هل هذه بوادر إخفاق حركات الإسلام السياسي؟ ما يحدث في مصر وتركيا يعطي للسؤال مشروعيته.. فالإسلام الذي ألبسوه السياسة عنوة بقي خارج السلطة لفترات طويلة ونال وقتها شرف المعارضة وتسجيل نقاط مهمة على أنظمة الحكم وأيضاً استفادت حركات الإسلام السياسي من كونها تتحدث باسم الله. وهذه الأثناء كانت تراقب الأخطاء وتحصيها وتتحدث عنها لكنها في كل مرة كانت تنسى أن تضع مشروع حياة بديلاً من مشاريع الموت التي تطلقها.
ولعل التجربة التركية نالت الكثير من الصيت إلا أنها فشلت في اختبارات الديمقراطية.. أما في مصر فالتجربة طويلة في المعارضة وقصيرة في السلطة لكنها لم تقدم نفسها كسلطة مختلفة عمن سبق إلا من خلال رؤية رئيس ملتح لا يشبه فيديل كاسترو.
فما الذي جعل حركات الإسلام السياسي سريعة السقوط؟
من الواضح أن هذه الحركات لا تمتلك مؤهلات الحكم حتى الآن إذ إن خدمات الناس وإدارة شؤونهم الحياتية ليست خطابات على منابر تتحدث إلى الناس من فوق.. « بالمناسبة لم يكن منبر رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا درجات قليلة».
ثم إن الإسلام كدين يعيشه الناس كما فهموه ببصيرتهم النيرة ليس كما يقدمه سياسيو الحركات الإسلامية.. فالسياسيون بحكم المهنة يعمدون للمزايدة حينا وللمرونة أحياناً وألاعيب السياسة كثيرة بينما الإسلام كدين لا يمكنه أن يقبل الدخول في متاهات هذه الملاعب.
إنه دين والدين قانون الهي ليس قابلاً للدخول في زواريب السياسة ومنعرجاتها..
ثمة سبب آخر أراه مهماً في عوامل عدم نجاح خطاب الحركات الإسلامية في الحكم:
إن البشر بطبائعهم وخاصة في مجتمعاتنا عرفوا الله الذي يحبونه ويحبهم.. عرفوه غفورا ولا يبالي ولو كانت خطاياهم كزبد البحر طالما استغفروه وحققوا شروط التوبة…. وعرفوا شمسه تشرق على المؤمنين والكافرين ورزقه يصل إلى الصالحين والطالحين…. بينما يجدون حركات الإسلام السياسي لا تعرف ديمقراطية الله فسرعان ما تكفر الآخرين وتحكم عليهم وتنفذ أحكامها بكل قسوة… وتخون الآخرين مع أول اختلاف بالرأي.
بينما مجتمعنا اعتاد على مسار آلاف السنين تقبل الاختلاف والاعتراف بالآخر والتعاطف معه ودخل ذلك في جينات الشعوب وبالتالي لا يناسبهم فكراً وسلوكاً خطاب التكفير.
كل هذا لا يعني أن بدائل الحركات الإسلامية لم يرتكبوا الأخطاء والخطايا المعروفة من الابتعاد عن الناس إلى الفساد والتسلط والتخوين وغيرها من العيوب التي أدت إلى مجتمعات ضعيفة المناعة حتى سهل التأثير فيها خوفاً أو طمعاً.
لهذا وجود المعارضة بالشكل السياسي يساعد دوماً على تصحيح المسار كلما اقتضى الأمر وغالبا ما يقتضي.. وهذه هي الميزة الأعظم للديمقراطية.
أقوال من نور:
• «لا إكراه في الدين». قرآن كريم
• «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين». قرآن كريم
• «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله». حديث شريف
• «إن الله يغفر ولا يعير والناس يعيرون ولا يغفرون». حديث شريف
الوطن