الصّغار والكبار والسّنّ المحيّر
عنَّ للثّعلب يوماً أنْ يغنّيْ
قالَ:
صوتي أجملُ الأصواتِ تنغيماً
وفنّيْ
لا يضاهيهِ لدى الأصحابِ
في الغابِ شبيهْ
لا عواءُ الذئبِ
أو حتى زئيرُ السيّدِ الأقوى
ولا أيّ شبيهٍ سيليهْ
إنّما صوتي ضباحٌ
وأنا أعلمُ طبعاً
أنّ للديكِ صياحاً
حينَ للكلبِ نُباحْ
يا جماعةْ
إنّهم يدعونَ صوتَ الغنمِ
السارحِ في السّهلٍ
ثُغاءْ
وإذا أصدرَ صوتاً جمَلٌ قالوا:
رُغاءْ
وإذا ما صاحَ ثورٌ هتفوا:
ذاك خُوارْ
بينما قالوا:
نهيقٌ للحمارْ
وعنِ المعزاةِ قالوا:
صوتُها يُدعى
يُعارْ
إنّهم يدعونَ صوتَ الرّيحِ إنْ هاجتْ: صريرْ
وإذا الجدولُ غنّى
قيلَ للصوتِ:
خريرْ
مثلما للظبيِ
-ذاكَ الأزعرِ الحُلوِ-
نَزيبْ
تلك أصواتٌ ولا تعني ليَ
الشيءَ الكثيرْ
وحدَهُ صوتي جميلٌ وأثيرْ
وأصاخَ الصّحْبُ في الغابةِ
للصّوتِ الكريهْ
عَرفوا ما كان هذا الثّعلبُ المغرورُ
ينوي يدّعيهْ
فتنادَوا
كي يرَوا مُطربَهمْ في المرجِ
يمشي ويتيهْ
قال ذئبٌ مرَّ بالمغرورِ:
ما هذا المزاحْ
هل يظنّ الثعلبُ المجنونُ
من هذا الضُباحْ
سوف يغدو مطربَ الغابِ الجميلا؟
فليخفّفْ حُمْقهُ عنّا قليلا
وليُصِخْ سَمْعاً
إلى تغريد أسرابِ البلابلْ
وصُداحٍ سوف تتلوه العنادلْ
وهديلٍ من حمامةْ
نغّمتهُ مثلَها تلكَ اليمامةْ
يتعلّمْ
أنّ حُسنَ الصوتِ لا يكفي
إذا لم يكنِ المخلوقُ عاقلْ!