منيرة احمد –مدير تحرير القلم
شاعر تتدلى عرائش الشعر عنده ىكدالية في عز إثمارها – شاب في عمر الثمانين شاعرية تضج كلماته بحروف ومعان لا تشبه إلا ذاتها في التميز حين حضرته للمرة الأولى قلت : (أطربنا وأخذنا حيث الحلم —–وانتشلنا من جيوب الوحدة —– لا تكاد الكلمة تلتقط أنفاسها حتى يعيد جمع أريجها من جديد وبعطرلا نستطيع معه إلا التعلق بعبقه أكثر)
1-الشاعر خضر مجر كيف يقدم نفسه للقراء.
=خضر مجر لقيط الفرح والابتسامة أبحث عن الجمال في سنواتي الثماني والعشرين، ترجمت الحزن إلى أمل في قصائد ونصوص أحملها للغد فكنت طالب الماجستير في المعهد العالي للترجمة والترجمة الفورية بعد أن درست الأدب الفرنسي في جامعة دمشق وأدركت أن المشتغل بالأدب إنسان سقط من فرج الحياة على رأس الألم، فالأديب يحمل عيناً ثالثة يستطلع من خلالها دروب الجلجلة التي تسير فيها الإنسانية. والشاعر ناي ثقبته المواجع فغدا الشكاية الضوء من الظلمات التي تغمر العالم. أعزف على الناي والربابة كما القصيدة وأمارس غوايات اللون كلما توقف الشعر على حافة التعبير. لدي مجموعة شعرية باسم " بدايات " صادرة عن دار بعل في نهاية عام 2013 شاركت في العديد من المهرجانات والأمسيات والملتقيات الأدبية في دمشق والمحافظات السورية. نُشرت قصائدي في العديد من الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية العربية. كما أنني أكتب المقالة الأدبية في الصحف السورية والعربية. حزت على جائزتين شعريتين مركز ثاني ثم أولعلى مستوى قصيدة النثر في عاديات سلمية. كما كرمتني رابطة المبدعين العرب لمشاركتي في مهرجان يا مال الشام.
2-تولد القصيدة ………. نحرضها ………. ام نستجديها ؟
=القصيدة بالنسبة لي لا تأتي إلا في ولادة طبيعية بعيداً عن عمليات التلقيح الصناعي وعمليات القيصرية، ولكن لهذه الولادة ظروف وشروط فالشعر فكرة وبالتالي فإن القصيدة هي دفق وجداني معبر عن حالة ما وهذا ما نسميه بالمحرض الخارجي، الشاعر يكتب عن ذاته وبيئته ومجتمعه لذلك فالتحريض الخارجي والانفعال والحساسية للقطة ما أو مشهد هو ما يرفع من سوية النص ذاته. أما الاستجداء فهو حالة استعطاف واصطناع لن ينجب غير قصائد مشوهة حسياً.
3-يقول اوسكار وايلد ( من يقروؤن معاني الجمال في آيات الجمال هم الاصفياء ….. هم رجال الانسانية … كيف تقرأ هذه المقولة ؟
=إن ما نراه بأعيننا هو منعكس لجمالنا الروحي الداخلي، وعرض لطريقة تعاملنا ورؤيتنا للحياة. فعندما نمتلك أرواحا جميلة لن نستطيع إلا رؤية الجمال فكيف بذات الشاعر أو الفنان الذي يصنع الجمال، إن روح المبدع مهما غُمست بالألم تبقى تواقة للجمال والأمل لذلك سيكون الأقدر على سبك الجمال وإيصاله للآخرين.
4- مالذي تحرضه فيك هذه المرحلة ؟
=لا شك بأن هذه المرحلة بكل قسوتها وقبحها أثرت فينا جميعاً، وأثرت حتى على المنتج الإبداعي ولكنها في نفس الوقت خلقت الأمل الذي أصبح هواءنا. لا أنكر أبداً تأثري بما يحصل الآن ولكن في نفس الوقت كان ذلك دافعا للدفاع عن الحياة والفرح بكل ما أوتيت من ألم و فقدان.
5- ما المسافة بينك وبين قصائدك ..؟؟
=لا يمكن لشاعر أو أديب أن يحقق نجاحاً ما لم يترك أناه الأعلى بعيداً عن إبداعه، لذلك أنا أقرأ نصي بعين الناقد وأقدمه لمن أثق برأيه وملاحظته وآخذ بهما، النقد ليس فقط بإظهار السلبيات بل هو سبر للجماليات وتصويب عين التفرد باتجاه مساحات النص الإبداعية. فعندما أتمكن من نقاط الضعف في نصي وألمس أشعة جماله أستطيع حينها المضي قدماً في تطوير نفسي والوصول للتفرد والتميز.
6-الشاعر من غير حب ……….؟؟؟
= الشاعر بلا حب أرض يباب، والحب هنا لا يحصر بأنثى فالأنثى تستحوذ النص وتصبح الوطن والصديق والأم والحبيبة، لذلك الشاعر ما لم يكن نبعاً من الحب لن تخضر الكلمات في أمدائه. وبقدر ما يمنح حبه للعالم من حوله بقدر ما يبقى ندياً مبدعاً.
7-يقال لكل مبدع طقوسه ….. تعليقك.
=طبيعة حياتي لم تجعل لي طقوساً خاصة في الكتابة وبطبعي شخص انفعالي لذلك فمتى جاء المخاض كانت الولادة، الكثير من القصائد كتبتها في الطرقات، وأحيانا كنت أسجلها صوتيا عبر الموبايل وأعيد تفريغها بكل ظروفها وأصواتها. اعتدت التأقلم مع ظروفي وطبعا دائما هناك في نهاية الأمر انعزال في غرفتي الصغيرة جداً لأشذب القصيدة وأهيئها للضوء.
8- خضر مجر شاعر حزين بطبعه … المعاناة ولدت الحزن في قصائدك…؟؟؟
= لا يمكن للشاعر أن يتستر على مواجعه بل يكشفها للشمس لتجف وتصبح زبيباً للفرح، أتذكر هنا هذه الجملة " تكبر السعادة بذكر العذاب " وكما قالت سيمون دو بوفوار " المرء تلميذ غر والألم معلمه " ولكن كل قصائدي الحزينة كانت تنتهي بالأمل..
–9يقول ابن ربيعة (يرقعن الكوى بالمحاجر )إنها المرأة … هل كوت ؟…أم أنها مجرد تلوين كتابي لديك ..؟؟
=لا يمكن للمرأة أن تكون تلوينا في الشعر هي حضور دائم وقد سبق أن قلت عندما توجد المرأة في حياة مبدع فإنها تمتلك نصه وتصبح العطر الذي تعبق به القصائد. لا شك بأن الأنثى حضرت في حياتي وهذا الشيء ملموس في نصوصي.
10-قصيدتك التي أنجبت كل قصائدك فكانت أم إبداعك …؟؟
= لا أعتقد بأن هناك قصيدة تنجب إلا نفسها وهكذا نصبح في حالة تشابه بين النصوص، لكن هناك نصوص تتمايز فيما بينها ويعود ذلك لانفعالها وموضوعها وقربها من المتلقي، فمثلاً يطلب إليّ دائماً أن أقرأ نص " عمري حناء يديها " من مجموعتي الأولى " بدايات " كما يطلب مني نص " الزاني" والنصان كتبا في مرحلتين متباعدتين. فإذاً ليس هناك من قصيدة أم، ولكن إذا ما اعتبرنا السؤال هو عن النص الأول الذي كتب بروح القصائد التي أكتبها الآن فإنه " نوته عرجاء" وهو أيضاً مطبوع في مجموعتي.
11-هديتك للقارئ ولموقعنا القلم شعرا ؟؟
يسرني أن أقدم نصا جديداً لموقعكم بعنوان " في القبر"
في هذا الليل تزحف دمشق فارغة من ازدحامها على وجنتي
تتساقط الحدائق على جثتي
وأذرف بصمت الشجر الباسق
جالسا على نصل الوحدة أحاول أن اكون تمثالا
ﻷضحك على الليل فلا يخيف نومي
أحاول أن أتمطى كيمامة وأخبأ حزني تحت أكمام قميصي
أين أنت يا هانيبعل..؟؟
ألا تسمع نشيج بردى في صدري
ولطم حديقة جورج خوري على وجه أغانينا
وعويل حديقة الصوفانية يخز شرايين بكاءنا معا
يا الله كم متعب هو السفر وحيدا
يا هانيبعل… أشتاق لأتوسد عطرك بطفولة وأغفو
هذا الليل يخيفني
إنها الليلة الأولى التي أكون فيها وحيدا تماما
اااه أيتها الوحدة إنك تسرفين بحزني
خبئي لليالي القادمة شيئا
بماذا سأغلق أفواه الريح غدا
وكيف سأنتزع ضحكتي من أنياب البرد
"ضحكتي..إنها ذكرى جميلة عن الحب"
يا الله لست جبانا أنا
فلا تبخل علي بموتك..
أنقذني من الموت بالموت
هذه الحديقة ستتكفل بمراسم تشييعي
هذه الشجرة ستنزع لحاءها كفنا
وهذا المقعد سيحتضن جثتي كما لم تفعل أمي
وهذا السور سيبكيني أكثر من أبي
ولا تقلق ليس لجسدي رائحة
فما أنا إلا خيبات وانكسارات واسم لم يعرف اليباس
يا الله لا تخشى على العشاق مني سأصون قبلهم في موتي
وأحفظ أسرارهم وشجارهم واختلاف آرائهم
ولن أكون إلا…
عشبا
أبكما
لا يجيد إلا الخضرة