بعد أن سبقَ له وصْفَ قيام ما يُسمي بـ"الخلافة الإسلامية في العراق"، ومبايعة أبي بكر البغدادي "خليفة" عليها، بكونه "ليس أكثر من وهْم وسراب وأضغاث أحلام، سواء من حيث الواقع الفعلي، أو من الناحية الشرعية"، عادَ الفقيه المقاصدي أحمد الريسوني، ليُبدي موقفه الرافض لإنشاء "دولة الخلافة الإسلامية"، قائلا، "إن "خلافةً" تأتينا بالسيف وتخاطبنا بالسيف، لن تكون –فيما لو كانت– إلا نذيرَ شؤم ومصدرَ شرٍّ لهذه الأمّة".
وقال الريسوني، في مقال نُشر على موقع الجزيرة، إنّ الشرع، الذي فرض العدل والإحسان والشورى وحماية الأموال العامّة، ومنعَ الاستبداد، وجاء بالمساواة، وحرّم التجبّر والطغيان، وغيرها من الأحكام والمبادئ والمقاصد، لم يفرض على المسلمين أبدا أن يقيموا شيئا يسمونه الخلافة، أو الخلافة الإسلامية، أو دولة الخلافة.
وفي إشارة إلى "مبايعة" أبي بكر البغدادي، أضاف الريسوني "ولا فرضَ عليهم أن يقيموا شكلا معيّنا ولا نمطا محددا لهذه الخلافة أو لهذه الدولة، ولا أمرهم –ولو بجملة واحدة– أن يُسموا الحاكم خليفة، وأن يُسموا نظام حُكمهم خلافة".
واعتبر الريسوني أنّ الأركان والفرائض والعزائم القطعية، التي جاء بها الشرع إذا تحققت معانيها ومقاصدها في ظل شيء اسمه الخلافة "فنِعْمَتِ الخلافة، وهي التي نريد؛ وإذا انتُهكت وضُيِّعت في ظل "الخلافة" فبئسَتِ الخلافة، وهي ما لا نريد، وإذا تحققت دون اسم الخلافة، وتحت أي اسم آخر، فقد حصل المقصود كاملا غير منقوص".
واستطرد "ولذلك أقول: لو اختفى لفظ "الخلافة والخليفة" من حياة المسلمين إلى الأبد، ما نقصَ ذلك من دينهم مثقالَ ذرة ولا أصغرَ منها؛ ولكن إذا اختفى العدل، واختفت الشورى، وشرعية الحكم ليوم واحد، فتلك طامة كبرى".
وانتقد الفقيه المقاصدي بشدّة لجوء ما يسمى "دولة الخلافة" إلى العنف، وحزّ أعضائها لرقاب من يخالفهم من المسلمين، فبعد أن أكّد أنّ "أيّ "خلافة " تأتينا بالسيف وتخاطبنا بالسيف، لن تكون –فيما لو كانت– إلا نذير شؤم ومصدر شر لهذه الأمة"، أضاف "نحن نعاني من ويلات حُكّام أتونا بالسيف، ويحكموننا بالسيف، وبعضهم ما زال يتخذ السيف شعارا لدولته ورايته، فكفانا سيفا وتسلطا".
وتابع الريسوني "نعم للسيف حين يصدُّ الغزاة ويطرد المحتلين ويُذلّ عملاءهم وأولياءهم، وحين يحمي الأوطان ويؤمن الثغور والجبهات، أما حين يتجه السيف إلى نحور المسلمين، ويتجه إلى السيطرة والتحكم، ويصبح بديلا عن الشرعية والشورى، ووسيلةً لإعلان الخلافة، فهو باطل ومرفوض هو وخلافته".
هسبريس – محمد الراجي- القلم