فلنركضْ نحو النّهر
أشرقتْ غيمة ماطرة أعلى رأسي
مدّتْ أصابعها في جيبي
أمسكت جوالي
أرسلت طلب صداقة لمدينتي، لي وللنهر
اشتكى جوالي مغصا إلكترونيا
ألقته جانبا ليموت في صمت بعد انقطاع الأنترنت
دعتنا أنا و مدينتي للركض نحو النّهر
لبستْ أشجار الرّصيف البيكيني
إتّكأت على كتفيْ الرّيح
استلقتْ الأرصفة على ظهورها
أغمضتْ عيونها جيدا
لوتْ أعمدة الإنارة أعناقها
استسلمتْ لغناء البعوض
أنصت قمر سهران لغزل قطّيْن تحت شرفته
قذفهما بمزهريّة تتصبّبُ عرقا
علّقت العصافير زقزقاتها على النوافذ
دثّرتْ بأجنحتها أحلام الأطفال
دخّنتْ قطط منتصف اللّيل آخر سجائرها الرّخيصة
شربتْ بقايا خمرة من حاوية نشوى
نزع الشارع حذاءه الرياضي بعد سباق المارطون مع صراصير خائفة من ظلالها
غمس قدميْه في بالوعة عاهرة
سعل الحارس موقظا سيارات المأوى
سقى كلبه بقايا البيرة من زجاجته الخضراء
صار ركضنا مياها تغسل المشهد
الجوال يلقي أمعاءه على الضّفتين من أجل سلفي أخير
أشجار الرّصيف تصطاد أسماكا بحمّالاتها
الريح تضع طميا على كتفيْها
الأرصفة تخلع عمودها الفقريّ
تلقي عيونها في التيار البارد
أعمدة الإنارة تستبدل أعناقها بقصب الماء
تمتصّ دماء البعوض النّائم
القمر يموء فرحا
القطّان العاشقين يغوصان في الماء عارييْن
العصافير تحمل النوافذ في مناقيرها لتغسل وجوهها
وأحلام الأطفال في سيقانها لتبلّلها
القطط تتبادل السجائر والخمر مع جوقة الضفادع
الحاوية النشوى تروي سيرتها لليعاسيب
الشارع يترك حذاءه الرياضي للصراصير بيتا
ويحضن النّهر
البالوعة تدلك رأسها بطحالب خضراء
الحارس يدفع سيارات المأوى نحو النهر
يشارك كلبه سمكة سالمون علقتْ في حذاءه
بيْنما ننام أنا ومدينتي والنّهر في كفّ غيمة ماطرة
سمير بية/تونس