العزلة الاجتماعية ;
العزلة الاجتماعية تشير إلى الغياب التام أو شبه التام للتواصل مع المجتمع، وذلك بين الكائنات الاجتماعية. وغالبًا ما تكون العزلة لا إرادية، مما يميزها عن الميول أو الأفعال الانعزالية التي يقوم بها الشخص متعمدًا، تعددت أسماؤها ولكن المظاهر واحدة. وهي لا تشبه الوحدة المتأصلة في غياب التواصل المؤقت مع البشر الآخرين. ويمكن أن تمثل العزلة الاجتماعية مشكلة لأي شخص مهما كان سنه، فقد تظهر على كل فئة عمرية أعراض أكثر من الفئة الأخرى؛ حيث يختلف الأطفال عن البالغين.
تتخذ العزلة الاجتماعية أشكالاً شائعة بعض الشيء عبر الطيف، بغض النظر عما إذا كانت هذه العزلة مفروضة ذاتيًا أو ناتجة عن دائرة مستمرة وتاريخية من العزلة التي لم تنكسر أبدًا من قبل والتي ما زالت موجودة بالفعل. وقد تؤدي جميع أنواع العزلة الاجتماعية إلى البقاء في المنزل عدة أيام أو أسابيع؛ وعدم التواصل مع أي أحد بما فيهم الأسرة أو حتى أقرب المحيطين من المعارف والأصدقاء؛ وتجنب أي تواصل مع البشر الآخرين عن عمد عندما تسنح الفرصة لذلك. وحتى عندما يخرج الأشخاص المنعزلون اجتماعيًا في الأماكن العامة ويحاولون التفاعل مع المجتمع، فإن التفاعلات الاجتماعية التي تنجح – إن وجدت – تكون موجزة وسطحية بعض الشيء على الأقل.
ويحتمل أن ينشأ عن مشاعر الوحدة والخوف من الآخرين أو تقدير الذات السلبي التعرض لأضرار نفسية حادة.
______________________
التاثيرات:
تميل العزلة الاجتماعية الحقيقية التي تمتد عبر سنوات وعقود إلى أن تتحول إلى حالة مزمنة تؤثر على كافة عناصر تواجد الفرد. ولا يوجد لدى هؤلاء المنعزلين اجتماعيًا من يلجأون إليه في حالات الطوارئ الشخصية، ولا أحد يثقون فيه في أوقات الأزمة، ولا أحد يقيم سلوكهم أو يتعلمون منه الإتيكيت – وهو ما يطلق عليه في بعض الأحيان السيطرة الاجتماعية، ولكن ربما يكون أفضل وصف له أنه القدرة على رؤية كيفية تصرف الآخرين وتكيف الذات مع تلك التصرفات. ويمكن أن يتسبب غياب التواصل البشري المنتظم في نشوب خلافات مع الأصدقاء (المقربين) الذين ربما يتحدث معهم الشخص المنعزل اجتماعيًا من آن لآخر، أو ربما ينتج عنه مشكلات في التفاعل مع أفراد الأسرة. وقد يؤدي أيضًا إلى ظهور أفكار وسلوكيات مزعجة داخل ذلك الشخص. علاوة على ذلك، تؤثر العزلة الاجتماعية على المجتمع، وخصوصًا عندما تشمل البالغين. وفي معظم الأوقات، يتم إدخالهم إلى دور الرعاية إذا ظهرت عليهم علامات الإصابة الحادة بالعزلة الاجتماعية.[1]
تعني التأثيرات اليومية لهذا النوع من العزلة الاجتماعية المزمنة البقاء في المنزل لأيام أو حتى أسابيع، وعدم الاتصال بأي من المعارف (المقربين) أو تلقي اتصالات منهم، وكذلك عدم التواصل الحقيقي مع أناس آخرين. وقد تعني أيضًا، حتى مع حدوث اتصال حقيقي أو غيره من أنواع التواصل مع أناس آخرين، أن يكون هذا الاتصال سطحيًا ونادرًا وموجزًا إلى حد كبير. هذا بالإضافة إلى الغياب التام للعلاقات الممتدة والهادفة، وخصوصًا العلاقات الحميمية المقربة (كل من الحميمية العاطفية والجسدية).
___________________________
*_الخلفية التاريخية:
يحتمل أن تكون العزلة الاجتماعية سببًا وعرضًا للمشكلات العاطفية أو النفسية. ويوجد نوعان مختلفان يضمان العديد من الأنواع الفرعية.
إذا كانت العزلة الاجتماعية التي يعاني منها شخص بعينه مستمرة مدى الحياة وتاريخية ونمطية ومتواصلة ومزمنة (أي أنها مستمرة منذ مرحلة الطفولة المبكرة للغاية حتى مرحلة البلوغ الكامل)، فإنها تميل إلى إدامة نفسها حتى إذا لم تكن لدى الفرد رغبة حقيقية في البقاء وحيدًا، وأحيانًا حتى إذا بذل الفرد جهودًا حثيثة للاندماج في المجتمع.
وعلى الجانب الآخر، إذا نتجت العزلة الاجتماعية عن حدث في الحياة متأصل في مشاعر الإحباط أو عدم الملاءمة أو القلق، فهذا يختلف عن مشاعر الاغتراب المستمرة والمزمنة. وتقودنا وقائع بعينها في الحياة إلى العزلة الذاتية، وربما تزيد العزلة من مشاعر الوحدة أو الإحباط أو الخوف من الآخرين أو حتى تجعل صورة الذات أكثر سلبية.
تنتشر العزلة الاجتماعية بين الأفراد في مرحلة البلوغ المبكرة. وقد تستفحل هذه العزلة في بعض الحالات. وتظهر الحدود الواضحة أكثر تميزًا عندما يكتمل تطور جزء الأنا في الشخصية. ويتم تعريف عنصر الشخصية هذا الذي قدمه سيجموند فرويد على أنه تصور الشخص لجسده وعقله. ويمنح الاستقلال شعورًا بالانفصال عن الآخرين. وخلال فترة التطور هذه، ربما يصبح الفرد أكثر انهماكًا في المشاعر والأفكار المتعلقة بشخصيته الفردية والتي لا يمكنه مشاركتها بسهولة مع الآخرين. وقد ينتج ذلك عن مشاعر الخجل أو الذنب أو الاغتراب التي شعر بها في مرحلة الطفولة.[2]
ما زال موضوع مدى مساهمة التكنولوجيا الحديثة، مثل الإنترنتوالهواتف المحمولة في زيادة درجة العزلة (من أي نوع) محل جدل بين علماء الاجتماع. ومع ظهور مجتمعات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، زادت خيارات القيام بالأنشطة الاجتماعية التي لا تتطلب التفاعل الجسدي في العالم الواقعي. وتلبي الآن غرف الدردشة ومنتديات الإنترنت وغيرها من أنواع المجتمعات عبر الإنترنت، احتياجات هؤلاء الأفراد الذين يفضلون البقاء في المنزل وحدهم، ولكن ما زال بإمكانهم تكوين مجتمعات من الأصدقاء عبر الإنترنت. هذا، ويدعي من يعارضون فكرة أن يعيش الأفراد حياتهم بشكل أساسي أو حصري عبر الإنترنت أن الأصدقاء الافتراضيين ليسوا بدلاء مناسبين عن الأصدقاء الحقيقيين، وأشار بحث بالفعل إلى أن الأشخاص الذين يستبدلون أصدقاءهم الحقيقيين بأصدقاء افتراضيين يصبحون أكثر شعورًا بالوحدة والإحباط عما كانوا من قبل.
يشكل الاعتماد على التكنولوجيا مشكلة في المجتمع المعاصر. ولا يمثل الإنترنت وأنظمة ألعاب الفيديو وغيرها مشكلة في التفاعل بين البشر فقط، ولكن يمكن للتكنولوجيا المستخدمة أن تتسبب أيضًا في مشكلات صحية خطيرة. وفي دراسة أجرتها أندريا كوكيت، سلطت الضوء على الأطفال المعتمدين على جهاز التنفس والعواقب التي نتجت عن الاعتماد على التكنولوجيا
فؤاد حسن حسن ……