كتب الشاعر الدكتور محمد عبد العزيز شميس
رب درتين حقيقيتين للشاعر والأديب
الدكتور رفعت شميس
…….
مهما فعلتِ بهذا القلب يعشقك
كأنه الأمّ قد أضنى بهـا الولـدُ
فعذبي إن تشائي إنني رجـــلٌ
عقلْتُ قلبي مغاراً حبله مســدُ
========
الشاعر د. رفعت شميس يجيد في نبش التراث يغوص فيستخرج من ركامه لؤلؤة إثر لؤلؤة . اتأمل فيما كتب آنفا فيسحرني بصورتين شعريتين في بيتين متتالين ، وأسلوب تصويري لم يسبقه أحد بتناوله من قبل . تعالوا نقرأ معا .
مهما فعلتِ بهذا القلب يعشقك
كأنه الأمّ قد أضنى بهـا الولـدُ
فعذبي إن تشائي، إنني رجـــلٌ
عقلْتُ قلبي مُغاراً حبله مســدُ
الشطر الأول خلط بين التذمر والرضى – تذمر من معاملة المحبوب ورضى تام بما يفعل به .ولا بأس فهذه حالة مسبوقة ولكن السحر في بلاغة القريض يأتي في الشطر الثاني إذ يشبه قلبه المعذَّب من قبل المحبوب بالأم ،نعم القلب كمثل الأم التي يعذبها ابنها ولكنها مهما يكن لا تتخلى عنه .
في البيت الثاني نقرأ ملامح التحدي في الشطر الأول .. عذبي إن تشائي وبروعة الأسلوب قدم بالأمر جواب الشرط على فعله ، متباهيا برجولته فهو لم يقل انني امرؤ او شخص … قال إنني رجل .. ننتظر نعتاً للمنعوت فيأتيني بغيره وبروعة سحر البلاغة إذ نراه قد ربط قلبه بإحكام وبماذا ربطه انما بحبل ليفي مجدول . وماذا نلاحظ هنا .. اننا امام اسلوب غير معهود في الاتكاء . فقد اتكأ على امرئ القيس الذي قال : فيا لك من ليل كأن نجومه … بكل مغار الفتل شدت بيذبل . لاحظوا معي استعمل كلمة عقلْت في مقابل كلمة شُدت .. وهي أي (( عقل بمعنى ربط )) كلمة تكاد تنقرض إذ قل استعمالها . كما اتكأ على اية في القرآن الكريم ( في جيدها حبل من مسد ) . وبين لنا بأن الحبل الذي ربط فيه قلبه ليس كأي حبل بل هو حبل من الليف مبروم ومشدود وغليظ وقاس .
ويبقى السؤال الذي يخطر في بال اللبيب … إلى ماذا ربط الشاعر قلبه ؟ هل ربطه اي منعه عن العشق أم أنه ربطه بمعنى قيده إلى شيء آخر .
إن المتأمل سيجد أن الشاعر استغنى بإجاز بلاغي نادر عن اسم يختفي صاحبه بين السطور . اجل انه المحبوب وقد ربط الشاعر قلبه به فلا فكاك عنه .
فالبيت الأول يؤكد هذه الحقيقة وإلا ما معنى أن يتشبث القلب بالمحبوب ويعشقه رغم عذابه له .
أدعو شاعرنا الدكتور رفعت شميس للافصاح عن باقي القصيدة ونشرها عسى أن نقدم دراسة نقدية شاملة لها .