العالم كله، وبخاصة دول العالم الثالث، تقف على قــدم واحدة، تنتظر نتيجة الحرب الأوكرانية، التي ستغير العالم.
هل ارتكب حلف الناتو خطأً تاريخياً، بحــــــــــــربه ضد روسيا، لأن انتصار روسيا الحتمي، سيفتت الناتو.
ألم يكن من الأفضل لأوروبا التــــعاون مع روسيا الأوروبية، بدلاً من الاشتباك معها، وتحويلها إلى عدو.
التوازنات الدولية قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، كانت تقول: أن روسيا أوروبية جغرافياً، واقتصادياً، وحتى سياسياً، لا لأنها المصدر الأقرب، الذي يزود أوروبا بأهم المواد الأولية الرخيصة التي تحتاجها الصناعات الأوروبية، وأهمها النفط والغاز، فحسب، بل استراتيجياً.
وذلك لأن انضمام روسيا لأوروبا، يضيف لها بعداً جغرافياً مترامي الأطراف، يحيط بالقارة الأسيوية، ورافداً اقتصادياً بحكم امتلاك روسيا لما تحتاجه أوروبا من مواد أولية، وبعداً سياسياً يخرج أوروبا من كونها (قارة عجوز)، تابعة ذليلة لأمريكا، إلى قطب ثالث.
وكان الأسوأ للحلف الغربي، دفع روسيا دفعاً للخروج من الإطار الأوروبي، سياسياً، وعسكرياً، والتحالف مع الصين، التي تسعى لتشكيل القطب الشرقي، المهدد، للقطب الغربي، الذي وصل حد الشيخوخة، وبذلك يمكن اعتبار قرار الحرب ضد روسيا، خطأً استراتيجياً.
إذاً ما الذي دفع أوروبا للاشتباك مباشرة مع روسيا؟ هل كان باختيارها، أم بدفع من أمريكا، بهدف إحياء حلف الناتو، الذي كان في العناية المشددة، أو مخافة تحالف روسيا مع ألمانيا، من خلال تشابك العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، وبخاصة بعد مد خطي الغاز ستريم /1/ وستريم /2/؟ وهذا الخطر كانت أمريكا تحاول دائماً التعامل معه من خلال رفضها فتح خط ستريم /2/. لصالح ألمانيا.
إن انخراط أوربا في الحرب ضد روسيا، وبهذه العدائية المفرطة، يشكل خطأً استراتيجياً، لأنها وضعت نفسها، في وضع لا قبل لها بمواجهته، حيث استنزفت قواها العسكرية، والاقتصادية، وحتى المالية، من خلال تقديم العون الكبير لأوكرانيا.
وهذا سيعيق تقدم أوروبا، وسيلحق الضرر باقتصادها، نتيجة استبدال ما كانت تشتريه من روسيا بأسعار رخيصة، هي الآن مضطرة لشرائه من الأسواق العالمية، بأسعار أغلى بكثير من الأسعار الروسية، وهذا ما سينعكس سلباً على واقع مجتمعاتها المعيشي.
ولقد شكل القرار الأمريكي بضم أوكرانيا إلى حلف الناتو، خطأً استراتيجياً فادحاً، ذلك أن هذا الاقتراح، جعل روسيا تتحسس الخطر الحقيقي، لأن تمدد الحلف إلى تخومها الشرقية، يشكل حصاراً أمنياً، واقتصادياً، وسياسياً، لا تستطيع السكوت عنه، مما دفعها دفعاً للمواجهة.
ولما كانت الحرب الروسية الأوكرانية، قد تحولت إلى حرب عالمية، بكل الأوجه، مما يجعل العالم كله، يقف على قدم واحدة، ينتظر نتائجها، لأن ما سيترتب عليها من نتائج، وعلى جميع القارات لا يمكن حصرها، لأنها ستغير وجه التاريخ.
فالانتصار الروسي المؤكد، سيؤدي حتماً إلى تفتيت حلف الناتو، الذي سيخسر حربه، ليس هذا فحسب، بل ستخرج الخلافات بين أوروبا وأمريكا إلى العلن، وستحاول بعض الدول الأوروبية التملص من الحلف، وعلى رأسها فرنسا وألمانيا، لأنهما ستكتشفان أن مصلحتهما الاقتصادية، وحتى السياسية، مع محور الصين الصاعد، وليس مع أمريكا، التي تتحمل مسؤولية تحويل أوروبا إلى مستعمرة أمريكية، و(قارة عجوز).