بقلم
خـالد مصـاص
رحِـم اللهُ آباءَنـا وأجدادَنـا،فهم على بَساطتِهِم،وسَجِيَّتِهم وثقافتِهمُ البسيطةِ إلا أنهم رسموا لنا دربـاً بالصدق مستقيمـاً وبالأخلاق قويمـاً واعظِينَنا بمحبةٍ ورفقٍ معلِّمِينَنـا معنى الوفـاء والإيثار والإخلاص،وكيف يكون الفعلُ حقيقةً لا قولاً وحسْب.
علَّمونـا أن نفعلَ خيراً،وأن نعملَ للآخَرين كثيراً دون أن ننتظرَ منهم كلمـةَ شكـر..
تعلَّمنـا منهم أن حبَّ الوطن من الايمان تعلَّمنـا أن الصدقَ نجـاة والكذبَ هلاك..
إلى آخر هذه الأمثال والعظات الواقعية.
كانوا مدرسةً حياتيةً وقد خلّفوا لنـا قواميسَ زاخرةً بالمعـاني السامية ومجلداتٍ ضخمةً من أجملِ الحكَـم وأروعِ الأمثال.
وفي زماننـا،وللأسف..!
كثرَ فيه المنافقون والمراوغون بكلامهم المعسولِ ووعودِهم الكاذبـة والواهمة ويبقى كلامُهم تنظيراً بلا فعل،وأقوالُهم مجرد خطبٍ في الهواء استخفافاً بعقولِ بعضِ فقراء تدقيقهم ضيّق،وتحليلهم فاشل والضحك على البسطاء بأوهـام مُضَللةٍ مُضِلةٍ ظنـّاً منهم أنها فنية وعلى درجةٍ من الذكاء والفهم،وبطريقة احترافية لا يمكن اكتشاف نوايـاهم الخبيثة الخبيئة.
هل أدركوا أنَّ سماعَ قرقعـةِ الطبول الفارغة لا يجدي نفعـاً.
تماماً،كما جاء في المثل:أسمع جعجعةً ولا أرى طِحـْنـاً.
حضر القولُ وغاب الفعلُ..!
لذلك كلِّـهِ،فإن زمانَنا،للأسف ! ومن خلال الواقع الملموس،قد أصبح شبهَ غابـةٍ حيثُ بـات معظمُ البشرِ يفعل ما يحلو لـه دون وازعِ ضميرٍ أو صحوةِ قيمٍ أو نهضةِ روحٍ،وإشراقةِ أمل ! وأكاد أقول الكل،بات يتصرف حسب مزاجِه إلا مَـن رحم ربي.
وقد كثر في واقعنـا الخِطـاب،وقَـلّ فيه العلمـاءُ العامِلون والفاعلون الحقيقيون نتيجـةَ وجـودِ كثرةٍ من المنافقين والمراوغين والمزمرين،وأصحابِ الأنـا الواهية في مجتمعنا لغاياتٍ وأهدافٍ ومصالحَ لإثباتِ غرورِهمُ العـائم ووجودِهم القـاتم،وحبّهِم الكاذب وظهورِهم الخائب وحسدِهم الضامر وفسادهم الكابح لكل مَن يتفوّق عليهم.
فهؤلاء المنافقون،عديمو الفائدة،{في قلوبِهم مرضٌ}وستبقى أقوالُهم طبولاً تُقـرَعُ فارغـةً،وحلمـاً كاذبـاً ومستحيلاً لا يتحقق لهم أبداً مهما قالوا،إذ ينبغي على الأقوال أن يرافقها ايمـان بالأفعال والعمل الحقيقي الجاد وأن يكون شفافاً وصادقاً،وليس حقدا وكراهية وغيرة وتشفيرا وتزويرا،وتضليلاً لبعضِ العقولِ الضعيفةِ والبسيطةِ التي لا تقـرأ وليس لديها أدنى خبـرة بمـا يجري مِن قِبَـل الآخَرين من تزييف وتزوير للحقائق وهنـاك وقائع وإثبـاتات محفوظة.
وفهمُـكم كفايـة طـال قَـدرُكـم..
ورحم اللهُ امْرِئـاً عـرَف حَـدَّه،فوقف عنـدَه..
هكذا علَّـمنـا الآبــاء..بأن الصدقَ نجـاة والكذبَ والخداعَ هـلاك.
ولَسوف نُعَـلّـم أولادَنـا ما خلَّفـه لنـا الأجـدادُ والآبـاءُ مِـن إرثٍ في حُسن التربيـة،ومِـن أثرٍ في القِـيَـمِ الرفيعـة.
دامت قلوبُكم عامـرةً بالصـدق نائين عن هؤلاء المنافقين والمخادعين والمكشوفين في (مجتمعنا)،وأقولها أسفـاً !.