أنثرُ ورد القوافي و أمشّط الجرحَ, ألملم باقي الأبجديات وألقي بها.. في مكانٍ لا أعرفه ..
إليكَ أنسجُ حروف العطر و أتعثّر بشيءٍ يُشبه رُكام الذاكرة و حلمها الباقي..
أتعثّر بجرحٍ لا يُكابده أحد سوى نحن «نحن» من يبحثُ عن بياض الياسمين, عن رقّة شجونه المشتاقة..
عن وليفٍ يسامرنا, أو يسامرُ رطب الأوجاع ربّما.. و نخيلاته الباقيات..
لا أعرف من أراد َ أن يغتال القصيدة أو «قصيدتي» ويُلقي بها في الجبِّ؟
لا أعرف من تبرّأ من سنبلات العمر الشهيّ, وقال هذه لدينا من بيادر حقولنا, ليست بيارات الشيء..
كل شيءٍ يبدو على ما يرام إلاّ نحويّات تلك السنين القادمات..
إنيّ أراها كما الفانوس السحريّ الذي فقد زيته ذات مرة, فقد شجيرات لا غربية ولا شرقية و لكنها ذات سحر ما, يُقال إنّها ذات لغزٍ ما..
فهل من يقرأ الفناجين و يعرف سرّها أو سرّي..
إليكَ يا وطني
و على دروبكَ كنتُ أمشي كمن تحمل الماضي والحاضر فوق إصبع واحد..
كنت أمشي كحفاةِ الأقدار, أبحث عن وقت الإلهام أو الإيلام, كنت كمن يشتهي زرقة البحر و لكن يخافُ ملوحة الأيام «ملوحة الأقدار»..
لا أدري لماذا تمنيتُ الوصول إليكَ على وجعٍ؟ على محبةٍ و سفر قريب بعيد..
إليكَ يا وطني
أمشي على وجعٍ , على أملٍ
و في ذات الطريق قرأتُ معظم الحضارات التي عبرت من هنا..
و كنتُ أتصفح ما بقي منها و لم يمسسه وجع الحرب «وجع الويلات التي حدثت ربّما بلا سبب يُذكر»..
كنتُ كمن تحملُ أنهر العالم بين أصابع لا تعرف فنون الانكماش على الذات أو «ذاتها المحترقة ربّما حيث لا ريح و لا تثريب, حيث لا شيء نعثر عليه سوى وجع الاحتراق أو الاشتعال»..
وجع, يبدو وكأنه ظامئ النجوى, ظامئ الودِّ, يسألُ عن رطبٍ لغوي الألفاظ يُشبه لنا, يُشبّه لنا من بعيد.. من حيثُ وجودنا ذو معنى, وكان العيد بلغته يحاول أن يقترب منا ويُقرّب لنا كل بعيد..
في الطريق إليكَ يا وطني
تذكرتُ مئات السنين التي تتدحرج أمامي, تحادثُ تساؤلات أحزاني.. تحادث شيئاً غريباً يسألُ عنك, يسألُ عن عاتيات العواصف التي مرت من حيث كنتَ أنت, في غياهب الجبِّ..
تذكرتُ عناوين لكتبٍ ربّما لم تصدر بعد, ولم يؤرّخ بعد أي فصل من فصولها المعروفة النهاية والمؤرخة البداية كرحلة الألف و فلسفة الميل, وهل تصح هنا؟
وهل يُستحسن ذكرها هنا, ذكرها على الاشارة لجمال ما, ما زال يستوطن بواطن الأمور وسلسبيل الظواهر التامة لديها.. ولدى كل سياقٍ يتبع لها..
في الطريق إليكَ.. دوّنتُ القصائد على ورق الشجر, دونتها برتقالاً يبحثُ عن متكئ له.. دونتها حباً متصوفاً يتوقُ طهره لفلسفةٍ ما..
دونتها قميصاً ينسج من حينٍ لآخر..
دونتها, أصابع مقدّسة لمحتها تقبض على الزناد «زناد الأيام أو الحياة ربّما»..
لمحتها تمتشق الشروق و تحادثُ وقتها بأسراره العظيمة؟
لمحتها تمتهن لغتي, تمتهن الكتابة, تمتهن إيراق حبرها على ضفتيّ ما نمرُّ به, على ضفتيّ الظمأ القاتل الذي يفتك بنا, يسيرُ إلينا حيثُ نسأل عن نواقل الشيء الجميل لديه و عن بواعث أمره..
في الطريق إليكَ.. قرأت صلوات الاعتزاز, صلوات المحبة و عرفت إنيّ ما زلتُ في بادئ الطريق أرحلُ منك وإليك يا وطني..
و ألقي السلام عليك .. منال محمد يوسف