الغيمـــة حين تظهر في سماء صحرائي وتخاتلنــي بين سعف الجريد وفرو القصّيبـة تحيلني إلى تفاصيل مرهقة ومفرحــة لتعويض أحلام وأمنيات .. الغيمــة حين تظهر في سمائي تنسينــي التعب والعطــش وأراهــا تمثّــلاً لعطــاء أنثى و دثــار وطـــــــــن ، هي شبيهــة لكـرم أمٍّ مُخصبـةٍ ومُرضعــةٍ .. هي غيمة بطعم القمح والتمر والرمّـــان وبعمــق عشـق بـلادي ..
الغيمــة حين تجوب سمائي وتعيد التشكّــل تذكــرنـي بملامح جدّاتــي وصلابة فلاّح بونــيّ معتّــقٍ .. أرى فيها تجاعيد رعاة نفزاوة وسمار جميع البحّارة من بنزرت إلى بوغرارة .. تحيلي إلى ذلك الشوق الصباحي النــديّ المعطّــر بتحية صباحٍ من صبيّة جامعية وأستاذة وقاضية ، وابتسامة مديرة تتجهة إلى مدرستها .. ومروّضــة تبتسم للبراعم وممرضة تلاطف مريضها .. و ايماءة عاملة بمصنع نسيج ، وضحكة جانية رمّـان وجامعة تمــرٍ، وآذان جامع منسيٍّ خلف زاوية وولــيّ ..
أبو فـــادي .. شكري محمد / دوز // تونــــــس