الشاعر عادل ناصيف
يا شامُ يا وردتي الأحلى وَيَا فخري
يا شامةً نُقِشَتْ في جبهة الدهْرِ
يا صرخةَ الأمِّ ثكلى في مناحتِها
تسعى إلى القبرِ كي تبكي على القبرِ
تبلّلتْ ريشتي والجفنُ مُرضِعُها
بالدمعِ أكتبُ لا بالأزرقِ الحِبرِ
ناجيتُ غوطتَكِ الغنّاءَ ما ابتسمَتْ
ولا تكحّلَ فيها الغصنُ بالعطرِ
وما تأنّق لي روضٌ وقدّمَ لي
من بَعدِ فرْقتِنا شيئاً من الزهرِ
يا شامُ يا مُلتقىَ العشّاق يا قمري
يا شهقةَ الألم المخزونِ في صدري
متى سنُشعلُ شمعَ العيد في بردى
والماء كالراحِ في أعطافِه تسري
ونلتقي الطيرَ صدّاحاً على جبلٍ
نغازلُ النجمَ حتى مطلعِ الفجرِ
أين ابتسامتُكِ الخضراءُ تنعشني
وأينَ مرجُكِ في أثوابهِ الخُضْرِ
وأينَ تاجُكِ يا بنتَ الكرامِ هوىَ
والطوقُ عقدٌ من الياقوت في النحرِ
يا عيبَ مَنْ نطقوا بالضاد ما عرفوا
أنّ الشآمَ عروسُ البرِّ والبحرِ
أنا المُعذَّبُ يا شامُ بدونِ غدٍ
الريحُ عندي كما لا أشتهي تجري
كتبتُ باسمكِ ديواني فأرّقني
وما عرفتُ عذابي كانَ في شِعري
علّمتِني كيف أبكي كيف أضحك في
مآدبِ الشعرِ في صَحْوي وفي سُكْري
دقّاتُ قلبِكِ في صدري تلازمني
أين ارتحَلْتُ وأنَّى ساقني دَهري
يا صرخةَ النسرِ خانته جوانحه
فخضَّبَ الأرضَ كي ينجو من الأسرِ
لأنتِ يا شامُ تبْرُ الأرض من زمنٍ
وملْحُها ويدُ الإحسانِ والبِرِّ
سكبتِ روحك للدنيا فأسعدها
نقيّةٌ عذبةُ أنقى مِنَ الطهرِ
ما للعصافير لم ترقصْ لقافيتي
ولا تغنّتْ صبايا الحيِّ في شعري ؟
كأنني لم أكن يوماً أغازلها
أو أنّها نسيتْ أني على الجمرِ
أكابدُ العشقَ تكويني لواعجُهُ
فأجرعُ المُرَّ سكراناً بلا خَمْرِ
طال الغيابُ وما ابتلَّتْ جوانحنا
شوقاً إليكِ ولا ندَّت من القهرِ
إنْ كنتُ أخطأتُ في مسرايَ فاحتملي
ذنْبَ المحبِّ وغُضّي واقبلي عُذري
أنا ابنُكِ التائهُ المأسورُ في قفصٍ
تناهبتْني أيادي الغدرِ والكفرِ
لِمَ التجهُّمُ يا مهدَ الغرام أمَا كفى ؟
يكادُ يغلبني في غربتي صبري
مدّي إليَّ بساطَ الودِّ لي قلَمٌ
لا عيبَ فيه نديُّ الشعر والنثرِ
خبَّأتُ طيفكِ في جفني أغازلهُ
في هدْأةِ الليلِ يُغنيني عن البدْرِ
أراكِ شاحبةَ الخدّينِ نازفةً
تغالبين الأسى في أدمعي الحُمْرِ
سمعتُه قَالَ لي أشياءَ ما رُوِيَتْ
من قبلُ في حُلُمٍ أو مرَّ في سِفْرِ
هلْ غالَكِ الدهرُ أم أبناؤكِ افترقوا
مِنْ موجةِ الحرِّ بين البرِّ والبحرِ
أكان حسنُكِ بلواءً أُصبتِ بها
حتى ابتلاكِ بأهلِ الكفرِ والمَكْرِ
مُدّي جناحكِ ، في بُرْدَيْكِ حاضنتي
أنتِ الرجاءُ لنا في ساعةِ الْعُسْرِ
غمامةُ الصيفِ مهما أبرقتْ ورغتْ
لا شكَّ زائلةٌ والنصْرُ في الصبرِ