ألوان وظلال..
الفنان التشكيلي الراحل
محمد خضر العبيد
رحل وريشته بيده
* الفنان الراحل محمد العبيد ، فنان اتسمت أعماله بالبساطة وتنوع فضاءاتها الإبداعية وتناغم ألوانها وانسجام إيقاعات كل من اللون والضوء ، بدأ تصوير بيئته الفراتية ونهرها الخالد ، فاستلهم من سحر هذا النهر وضفافه طبيعة الإنسان الفراتي الحقيقية الممزوجة بالبساطة والأصالة ، فالتزم خط سيره الفني وتجربته الفنية على مدار أكثر من أربعين عاماً ، التي نمّاها بالمثابرة والاجتهاد وتشجيع الأهل والأصدقاء وخاصة الفنانين الذين أدركوا موهبته وبراعته وشغفه بالرسم ، فمنح جلً وقته للفن …كان صادق التعامل مع بيئته وعاداتها وتقاليدها ونهل من تراثها الغني االكثير ، ضمن معطيات جمالية ورؤية فنية حديثة وقوة التعبير عن عمق المشاعر الانسانية يدلل على مدى صدق احساسه حيث أسهمت في تطوير عمله الفني وصدق موهبته التي قرنها بالصبر والبحث عن صيغ فنية ضمن محاولات فطرية وتجربة شخصية بحتة ، اعتمد فيها على احساسه الفني وغذاها بتأثره بالطبيعة والمجتمع ومعاناة الانسان فيها . استفاد من هذه العناصر ووظفها مع قناعاته الشخصية بما يثري عمله الفني التي تراوحت بين الانطباعية والرمزية ، وكان لنضج تجربته دوراً جعله يستخدم أكثر من أسلوب وأكثر من تكنيك عكس حالة تطور متقدمة في مسيرته الفنية ، لتصل في مراحلها الأخيرة قبل رحيله إلى اكتمال رؤيته الفنية التي انتهجهافي معظم أعماله نحو الواقعية الحديثة من خلال بث روح الحداثة تعتمد قوة التعبير وتوازن الألوان ، استطاع ان يؤسس رؤية فنية خاصة يريدها أن تعبر عن فكره وشعوره وقدرة على خلق اضافات فنية جديدة و موضحاً العلاقة الحميمة بينه وبين ما يعبر عنه بريشته ، يغوص دائماً في أعماق شخصياته ، وينقل ما يحسه عبر التعابير التي توضحه الوجوه وعلى نظرات العيون التي تسبر الأعماق ، ينقلها عبر ريشته بإحساس مرهف بعيداً عن التفاصيل والزخرفة والتلقائية المباشرة بلغة فنية بحتة قادرة على اقناع الآخرين بما يدور في خلده ، وما تبوح به ريشته باختيار التكوين الذي يخلق روابط جديدة ودافئة ، تساهم في إيصال المشهد إلى المتلقي ، معتمداً على الصيغة الواقعية المكثفة والمقروءة وبعيدة عن إبراز التفاصيل والحدة بالخطوط مضيفاً كتلاً لونية تنسجم مع طبيعة العمل مقرونة بالجمال والفكرة والتوافق والانسجام بين الشكل والمضمون ، يتناولها ببساطة ألوانه وعمق تأثيرها الوجداني ، لأنها بالنسة له تمثل رحم البيئة التي يعشقها وتحمل قيماً جمالية وانسانية ، تثير المتعة والتأمل لدى المشاهد…لقد جسدت أعماله ما تكابده الأمة من مآس ومعاناة واقعها المرير وأنسانها المعذب بريشة المحب العاشق ، الباحث عن الأمل والانتصار، بصيغ فنية نحس بها ونتعايش معها عنوانها الإنسان والوطن . اقتبسها من لحظات تأملية تعبيرية لجمال عابر وأفكار تحمل قيماً تشكيلية بشحنات انفعالية ، دليل الخبرة والنضوج عنده . وكان آخر نتاجه الفني لوحة عن مدينة غزة الباسلة الصامدة التي صور فيها انتصار الانسان المقاوم وشموخه وقدرته على صد العدوان الصهيوني الغاشم ودحره بكل ماهو مدجج من أسلحة الدمار والتدمير الذي ألحقه بهذه المدينة الصامدة ، وقد رسمها في أواخر عام ٢٠٠٨ .
رحم الله الفنان محمد العبيد الذي عايش قضايا أمته بكل تفاصيلها ، وتغنى بريشته حب الوطن والإنسان ، لتبقى شاهداً على أداء الفنان لدوره في الحياة ومحرضاً على بث الروح والعزيمة تجاه قضايا أمته ووطنه وانسانيته . وفي عمله كنقيب للفنانين بدير الزور كان بسيطاً متواضعاً بعمله النقابي والفني ، متحملاً كثير اً من الصعوبات كي يحافظ على وحدة وتماسك الحركة الفنية التشكيلية بدير الزور.
– الفنان محمد خضر العبيد مواليد دير الزور عام ١٩٤٧.
-انتسب إلى فرع نقابة الفنون الجميلة بدير الزور ١٩٨٧..وعضو في اتحاد الفنانين العرب بسورية .
– كان نقيباً للفنانين التشكليين بدير الزور منذ عام ١٩٩٨حتى وفاته٢/١٠/ ٢٠٠٩.
– أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية في المحافظة وخارجها في دمشق واللاذقية وحلب وحمص ….
– حاز على الدرع الذهبي في معرض رجالات المجد في بيروت عام ٢٠٠٠.
– أقام معرض فردي في دير الزور عام ٢٠٠٨ بعنوان ( المرأة في عيني فنان تشكيلي) ..
* خليل عبد اللطيف