.متــى كـانت الســعودية خــارج الحــلف الأمريـكي الإســرائيلي ؟ ……….
…………مـا هـي ردود الفــعل علـى اعــلان الحــلف سلــــباً أو ايجـــاباً ؟………..
…………حــجم الخــدمات التــي قدمتــها الســعودية لأمريــكا واســرائيل ؟………..
المحامي محمد محسن
لم تستطع السعودية تضليل إلا من يرغب أن يكون مضللاً، بأنها ليست حليفة لإسرائيل، منذ الخمسينات من القرن الماضي بل وقبلها، هي وجميع الممالك والمحميات في الخليج والممالك العربية الأخرى ( الأردن، والمغرب ) ، فهل يمكن لأمريكا أن تُقَدِّم الحماية لأي دولة في العالم ؟، بدون أن ترضخ هذه الدولة للسياسات الأمريكية ؟، وبدون أن تلتزم بحماية مصالح الأمريكية في المنطقة ؟، وأن تنفذ كل ما يطلب منها من مهمات ؟ وما دامت اسرائيل هي الزراع الطويلة التي استخدمتها وتستخدمها أمريكا لتأديب الدول التي لا ترضخ كلياً للوصاية الأمريكية، لذلك كانت هذه الدولة المعتدية، تتقاسم المهمات وتتوازعها مع ممالك الخليج وغيرها من الممالك ، كل بحسب استطاعته والمجالات المتاحة له، أوالأقدر على تنفيذها .
.
اسرائيل أوكل لها تفجير الحروب مع دول المنطقة عندما يستدعي الواقع ذلك ، وأحاييناً عن طريق اشغال هذه الدول في الرد على استفزازاتها، حتى تحرمها من أي فسحة زمنية لالتقاط أنفاسها لبناء مستقبل أبنائها، ولتستنزف طاقاتها المادية والبشرية، في الحروب واستعداداً للحروب، ومنذ عام / 1948 / وقبله، واسرائيل تسرق أبجديات التقدم الحضاري للمنطقة، وتعمل لترسيخ وجودها في المنطقة، على حساب الشعب العربي الفلسطيني، وشعوب المنطقة وبخاصة دول الطوق .
ساعية لتحقيق حلمها الوهمي، ( من الفرات إلى النيل ) وذلك بالتمدد جغرافياً على حساب دول المنطقة، وهذه المهمات التي تقوم بها اسرائيل لا تتعارض والمصالح الأمريكية، بل تتقاطع معها، أي أنها تتبادل مع أمريكا المنافع والخدمات، هذا بعض مما تقدمه اسرائيل من خدمات لها ولأمريكا .
.
هناك فرق جوهري بين الخدمات التي تقدمها اسرائيل لأمريكا، وبين الخدمات التي تقدمها السعودية لأمريكا، فالخدمات التي تقدمها اسرائيل لأمريكا، هي خدمات في المقام الأول تخدم كيانها، لكنها لا تتعارض مع المصالح الأمريكية، بل تنعكس ايجاباً عليها، أما السعودية فهي تقدم الخدمات لأمريكا واسرائيل في آن ولا تستفيد منها، بل بالعكس جميع المهمات التي تنفذها من حيث النتيجة ستنعكس عليها وبالاً، سواء من خلال تثريب الأموال الطائلة، لإغناء البنوك والشركات الأمريكية من أموال شعب الجزيرة ، والتي لا يستفيد منها الشعب الخليجي سوى الفتات، أما الخدمات التي تقدمها السعودية لإسرائيل، فهي لا تعلم أنها تقدمها لعدوها المستقبلي .
.
فما هي الخدمات التي تقدمها مملكة بني سعود لأمريكا ؟، وهل تتلاقى من حيث النتيجة مع المهمات التي تنهض بها اسرائيل ؟، لقد قدمت السعودية خدمة لبريطانيا بصفتها الدولة المستعمرة، منذ ما قبل القرن الثامن عشر، حتى فرضت أمريكا سيطرتها على المنطقة، فتابعت أمريكا تشجيع السعودية على الاستمرار للنهوض بتلك المهمة التي غيرت وعي وثقافة المنطقة، ودينها من حيث النتيجة .
.
حيث أرجعت حركة التاريخ إلى الوراء قروناً، وذلك من خلال تحريف الاسلام وتشويهه، وتقديم الاسلام بصورة متخلفة، متزمتة، عتيقة، لا علاقة لها بالعصر، وحققت ذلك بمساعدة بريطانيا وبطلب منها، حيث ـــ صنعوا ـــ مذهباً جديداً من خلال محرف زنديق يدعى ( محمد بن عبد الوهاب )، الذي طَعَّمَ الاسلام بكل الانحرافات المذهبية التكفيرية، معتمداً على فقه (ابن تيمية ) ومتبنياً الكثير من الإسرائيليات، مع لملمة من الطقوس العثمانية وغيرها، كبديل للمذاهب الاسلامية الأخرى، وبخاصة المذاهب الأشعرية الأربعة .
.
هذا المذهب التحريفي يقوم على ركيزة فقهية يعتمدها محمد بن عبد الوهاب والتي تقول : [ من دخل في دعوتنا له ما لنا وعليه ما علينا، ومن لم يدخل كافر مهدور الدم ]، أي يعتبر محمد بن عبد الوهاب، جميع المذاهب الاسلامية خارج المذهب الوهابي كافرة والكافر يقتل، وما الارهاب بكل تشكيلاته من ( القاعدة مروراً بجميع الحركات الأخرى وصولاً إلى داعش )، إلا الابن الشرعي لهذا المذهب الوهابي التكفيري، مع لواحق وحركات ارهابية أخرى تديرها تركيا وحركة الاخوان المسلمين الارهابية الدولية، مع نسيان الأهداف والقيم الانسانية التي جاء بها الاسلام، والتمسك بالتباينات المذهبية، والأهم تسعير الخلافات والصراعات على أسس مذهبية، وهذا ما يتقاطع ويتلاقى مع المهمات التي تقوم بها اسرائيل .
.
الغريب أن جميع رجال الدين المسلمين وبخاصة الذين يتبعون المذاهب الأشعرية الأربعة، لم يستفيقوا من هذه النكبة النازلة التي نزلت بالإسلام حتى الآن، بما فيهم إمام الأزهر وشيوخه، لأن المال النفطي الأسود يلغي البصيرة والبصر، ولنا في تاريخ رجال الدين منذ عهد الخلفاء حتى الآن ( الأسوة الحسنة ) في هذا المجال .
الحروب التي خاضتها السعودية وقطر إلى جانب أمريكا ، والتي دمرت العراق، وليبيا، وسورية، واليمن، ألا تصب في مصلحة اسرائيل ؟؟ ألا يخدم تدمير وتمزيق سورية واليمن، والعراق، اسرائيل ؟؟ .
.
…………..اذن ما قامت به السعودية من مهمات [ تشويه الاسلام وتحريفه وحرفه، وتكفير باقي المذاهب، والتآمر على الدول العربية، والعمل على تدميرها ] منذ نشأة هذه المملكة المحمية حتى الآن، ألا تصب كل هذه ( الانجازات )، في طاحونة اسرائيل .
.
لكن الحروب التدميرية المجنونة التي شنت تحت اسم ( الربيع العربي ) والتي كان لممالك الخليج اليد الطولا فيها، بل كانت أدواتها، والنتائج التي ترتبت على هذه الحروب، من انتصارات وصمود أذهل العالم، وبخاصة سورية، لابد وأن تساهم في ايقاظ الشعوب العربية التي عملوا على تدجينها عقوداً .
.
فإذا ما أضفنا لهذا الواقع المستجد في المنطقة، بعد فشل الحرب الغربية الإقليمية بقيادة أمريكا على المنطقة ، والاستفزاز الذي شكله التصريح العلني لترامب الذي قال فيه بصريح العبارة [ لولا السعودية لغادرت اسرائيل، لذلك فوجود اسرائيل رهن بوجود السعودية ]، صحيح أننا كنا نعرف ذلك منذ خمسينات القرن الماضي، ولكن وبالرغم من أعمال التجهيل واشغال المواطن العربي بلقمة عيشه، لا بد أن يستفز هذا التصريح من كان متردداً، أو كان غافلاً، وبخاصة الشعب العربي في فلسطين، الذي وقف في وجه صفقة القرن الترامبية مع تصريحه الأخير .
.
والمفيد أن انعكاسات الانتصار السوري، وتصريح ترامب، قد ترافقا مع القضية التي شغلت شعوب العالم من أقصاه إلى أقصاه [ تقطيع الخاشقجي بالمنشار] بأمر من بن سلمان، والتي وضعت المملكة كلها في حرج، وفتحت جميع أوراقها العتيقة، وتاريخها الأسود، وكل هذا انصب على رأس بن سلمان الأمير الأرعن، الذي دمر اليمن وموت أطفالها جوعاً، وسجن سعد الحريري عندما كان رئيساً لوزراء لبنان، وكذلك فعل مع أقربائه الأمراء، كل هذه مجتمعة وغيرها لابد وأن تخلخل عزيمة [ الأمير الأرعن ] محمد بن سلمان، وتوهن عزيمته ، وعزيمة المملكة العتيقة التي تتبنى المذهب الوهابي السلفي التكفيري الارهابي، الذي بات العالم يخشاه كما يخشى الطاعون .
.
وما الْهَبةُ التي قامت بها الشعوب العربية في المغرب العربي، في وجه هذا السفاح عند زيارته لتلك الدول، إلا الجزوة المتقدة التي ستشعل السهل، وعلينا أن نتوقع ردود الفعل الغاضبة في أنحاء أوربا عند زيارته لأي دولة من دولها، أما موقف ترامب الرئيس الأمريكي من بن سلمان، فلقد فهمناه من خلال عقلية ترامب النفعية، التي أعلنها مراراً أن السعودية حليف لا يستغنى عنه، لأنها بالنسبة لأمريكا بقرة حلوب، ولأن وجود اسرائيل الحليف التاريخي رهن ببقاء المملكة السعودية العتيقة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علينا أن ندرك أن الحلف الأمريكي الاسرائيلي السعودي قبل أن يعلن ترامب ذلك وبعده، هو حلف قائم يتبادل الخدمات والمنافع مقابل حماية أمريكا لهما، فإسرائيل وهي تدافع عن وجودها تخدم أمريكا، أما السعودية فهي تخدم الطرفين مقابل الحماية الأمريكية، أما اليوم فلقد أعلن رئيس هذا الحلف ترامب، أن مصالح هذه الدول الثلاث مرتبط ببعضه وجوداً وعدماً .
ولما كان هذا الحلف مع أصدقائه ومعاونيه الدوليين والاقليميين قد خسروا حربهم في سورية ، فإن هذه الخسارة المدوية ستنعكس سلباً على مكونات هذا الحلف الثلاثي .
من هذه المعادلة علينا أن نضع تصريح ترامب واعلان هذا الحلف بصراحة غير معهودة، يدل دلالة قاطعة على الإقرار بالخسارة، ودعوة في نفس الوقت للملمة أطراف هذا الحلف تحسباً للمستقبل الذي لا يبشر، والخاسر سيتحمل وزر خسارته .