إن حجم التحديات التي تواجه بلدنا الحبيب سورية بلغ حجمه الأكبر , وبدأت تأثيراته وتداعياته تظهر في معظم مفاصل حياتنا , ممايشكل تحديات للمجتمع أكثر من السابق ويزيد من حجم العمل المطلوب من قبل الأفراد ,وهذا يشكل من مفهوم التنمية البشرية وتفعيل دور الأفراد حاجة ماسة بالنسبة لمسألة النهوض بالمجتمع ,وضرورة تلبي حاجة المؤسسات وتنهض بمستواها وخصوصاً في القطاع العام الذي نتمنى أن يعود إلى دائرة المنافسة.
عملية التنمية البشرية لها العديد من المبادىء يمكن اختصارها بمايلي:
1-التمكين: المقصود بالتمكين هو تطوير قابليات الناس, وتأمين بيئة محفزة لطاقاتهم الكامنة بوصفهم أفرادا في مجتمعاتهم. أي لا ينبغي للتنمية أن تتحقق من أجل الناس فحسب؛ بل ينبغي لهم أنفسهم أن يحققوها؛ فالناس الممكنون أقدر على المشاركة في القرارات والعمليات التي تصوغ حياتهم.
2-الإنصاف: ويعني الإنصاف في بناء القدرات وإتاحة الفرص المتكافئة للجميع؛ ولا يقتصر الأمر على الدخل المادي فحسب، بل يتسع ليشمل إلغاء العوائق القائمة على أساس النوع الاجتماعي، أو العنصر أو القومية أو المستوى الطبقي، أو أية عوامل أخرى، تحول دون الحصول على الفرص الاقتصادية والسياسية والثقافية .
لذا تعتبر الوسائط العدو الأول للتنمية والوجه الآخر للفساد …الواسطة بكل أشكالها ومنعكساتها , وهي أحد أهم أسباب التخلف في أي مجتمع . إن أحد أهم مؤشرات التقدم في أي بلد هو مقدار ابتعاده عن الوسائط والمحسوبيات , و قدرته على مواكبة عجلة التطور تتحقق بمقدار مايستطيع التخلص من العراقيل المرتبطة بالوسائط .
مبدأ الإنصاف يؤكد على فكرة أن التصنيف والتوصيف وإتاحة الفرص يجب أن ترتبط بكفاءة الفرد ومهاراته ومقياس نجاحه التراكمي.
3-المشاركة :
تعني إفساح الفرصة لكافة الأفراد ومن كل الشرائح بشكل متوازن وموضوعي ومنطقي دون استثناءات , واعتبارهم مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات ممايؤمن مشاركة فعالة لهم في صناعة القرارات وفي العمليات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
4-–الاستدامة :
تعني وضع خطط وبرامج عمل في المؤسسات بحيث تكون دائمة وليست فصلية أو موسمية , وممنهجة بفكر وتخطيط تكتيكي واستراتيجي .هذه الخطط يجب ان تزود ببرنامج زمني للتطبيق يتم في نهايته تقييم وتقويم العمل والأداء وحساب نسب الإنجاز والتنفيذ .
إن الشعوب المتحضرة تضع برامجها في التنمية البشرية على المدى القريب والبعيد بشكل مخطط ..وتنفيذ الخطط يعني تطوير المؤسسات وتأمين ارتباط قوي لها مع واقعها ..
ودائماً في كل مجتمع تنشأ تيارات جديدة ,من الضروري جداً الانتباه لها واستيعابها واحتضانها بمايحقق انسجامها مع فكر المجتمع.
5-الحرية–:
إفساح المجال للأفراد للإبداع ولإبدار الرأي وللبناء النفسي الداخلي من اجل افضل صياغة للعنصر البشري وتجعله مشاركاً أفضل في بناء الدولة والمجتمع .
وبالتالي من خلال مبادىء التنمية البشرية نجد ان الإنسان لابد ان يكون الوسيلة والهدف النهائي في التنمية ..ولابد ان تصب كل حصيلة إنجازاتها لصالحه.
وبنظرة دقيقة في التجربة اليابانية نلاحظ تجربة مدهشة وإنجازاً استثنائياً تنحني له الهامات….
اليابانيون هم قوم شرقيون مثلنا بدؤوا مسيرتهم من واقع عزلة وتخلف وحققوا التحديث بالمحافظة على تراثهم وتقاليدهم ومؤسساتهم القومية والدينية الأصيلة ..ولدينا طموح نحن العرب الاقتداء بهذه التجربة ….لكن للأسف لم نستطع حتى الآن أن نحقق التقدم ولا الحفاظ على التراث كمايجب…
وفي كل ماأنجزته اليابان اعتمدت فيه على استثمار البشر فهي تمثل طليعة قوة بشرية حضارية هائلة ,تغذي الطفل منذ الصغر بقيمة العمل وتضمن هذه القيمة ضمن خططها التعليمية لأنهم شعب يدرك أن توقفه عن العمل يعني أن بلدهم سيتوقف عن الوجود , وضمن هذ ا المفهوم التنموي السائد في اليابان نتجت شخصية يابانية منضبطة تحترم الوقت وتقدس العمل وتمتلك العزيمة والإرادة ..لشعب تعرض لكارثة مفجعة تمثلت في الهزيمة في الحرب العالمية الثانية قدمت فيها الكثير من الخسائر البشرية ودماراً غير محدود ..فنهض تلك النهضة المتحدية وقدم أروع نموذج في الترقي بعد التردي….نأمل أن نتعلم منه الدروس ونخرج من أزمتنا نحن السوريين بعمل اكثر جدية يليق بمشروعنا الوطني الطموح .