
– حدثنا عن بداية تجربتك الفنية (مسيرتك الفنية ) ؟
الفنان جزء من أرض، ومجتمع، وتاريخ، وموروثات ثقافية ونفسية تمنح الفنان هويته ،عنوانه، لغته الإبداعية ،فتجربة الفنان لا تأتي من برزخ آخر،الفنان بطبعه يعيش حالة من القلق المستمر ،قلق اللوحة ،قلق خياله ،قلق شخصيته المنقودة ….بالرغم من هذا إلا أنه يغلف نفسه بحالة من الهدوء المبطن ليزرع كل يوم أرض جديدة ،فالبيئة التي يعيش بها تدفع به إلى الولادة والتجلي لخلق علاقة جميلة بين العصافير والجداول عبر كينونته المدمجة بين الألم والسعادة وهذا مفتاح أمله بأن تمطر سماء جديدة فوق حقول جديدة ……
– في رأيك متى ينتهي الفنان فنيا ؟
الفنان ينتهي حين يبقى مرتبطاً بماضيه بمعنى آخر اللوحة تنتمي حين أنتهي منها إلى مرحلة تاريخية. فبقاء الفنان في المرحلة التاريخية على أعتاب لوحته تجمده وتوقفه عن الحركة. أنا أحب، دائماً، أن أتجاوز قديمي. طبعاً هذا ليس نوعاً من قلة الوفاء، الوفاء للفن يكون دائماً، بالتجاوز والتخطي.
-ماذا تستخدم من أنواع ألوان خلال الرسم, ومتى ترسم ,وهل الرسم حالات نفسية وشعورية أم أنه خبرة واكتساب ؟
كل الأدوات متاحة خلال الرسم ,سواء قلم رصاص أو فحم أو الألوان الزيتية والمائية أو الإكرليك , هذه الأدوات أستخدمها في التصوير الواقعي والتسجيلي للحياة بكافة أشكالها. فمثلا اللوحات الزيتية أقوم بتأسيسها بالإكرليك ومن ثم استخدم الألوان الزيتية, أما فيما يخص الرسم كحالة نفسية وشعورية ,هو بالتأكيد حالة شعورية ولولا ذلك لما كان هناك إبداع ,فالفن هو إعطاء شكل للشعور ,ولا يمكن أن يكون ذلك دون الخبرة والاكتساب التي تطور وتصقل الموهبة من خلال التجربة, فالرسم والإبداع هو انعكاس لما يشعر به الفنان تجاه المحيط الخارجي ومؤثراته وبالتالي إن العامل الشعوري والخبرة هما أساسيان في بناء اللوحة الفنية ,ولا يمكننا الفصل بينهما .
-واضح انك تميل للفن التعبيري ما السبب وما رأيك بالفنون الأخرى كالتجريد مثلا وأي نوع تراه الابقى ؟
لاشك أن كل الاتجاهات الفنية فيها حسّ تعبيري يختلف من مدرسة لأخرى, إن ميولي التعبيرية ليست إنتماء للمدرسة بقدر ما هي نقل أحاسيس تعبيرية عبر المدرسة الواقعية والتسجيلية مثل نظرة طفل حائر أو حزين .أو التفاتة امرأة للأسفل كتعبير عن الحزن واليأس. بالنسبة لرأيي بالفنون الأخرى كالتجريد مثلاً, هي المدرسة الأكثر إشكالية بالفن , كونها لاتشخِّص الواقع وهي نقيضه للواقعية , كل الفنون هي واقع موجود تعبر عن نمط وطريقة تفكير الفنان , وهي تعبر أيضاً عن الذائقة الفنية للمتلقي , فهناك ثمة شخص يميل نحو الأسلوب التكعيبي وآخر يميل نحو الأسلوب الواقعي , من هنا أرى أن كل الفنون باقية طالما أنها محمَّلة بشرط جمالي ولديها رسالة فنية , إن التجريد ربما يكون مشكوكا فيه كفن للمجتمع , وذلك لنخبوية هذا الفن وقلة جماهيريته وخاصة في مجتمعاتنا, لكن في الحقيقة التجريد مدرسة لها حضور كبير في العالم وهناك أسماء هامة فيها مثل كاندنسكي ومون درياني وغيرهم.
-بين الفن التشكيلي والفن المعماري يوجد خلاف كيف توفق بين الابتكارين.حدثنا عن الاثنين وما العلاقة بينهما؟
إذا وضعنا العمارة بمفهومها الحديث في دائرة الضوء. نستطيع أن نصفها بأنها عبارة عن حجوم واشكال نحتية . تخلق فراغات انتفاعية . بتكوينات على درجة عالية من التناسق والانتظام والجمال الحسي والتعبيري بعيدا عن المحورية والتماثل في معظم الحالات. تفي باحتياجات الناس المادية والنفسية والروحية . وهي بحق الحياة المتجسدة في اشكال مختلفة . وهي فن من الفنون الجميلة . وحيها الطبيعة العفوية . تصبغها الوحدة ويضبطها الإيقاع . والتردد . ويغنيها الاتزان . وللنسيج المعماري المترابط قمم من الشواهد والتيجان تعكس المستوى الحضاري والثقافي والاجتماعي لمجتمع الزمان والمكان التي تمثله, ومدى تواصله مع التاريخ والعراقة . وارتباطه بتراثه الأصيل . لتبقى شواخص معبرة بصدق تحكم من خلالها الأجيال على من سبقها . والعمارة بذلك خلاصة علم وفكر وفن وتجربة ووجدان المعماري الفنان المرهف الذي يجب أن يكون فنانا قبل كل شيء . لان عمله ينعكس على الأرض والإنسان . فيصوغ وجه البلد . ويصل الماضي بالحاضر ويغني المستقبل . وهو بذلك أكثر الفنانين خطورةً وتاثيراً . نتاجه يمثل معرضا ثابتا ودائما للعامة والخاصة للغريب والقريب للمقيم والزائر. للحاضر والمستقبل. وبناء عليه تتضح حقيقة أن العمارة هي جزء لايتجزء عن الفنون التشكيلية وهي الإطار الذي يحوي جميع حقول هذه الفنون . وهي المسرح الذي يعرض عليه الإنتاج الإنساني الفني في كل زمان ومكان . وما بين العمارة والفنون التشكيلية أكثر من علاقة . إنما هي رابطة ديناميكية ذات تأثير متبادل . تنبت من نفس الأرض وتنمو في نفس الوسط والشروط. إن الفنان التشكيلي ينقل مشاعره بطريقة تختلف عن الطريقة التي ينقلها الأديب أو المسرحي أو الموسيقي أو الشاعر . ولكنها نفس طريقة المعماري . حيث تتعلق بمعاني الأشكال . التي ينظم بها الفنان التشكيلي أعماله الفنية فتكون لغته التي يعبر بها بتكوينات من العلاقات المؤثرة للأشكال بعضها ببعض. حينما تتآلف في وحدة معبرة تحمل مشاعر الفنان والمعماري. المفردات الموظفة في اللوحة الفنية . سواء كانت إنسانية . أو طبيعية . ما هي إلا لبنات تبنى بتوافقات لونية مميزة . تتحول كل مفردة إلى كيان جديد يلعب دوره في اللوحة . منسجما ومتوافقا مع المفردات الأخرى . لإنتاج عمل فني متكامل ومؤثر . كما في لوحات ماتيس مثلا. وهذا ما يحصل في العمارة . فالمرآة باللوحة قد تكون نافذة في العمارة . والشجرة قد تكون عمود أو مشربية . وغيرها من المفردات والعناصر المؤثرة في تحديد حجم المبنى ومقياسه الظاهري . وصراحته التعبيرية ورشاقته وانسجام ألوانه وملمسه. إن زاوية سقوط الضوء على القطعة النحتية له تأثير كبير جدا على إبراز كثير من تعبيراتها الجمالية . وكذلك في العمارة فالتكسيرات والسطوح والبروز قد تخلق سيمفونية من الضوء والظلال من المعتم والمضيء . هذا التأثير و هذا التطابق بين الفنون التشكيلية والعمارة في كل الجوانب . يراه بعض النقاد من فرق بأن الفنون التشكيلية قد تكون عبارة عن نشاط حضاري قائم بذاته قد لا يخدم هدفا غير ذاته . أما العمارة فهي نشاط فني هادفاً للمنفعة بالضرورة . ومما أدى إلى تخلف إبداع المعماري أحيانا عن الفنان التشكيلي . في حين يتمتع الفنان بقدر كبير من الحرية في اختيار مواده وأدواته والمواضيع التي يمكن أن يطرقها لإنتاج عمله الفني , في المحصلة فان تأثير الفنون التشكيلية على العمارة إيجابية بحيث لا يمكن أن تتطور العمارة إلا إذا تطورت هذه الفنون . وتطور معها الذوق العام للمجتمع .
ما رأيك بالفن الآن .وهل تراه موجودا .وهل له مستقبل ؟
الفن اليوم اخذ اتجاهات جديدة وخاصة بعد العولمة وتشكل فنون ما بعد الحداثة كفنون التركيب والجاهز . لاشك أن هناك خطرا على الفن في أمريكا وأوروبا لطريقة التعاطي مع الموضوع الجمالي الذي خرج من عبارة اللوحة نحو مضمار ما بعد الحداثة التي اشتغلت بطريقة أحيانا استخفافية تجاه العمل الفني ,لكن هذا لا يلغي التجارب الجدّية في أوربا التي تعبر عن استمرار وبقاء الفن بل وراهنيته في الحياة ,طالما أن الحياة غير متوازنة فالفن باقي وطالما أن العالم غير عادل فالفن له مستقبل, وإن الإنسان لا يمكنه أن يعيش دون جمال اللوحة في الشارع أو المنزل .فالفن مستقبله مرتبط بمستقبل الإنسان .
ماهي أعمالك القادمة ؟
العمل القادم 3
d street art اللذي كنت أنوي إنجازه في السنة الماضية …هذا العمل سيحدث دهشة لدا المشاهد وهو على مستوا العالم والفريد من نوعه في العالم العربي …لاأرغب حاليا بالتحدث عنه أكثر.
-أين تجد نفسك وبأي نوع تفضل الاستمرار؟
أجد نفسي في مجالي الفني وموهبتي التي أعطتني إياها الطبيعة فأنا والفن شيء واحد لا ينفصل , ولدي حساسية خاصة كفنان تمنحني أن أكون دوماً في عالم الإبداع, فأميل في نوعية الرسم إلى الفن الكلاسيكي والواقعي الذي يحاكي الواقع وأعيد إنتاجه جمالياً, أعمل على تطوير اتجاهي الواقعي نحو الغرائبية وخلق فضاء جديد لعناصر العمل الفني والتغيير من المفهوم التقليدي للوحة الواقعية . ولا يمكن التنبؤ بمستقبلي الفني كيف سيكون ,هذا ينتج من خلال التجربة الطويلة, في النهاية إن كل ماتحدثت عنه ليس الفضاء النهائي لحدود افكاري فعقل الإنسان ليس علبة مغلقة ، لكن ماأقوله هو ماأفكر به الآن
وفي. النهايه. الشكر الجزيل. لنفحات. القلم وللاستاذة منيرة. أحمد. وللصديق. الشاعر والٱعلامي. فؤاد حس
=
مرحبا بالفنان احمد جرعتلي في موقعنا الذي يرحب به وبفنه الجميل على مساحاته الرحبة
بيكون ضمن باقة الألق التي يقدمها الفنانون المتميزون