توقعت كافة الأوساط الرسمية والشعبية أن تقوم الحكومة الأردنية بإعلان موقف رداً على تصريحات الإدارة الأمريكية حول قرارها تزويد ما يسمى بالمعارضة السورية بأسلحة امريكية عن طريق الاردن. وانتظرت طويلا، كما انتظر غيري، موقفا رسمياً يؤكد أن الأردن ليس "جمهورية موز" لدى الولايات المتحدة كي تقرر ما تريد نيابة عنه، اللهم إلا إذا كان الأردن يوافق واشنطن على ادخال الاسلحة عبر أراضيه، وهذا اذا صح، وعلى الاغلب انه صحيح، فإنه يعني ان كل التصريحات الرسمية الأردنية حول "حياد" الأردن تجاه ما يجري في سورية كلام في الهواء ولا قيمة له، ويعني أن تصريحات المسؤولين الأردنيين حول مختلف الامور الهامة غير صحيحة إطلاقا، وبالتالي فإن من حق الأردنيين عدم تصديق الرواية الرسمية حول كل الأمور، سواء ما يتعلق بمشروع كيري لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن او حول "حياد" الاردن حيال ما يجري في سورية.
التصريحات الأمريكية إهانة لكل الأردنيين، فكيف يسمح مسؤول أمريكي لنفسه أن يقرر نيابة عن الأردن، وكأن هذا البلد لا يملك قراره، وأين وزير الخارجية ناصر جودة، الذي يتبجح ليل نهار بأن السيادة الأردنية خط احمر، إذ يبدو أن هذه الخطوط الحمراء لا يجري العمل بها إلا عندما يدافع السفير السوري في الاردن عن سورية والأردن، فأين المدعو ناصر جودة من هذه التصريحات؟ ألا تستحق هذه التصريحات ردا من وزير الخارجية "الحريص" على سيادة الاردن؟؟ إن من واجب الحكومة الأردنية أن تقدم احتجاجا رسميا للإدارة الأمريكية على تصريحات هذا المسؤول الأمريكي، فالأردن ليس مزرعة عند الأمريكان وإذا كان البعض يقبل بان يقرر الأمريكيون نيابة عن الأردن فعلى مجلس النواب أن يتقدم من الحكومة بطلب لاستدعاء السفير الأمريكي وتسليمه رسالة احتجاج ضد هذه التصريحات، وكذلك ان يطلب النواب من الحكومة اتخاذ موقف حاسم والقيام بإجراءات عملية لمنع دخول هذه الأسلحة للعصابات الإرهابية التي تقوم بقتل الشعب السوري وإذا لم تقم الحكومة باتخاذ موقف عملي لمنع تهريب هذه الأسلحة عبر الأردن فإنها تكون قد فقدت شرعيتها وعلى مجلس النواب اسقاطها. أما شعبيا، فعلى أحرار الأردن تشكيل دروع بشرية على الحدود الأردنية السورية لمنع ادخال هذه الأسلحة عبر الاردن، لأن من مصلحة الاردن، لا بل من واجبه، حماية أهلنا في سورية، فلا مصلحة للأردن بمزيد من التورط فيها، ومن يعتقد انه يحمي نفسه من الحريق السوري واهم، لأن الحريق لن يتوقف عند حدود سورية وسيمتد إلى الأردن، فهذه العصابات الإرهابية لا تفرق بين بلد واخر الا بمقدار ما يأمرها به السيد الأمريكي والصهيوني، والمنطقة كلها تمر بظروف عصيبة ويجري العمل على تصفية قضيتنا القومية (فلسطين) على حساب الأردن، فهل يقبل الأردنيون أن يكونوا عبيدا عند الصهيوني عندما تتم تصفية القضية الفلسطينية على حسابهم؟؟ وهل يرضون ان تزجهم الحكومة بالحريق السوري على حساب وجودهم وكرامتهم؟؟ لقد علمتنا التجارب ان الأمريكي يتخلى عن حلفائه عندما تنتهي المهمة التي كلفهم بها، والامثلة على ذلك كثيرة. لقد وقف الأردنيون تاريخيا إلى جانب أهلهم في مختلف الدول العربية، وخاصة ضمن نطاق محيطهم القومي، إذ تجمعهم معا وحدة الحياة ووحدة المصير، واذا ما تخلوا عن هذه الوحدة فإن وجودهم ذاته يصبح مهددا وفي خطر.
عامر التل