بقلم الدكتورة ريم عيسى – مكتب كندا
نحمل حقائب السفر ونضع فيها الكثير ذكرياتنا الحلوة والمرة ….والقليل من أمتعة ….ونصل الى أرض الغربة
وحنين يملأ القلوب منذ اليوم الاول للوصول ……
في الغربة لا تستطيع التخلي ببساطة عن قناعات رسخت في وجدانك حين كنت في الوطن تحملها معك أينما ذهبت
كل تناقضات حياتك السابقة وكل ما لديك من أفكار ورواسب ….تظهر وتتجلى أكثر في الغربة ربما لغياب رقابة المجتمع الذي كنت تعيش فيه .والذي كان بضغوطه يحول دون اظهارها …
في كندا ..الرعيل الاول من المهاجرين السوريين كان من الباحثين عن عمل أو دراسة أو هجرة للحصول على جنسية
أو لظروف خاصة بالشخص …لم تكن الحرب موجودة ولم يكن اليأس من أحوال البلد معيارا للخروج ….فكان الرعيل الاول متفاهم مع نفسه وانسجم مع الحياة الكندية وحقق الكثير من النجاحات
اليوم اختلفت مقاييس الهجرة الى كندا .اليأس والاحباط من الحرب .الهروب من نار طائفية تحرق الاخضر واليابس
القلوب مليئة بتجارب سيئة يضاف اليها خبث انساني لاستدرار تعاطف الحكومة والجمهور الكندي
الوافدون الجدد الى كندا والذين أصبحو ملفتين للنظر حين تسير بشوارع كندا ..أغلبهم لاجئون جاؤو بعد الحرب على سوريا ….حاملين معهم كل ما يمتلكونه من أفكار ..وعادات وتقاليد …مختلفة تماما عن عادات ومعايير الحياة الكندية
وأغلب اللاجئون هم من معارضين ومتعصبين دينيا …والغريب أنهم يحاولون بشتى الطرق التمسك بما لديهم من قناعات لانهم بذلك يكسبون تأييد المسؤولين الكنديين ويتفننون بالحيث عن حقائق (برأيهم هم فقط حقائق ) لاظهار الظلم الكبير الذي كانو يتعرضون له في سوريا .فتسمع أحاديث ما أدخل الله فيها من سلطان …
ربما الرواتب والميزات المغرية التي تدفع للاجئ مغرية لدرجة اختراع قصص وهمية عن ظلم واضطهاد …
يأتي الاجئ ولديه راتب لكل فرد من الحكومة .التأمين الصحي الشامل …والنوادي الاجتماعية المفتوحة له ..وحتى الطبيب النفسي كون الاغلبية تعرضت بشكل ما لرض نفسي بسبب الحرب
المذهل في الموضوع أن قلة منهم يتكلم بصدق عما جرى في سوريا …وأن أغلبهم يدعي معاناة غير موجودة أصلا
فذاك الطبيب الذي يتحدث عن القهر الذي عاناه في سوريا والتمييز بسبب الطائفة وأنه يقبض راتب يختلف عن طالب أخر ميزته الوحيدة أنه من طائفة رئيس الدولة …..وطبعا ليس هذا بصحيح ..
وتلك المرأة التي تدعي أنها لمجرد أنها من طائفة معينة كانت تتعرض للتحرش …وغيرها من الادعاءات التي يروجون لها لكسب التعاطف …
لانريد أن نقول أن الوضع بسوريا كان مثاليا بل ربما نستطيع القول أن الفساد المستشري في بلدنا هو الذي أوصلنا الى ما وصلنا اليه ولكن الوضع ليس كما يحاولون وصفه
وصلت باحدائهن أن تقول أنها كانت محرومة من أداء شعائر دينها ….على الرغم من اللوم الذي يقع على الدولة لتركها أمور الدين على الغارب بدون رقابة وتركت الجميع يمارس حرياته الدينية وكان من هذه الحرية الحرية التي أدت لتفشي داء الوهابية الذي جلب الكوارث على سوريا
اليوم الخطر الكبير على الوطن هو تلك العينة القادمة من سوريا والتي أغلبها تحمل أفكارا متشددة على كافة الاصعدة
لم يعد السوري هو الطبيب القادم لمزيد من العلم ولا المهندس الذي يريد تكملة دراسته في كندا بل أصبح السوري هو ذاك الهارب من جحيم الحرب بكل ما يحمله من عقد .وتطرف .وأصر هنا في كندا على كل ما يحمله من تطرف
في احدى دورات اللغة يصر محمد على الاذان في الصف عند كل صلاة ظهر مقاطعا الدرس واثباتا لايمانه …ويصر اللاجئون في يوم الجمعة على قطع الدرس للصلاة جماعة برغم اعتراض المدرسين وهيئة المعهد ..تلك الممارسات التي
يدعون أنها من حرياتهم على الرغم من أن المجتمع الكندي متسامح بكل شيء ولكن الكنديين لم يألفو هذه الممارسات…وأصبح هناك أصوات داخل كندا تطالب الحكومة بالانتباه الى تلك الاحداث التي تدل على صعوبة تقألم هؤلاء مع الحياة الكندية وأصبحت هناك بعض الاصوات تستنكر دفع رواتب لاشخاص لايعملون …من جيوب الضرائب المفروضة على الشعب الكندي
من كل هذا يبقى الخوف من استخدام هؤلاء كمنصة للهجوم على الدولة السورية والخوف أن اللوبي السوري الذي نحلم به
بدلا من أن يكون من مثقفين ومتعلمين أن يصبح من هؤلاء المتعصبين الطائفيين ….وهذا للمستقبل يعود بكثير من الاضرار على الدولة السورية التي نحلم ها كدولة علمانية متطورة ولجميع أبنائها
كل الخوف على نظرة العالم للسوري واختصاره بمجموعة من اللاجئين الذين كل همهم هو كيفية كسب التعاطف والتأييد والحفاظ على تلك الميزات التي تغدقها عليهم كندا
للاسف هذا سيكون مستقبل غامض مظلم وخصوصا حين نرى أن معظم الذين يجاهدون الان في سوريا ..هم من الجيل الثاني للمهاجرين الى أروبا وكندا وأمريكا وترعرعو في كنف دول الغرب ولم تجعلهم تلك الحياة يغيرون من قناعاتهم بل
زادت منها وجعلتهم يتركون كل حياة الغرب ويجاهدون في سوريا …..
المشكلة في الثقافة التي يحملها هؤلاء ويورثونها لاولادهم .برغم عوامل التغيير حولهم في كندا ولكنهم يصرون على الاحتفاظ وتوريث قناعاتهم ..
نعرف اليوم صعوبة فعل أي شيء تجاه هذا الموضوع ….ولكن ربما الاشارة اليه تلفت النظر الى وجوب تحرك من قبل أي هيئة سورية تضع الامور بنصابها الصحيح …..والحد من الدعاية السلبية التي يتركها هؤلاء على وطن الان يذبح من الوريد الى الوريد