوروبية ( الإسرائيلية) ــ التركية ، وأداتهم الاسلام السلفي الأصولي الظلامي القاتل ، الممول من ــ مال ــ ورجال ــ وفقه الخليج ، كانت لا تهدف لتغيير وجه المنطقة من خلال الانتصار ، بل تغيير وجه العالم ، بتأبيد القطبية الأمريكية ، واغلاق الباب نهائياً ، أمام المعسكر المشرقي المتخيل ، والمنافس .
فَهِمَتِ الصين ، وكانت قبلها إيران ، ومن ثم روسيا ، قد أدركتا أن المقصود من حيث المآل ، من تدمير سورية ، وتفتيتها ، ليس إلا توطئة لإغلاق البحر الأبيض المتوسط في وجه الدول الثلاث ، وكسر حلم الصين بتحقيق شعارها الحزام والطريق ، والحؤول وخروج روسيا من مجالها الإقليمي إلى العالمية ، وستكون العاقبة على أيران ، التي ستدفع ثمناً باهظاً من دماء شعبها ، ثأراً من موقفها من القضية الفلسطينية ، وعدائها (لإسرائيل) .
هذا ولم نتحدث بعد عن ما كان سيحدث في الجغرافيا العربية ، ( سورية ، العراق ، فلسطين ، الاردن ، لبنان ، ستكون كلها خارج الجغرافيا ) ( أما الخليج فعودة إلى القبلية المتصارعة ) ، و(اسرائيل) تدير شؤون شعوب المنطقة الممزقة ، ونفطها بالوكالة الحصرية .
كل هذه الاحتمالات التي كانت أمريكا تتوخاها من الحرب (النزهة) ، وأكثر منها بكثير ، تعثر تحقيقها على الميدان السوري ، من خلال صمود جيشها وشعبها المذهل والتاريخي .
هذا الصمود هو الذي أيقظ المارد الصيني ــ الروسي ــ الإيراني ، فجاء الكل ، لكن كل بطريقته ، وبأدواته ، إلى الميدان السوري ، للدفاع عن مصالحه ، التي تتقاطع استراتيجياً ، مع مصالح الدول الثلاث الأخرى ، ومع سورية ، فتحول التعثر الأمريكي المتوحش ، إلى انتصار ( لم ينجز بعد بكامل أبعاده ) لقوى المواجهة ، والتحدي .
نعم لقد غاب عن فطنة خبراء أمريكا ، واستخبارات حلفها ، أن خروج الصين من السياسة الديبلوماسية اللينة ، التي كانت تتبعها مع أمريكا ، إلى رد التهديد بالتهديد ، والحصار بالحصار ، ( وهذا لم يحدث بعد وفاة القائد الأممي ( ماو ) العظيم ) . وكذلك فعلت روسيا ، بأن اللعب بات مكشوفاً ، وتحت الحزام .
من هنا نقرأ التسارع في زيارة وزير الخارجية الروسي إلى الصين ، وتصريحاتهما التي استوعبت كل التحدي ، ثم تلتها الاتفاقية التاريخية ، بين الصين وإيران ، والتي نحن بصدد مناقشة مفاعيلها ، كل ذلك رداً على تهديدات بايدن ، والتي اظهرت مدى خوف أمريكا من العدو الثنائي الذي سيصبح عشرياً .
لذلك جاءت الاتفاقية الصينية الإيرانية ( القنبلة ) التي قالت لأمريكا قفي ، لم يعد الملعب ملعبك ، فالملعب للمحور المشرقي الصيني ـــ الروسي ــ الإيراني ، وغيرها ينتظر ، والذي ستكون سورية كما قلنا مراراً بوابته إلى البحر المتوسط .
أما ( اسرائيل ) فهي المحمية الأكثر إدراكاً ، باقتراب زمن ضعف الاتكال على الحماية الأمريكية ، والتي أصابها ويصيبها الرعب ، منذ أن كسر (ناب) أمريكا في سورية ، والذي سيترتب عليه تآكل قيمة اسرائيل الوظيفية في المنطقة ، ويمكن أن نسحب هذه الحالة على ممالك الخليج .
…………………….[ من هنا نعلن أهمية صمود الشعب والجيش العربي السوري ، في إعادة التوازن إلى حركة التاريخ ، التي كاد التوحش الأمريكي اعادتها إلى مرحلة الاستعباد ، وحق كل مواطن عربي سوري في الزهو من هذا الدور ، الذي سيشكل فالقاً زمنياً ، تاريخياً ، بين زمنين ]…………………..
وعلى أصدقاء أمريكا وعملائها في الداخل السوري ، وخارجه ، أن يعلموا ، أن الزمن الأمريكي في أفول ، وأن الشرق قادم بقوة يحمل قيم الشرق ، التي لم يتمكن النظام الرأسمالي العالمي بعد من اغتيالها .
وهذه نبوءة لمن صمد من سورية ، ومعها ، من كل شعوب الأرض ، بأن لكم وحدكم حق النظر شرقاً ، ترقباً لانبلاج الصبح من هناك .