سلاب نيوز الكاتب: رضا الباشا-
لم يتوقع أحد أن تحقق معركة حلب في ساعاتها الأولى انهياراً كاملاً في صفوف الجماعات المسلحة. ساعتان تمكن فيهما الجيش السوري من إسقاط رتيان حردتنين باشكوي و دوير الزيتون. بالتزامن مع ذلك شهدت قرى و بلدات الريف الشمالي لحلب إضافة إلى إحيائها الشرقية حركة فرار كبيرة للمسلحين، وصلت لأن تصبح بعض قرى الريف كمعرسته الخان خالية تماماً خشية تقدم الجيش السوري.
حالة الهلع الشديدة دفعت بعض الفصائل التي بقيت وحيدة في المعركة إلى طلب الدعم التركي وأعلنت النفير العام، إضافة إلى إعلان حالة الجهاد عبر مآذن المساجد في الريف. الجهاد لم يلق استجابة والنفير لم يتحقق في الساعات الأولى إلا أن التدخل التركي كان لابد منه، فانقرة باتت تشاهد الجيش السوري على حدودها مجددا .
التدخل التركي لم يكن كأي تدخل سابق. المعلومات الواردة تؤكد أن أكثر من مئتي سيارة GMC كبيرة تحركت على الطريق بين مدينة كلس وصولا إلى رتيان، السيارات حملت أكثر من ألفين مقاتل في خط إمداد لم ينقطع واستمر قرابة 20 ساعة، كما أنشأت تركيا غرف قيادة عمليات تشرف عليها مباشرة في ادارة المعركة. بعدها بدأت كفة الميزان تعود للتوازن مع انسحاب الجيش من رتيان و وصول تعزيزات من كافة أنحاء سورية إلى الريف الحلبي.
لعل الأهم في الامر ان كافة الأوراق التي يمكن لتركيا أن تلعبها تم كشفها في التحرك الأخير للجيش السوري. لا يمكن لتركيا و حلفائها أن يفعلوا أكثر مما قاموا به، ومع ذلك بقي الجيش مسيطراً على نصف ما كسبه في معركته. حافظ على دوير الزيتون و بلدة باشكوي ذات الموقع الاستراتيجي الهام. البلدة تقع على مرتفع يمكن من يسيطر عليها من اطباق التحكم بكافة القرى و البلدات المجاورة، و يكشف جميع التحركات في المنطقة. ولعل ما يثبت هذا الأمر ما تحدث به أحد قادة الدروع في الجيش السوري عن اشراف قواته و بشكل كامل على الريف الشمالي من معرستة و حردتنين و تل جبين و حيان و بيانون و حريتان. ما يثبت صحة هذا الكلام، هي الإصابات الدقيقة التي حققتها مدفعية الجيش السوري لمواقع المسلحين في رتيان و حيان و حريتان، في سابقة هي الأولى من نوعها.
باشكوي تعتبر نقطة الوصل أيضا بين قرى الريف الشمالي و بلداته. السيطرة على باشكوي إلى جانب وجود حلفاء الجيش في بلدة الزهراء يسمح له بالتحكم بالريف الشمالي بشكل كامل. فكما أشرنا باشكوي تقطع الطريق الشرقي الواصل بين إعزاز و حلب، و تتحكم بالقسم الجنوبي للريف الشمالي، في حين تتحكم الزهراء بالطريق الدولية الواصلة إلى إعزاز و تشرف على القسم الشمالي للريف وصولا إلى إعزاز.
مكاسب الجيش إلى جانب الجغرافيا انه كشف أوراق لعب خصومه كاملة، في الوقت الذي عجزت فيه تركيا و حلفاؤها من الجماعات و الجبهات المسلحة من كشف آلية دخول الجيش إلى بلدات الريف. مع علمهم المسبق أن الجيش يحضر لتحرك ومعركة حاسمة كانت طرقها مكشوفة لهم. إضافة إلى عجزهم عن فهم عدد القوات التي استخدمها الجيش في عمليته الاخيرة. كما لم يتمكن المسلحون و تركيا من معرفة مدى تأثير سلاح الجو على سير المعارك. وماذا ستكون عليه الحال اذا مدخل الجيش بكثافة نارية و قوة مشاة تمكنه من التحكم و السيطرة بشكل كامل؟