المكتشفات الأثرية في أوغاريت ..أكدت لنا عن الدور الذي لعبه الكتبة فيها التي تعكس متطلبات ادارة الحياة الاقتصادية والقانونية والثقافية والروحية………………………….
غسان القيّم
……………………………
قدم القصر الملكي في أوغاريت مركز السلطة والإدارة أهم المحفوظات الكتابية عددياً التي تشهد على التنوع السكاني وعلى هذه التبادلات ..
أما من ناحية الكتابة تأكد وجود ثماني لغات وخمس طرق للكتابة هذا التنوع اللغوي والانفتاح الثقافي يمنح اوغاريت بحق وسام الدولية اللغوية وهو مؤكد تماما في القصر الملكي وخارج نطاق الاستعمال الواسع للغات
الاكادية الأوغاريتية نجد ايضا السومرية والحثية والحورية واللوفية والمصرية بالاضافة للكتابات المسمارية الرافدية والاوغاريتية ونجد الهيروغليفية المصرية ( وتعني الرمور والنقوش المقدسة للديانة الفرعونية ) واللغة الوحيدة غير مؤكد وجودها هي القبرصية المينوية , إننا نجد في سائر اللقى الكتابية المكتشفة في معظمها ينقسم من حيث الكمية الى قسمين متساويين تقريبا نصوص بالاكادية من ناحية وبالاوغاريتية من الناحية الاخرى وموقع رأس الشمرة المتصل بميناء ( مينة البيضا ) حاليا الذي كان مركزا مهما للعلاقات الاقتصادية والسياسية على الصعيد الدولي وفي شوارعها كان يتجاور سكانها مع سكان من أصول متنوعة , ان الكتّاب الذين تركوا لنا هذه الوثائق كانوا ايضا الموظفين الرئيسيين لدى السلطة الملكية والمشرفين على ادارتها اننا نعرف أسماءهم من خلال النصوص الذي وقعوها وتذكر النصوص القانونية بشكل خاص غالباً اسم الكاتب الذي كتب العقد ووظيفته واحيانا لقبه والواقع ان معظم هذه الوثائق يدور حول نقل وبيع بموافقة الملك , ونورد هنا مثالا لنص مكتشف يتحدث عن نقل ملكية والخدمة المترتية على العقار : ( بدءاً من اليوم فإن نقماد بن عميشتمر وملك اوغاريت قد صادر المنزل والاراضي وكل شيء من ياسليمانو بن عليشي الذي اخل بواجبه واعطاها إلى اوانومو . سيقوم اوانومو على خدمة المنزل وفي المستقبل لن ينتزعه منه احد) .
ان القصر الملكي وبسبب تقديمه العدد الاكبر من النصوص القانونية كان اهم مصدر لنا لمعرفة الناسخين العاملين في اوغاريت بين القرنين الرابع عشر والثاني عشر ق. م لذلك فإن هذه المحفوظات الكتابية الملكية تزودنا بمعلومات ضئيلة عن تكوينهم المهني ( الناسخون ) ويبدو ان خبرة الناسخ كانت تنتقل بشكل عام من الاب الى الابن كما تشهد على ذلك شجرة النسب ( لنعم – شب )ومع ذلك وجدنا في القصر الملكي بعض التمارين للناسخ لاسيما باللغة الاوغاريتية ..
وتبين تمارين التلاميذ ان تعليم الكتابتين ( الآكادية والأوغاريتية ) كان يتم في الوقت نفسه في اوغاريت والمنهاج نفسه بالنسبة للغتين ..في البداية كانوا يتعلمون الكتابة بنسخ المسامير ثم الاحرف ثم الكلمات واسماء العلم وكانت هذه العملية طويلة وصعبة باللغة الاكادية لان على التلاميذ معرفة عدة مئات من الاشارات والمقاطع لكن تعلم كتابة اللغة الاوغاريتية وقراءتها كان بسيطا جدا – 30 حرفا – يتم تعليمها في ترتيب ثابت اي ( الابجدية ) لهذا السبب تم تسميته بالنظام الابجدي هذه التقنية الجديدة لم تكن تجربة عابرة وآنية وانما كانت ممولة من قبل السلطة الملكية في أوغاريت.. وهكذا اصبحت وسيلة التنظيم الاداري والديني لكامل المملكة وبالتالي فإن اوغاريت هي اكثر النماذج المعروفة قدما حتى الآن في استعمال الكتابة الابجدية المؤسساتية على مستوى الدولة ..
تنقسم النصوص المنقوشة بالاوغاريتية الى مرتبتين : نصوص الحياة اليومية من جهة ونصوص اللغة الممارسة التي تعكس ادارة الحياة الاقتصادية والقانونية والدينية ونصوص التقاليد والعادات والنصوص المكتبية التي تشهد على نقل التراث الثقافي والمعرفي ..
عاشق أوغاريت ..غسّان القيّم..