حاورته : منيرة احمد – لنفحات القلم
يبصم على صفحات الجمال — يطوق الحرف بأبهى حلله , وإن نطق تذوب في سحر حروف وتتأنق كلمات . جميل الصنعة , وجميل حين يصوغ للشعر أساورها التي تميزه وتتباهى به
هو الدكتور والشاعر والإنسان الراقي شادي عمار
نلتقيه وفي فاتحة قوله لنا قصيدة معه نبقى :
((أجوبتي تحيّة غامرةٌ لدأبكِ الراقي، وهذا الجّهد المبذول لابدَّ كمطرٍ داوم الهمى على الأراضي القاحلة أن يينع الدّوح ويخصب المرعى!! ))
شادي عمار .الدكتور ….. الشاعر ….. الإنسان كيف يقدم نفسه للقارئ ؟
= لاأقدّم نفسي للقارئ بقدر ما أتركُ له فرصة استكناهي واكتشافي، الكاتبُ في مؤلّفاته قارّةٌ بكرٌ والقارئ هو (كولومبس) بمعنىً من المعاني، يقع بين يديه النصّ كبحّارٍ عثرَ على جزيرةٍ لم ترصدها الخرائط، وتبدأ رحلة الكشفِ والخيال.
– الشعر محاكاة للروح …. نقل وتجميع ألي للكلمات … تجسيد للواقع …. ؟؟
=: في الحقيقة يضمّ الشّعر كلّ ماسبقَ في مزجٍ لألوان الكلام والحياة قبل دهنها على البياض، لاوصفات جاهزة للشّعر كما لاغايات، هو تحرّكٌ جماليٌّ كالكائنِ الفريد، متى خطا احتشدت العدسات والأقلام لتتبّعه وتحليله
تكتب متى شئت … تكتبك القصيدة ….. تسابق الحدث لتكتب ….. توثق لحالة وجدانية ….. ؟
. = لا… في الحقيقة تكتبني القصيدة، وهذا الاستسلام اللذيذ لجحافل الكلمات وقتَ تسدُّ عليكِ آفاق الراحة والرّكون، فتُجبَرُ على الكتابة! وقد يكون حصار الكلمات دليلٌ على تراكمٍ للأحداث والحالات الوجدانيّة، لكنها هيَ من تُلجئني للكتابة!
– تكتب القصة القصيرة بروح الشاعر … ما هي الميزة في ذلك ؟
=: القصّة القصيرة ابنةٌ غير شرعيّةٍ للشّعر، ارتأى الأبُ نبذها لتملأ فراغاتٍ تركها عامداً في سديم العالم! فأنا لاأستطيع كسر السّلالةِ ولو ظهرت متباينةً عن الأصل، غير أنّها في واقعِ الحال مرآة الشّعر وقت ينظر من حالقه إلى الأرض. أعتقد أنَّ الادّعاء بضرورة مجافاة الشّعر في القصّة هو عارٍ من الخيال ونكولٌ إلى شكل الوثيقة الرسميّة التي تطالعنا مراراً في أروقة المكاتب المغبرّة
الإعلام الالكتروني ماذا أضاف لك كشاعر ..؟
! = الإعلام الالكتروني هو تمرّدٌ على طبقيّة الإعلام التقليديّ! فلا عُقدَ ولاواسطات تستبيحكِ لتبوئِ سدّةَ الكتابة، بل أنتِ فحسب! تكتبين وتحلمين بحريّةٍ، ثم يأتلفُ حولكِ من يشبهونك في الصّعلكةِ الشّعريّة. لطالما ثبّروا وهوّلوا من تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، لا لشيء سوى لأنّها هزّت عروشهم الوثيرة، وكسرت احتكار الرؤوس الشائبة للكلمات الرفيعة، وسمحت للأفواه الصغيرة لكن الشجيّة الترانيم بالصّدى
– ملتقى بانياس الادبي له عندك مكانة … لأنه ؟؟؟؟
=الملتقى الأدبيّ في بانياس هو حصيلة جهد عقدٍ من السّنين، تعلّمنا خلالها أن الاستثمار في الكلمة هو التجارة الأمثل في عصر العولمة المحرقة! ووقتَ نجابه الأديب عَياناً تلك المجابهة الفكريّة التي توشك تغيب عن منتدياتنا ومحافلنا، فنستخرج أجمل مافيه من دررٍ ونضيء بها الدروب نحو الفعل المغاير للحياة الرتيبة والكسولة… سنحيا أجمل ونخلق بقعةً مشعّة لاتلبث تتسع فتنقذنا من مهاوي الاستنقاع واليأس، وتدفعنا نحو تطوير الذات روحاً وعلماً لامادّةً فحسب! نعملُ في الملتقى على اللانهاية، وتقف باقي مشاريع العالم عند حدود انتهاء الصلاحيّة
– الأقرب لروحك الإبداعية … القصة …. الشعر … ؟
. = الأقرب لديّ متذبذبٌ للغاية، مرّت عليّ فترةٌ لم أكتب فيها سوى الكثير من القصّة والقليل من الشّعر، ثم انقلبت الأمور خلال سنيّ الأزمة. ربّما في عصر الحروب يكون للشّعر النصيب الوافر في التعبير عن الموران المشتعل للأحداث سمة الاقتتال عامّةً، ووقتَ الرّخاء قد يأخذ منحى التفكير العقلي البطيء سبيله نحو القصّة. وفي العموم لاقاعدة لديّ تحكم فيضَ قلمي في أي اتجاهٍ سينحو، وأعود للتأكيد أن لافرق بين الأب الشّعر والابنة القصّة سوى الفارق بين الفضاء وأجرامه التي تولّدت عنه!
– كلمتك لموقع نفحات القلم وللقراء
! أمّا لموقع (نفحات القلم) وللقراء، فخير وصيّةٍ ألا يلتزموا بوصيّةٍ محدّدة!! هي الميول والرغبات والشهوات من تجعلنا نحنُ، هي خطايانا الكبرى والصّغرى من تهبُ لعيوننا ألوانها المميّزة. هل تتخيلين سيّدتي عالماً يسوده الأقوياء والشجعان والكرماء والشرفاء و…!؟ إنَّ عالماً كاملاً "أخلاقيّاً" كمثل هذا العالم هو في واقعه معتقلٌ هائلٌ، ترشُّ على رؤوس مساجينه ذوي البجامات المخطّطة مساحيق التهدئة والتنويم!! أدعو إلى الاختلاف بلا المهابة من الخلافِ الناشئ
القصيدة التي تختم بها ؟
!! قصيدتي موسمُ تساقطِ السنونو
وقتَ همَتِ السّنونوات كالنيازك،
تلبّثَ بعضُ الزّمنِ على بابها.
هذا الأزرق المغري بالرّحيل
فاض من عينيها
وأغرقَ اللحظات العجلى
. ينهشنا النسيان أحياءَ
ويترك لهياكلنا العظميّة قراءة الرّيح من الأضلاع
* * *
لنهايات حكايات جدّتي الرّاحلة مايشبهكِ حينَ اللقاء،
خبزٌ وحلوى
… ويموت الذّئبُ في الختام
. لم أنتهِ منكِ
سأرشو النهاية بالحلوى،
ورحيلَ الجدّة،
فلا أصدّقُ أنّكِ أحرقتِ الزّورقَ الوحيد
! ولا… تراجعتِ في اللحظات الأخيرة عن إعطائي التفاحة
!! * * *
الزّمنُ في سجنه ينشجُ
! يشتمني!
يتّهمني بالجنون والحقد
!! أواظبُ على إحكام قيده
. كدرويشٍ يؤدّي نذْرَهُ الغريب فيُرجمَ على الزّندقة.
تماماً إذ أختزل في الوصول إليكِ
كلّ عشر سنواتٍ في سنة،
هاأنا أربو على الثلاث سنوات
أمسكُ نَزِقاً بفرارِكِ المذعور من طفولتي المفاجئة
!! شكراً على الأسئلة اللطيفة وعلى لطفِ صبرك
===
شكرا للشاعر الذي عزف على أوتار الكلم أجمل بل اعذب ما يمكن أن تجود به قريحة