هي ذي الشآم سكبتها وشربتها في الكأس خمرا
هي ذي الشآم غفا الضحى في ربوتيها وعاش حرّأ
هي ذي الشآم بنى بها رغم المآسي المجد قصرا
رغم الدجى نهضت وصاغت من ظلام الكون بدرا
ترنو إلى الآتي وتبني فوق ذاك النجم قدرا
لم تستكن لتروضَ من وحيِ العجاف العشر فجرا
طوّفتُ خلف بصيرتي وسبرتها شبراً فشبرا
والمرء إن فاضت مواجد نفسه أغناها فكرا
والموجعاتُ من السنين تحطّمت بعزيمة الأحرارفخرا
أضناها ما ندّت قِوانا فغادرت ذُلّاً وقهرا
لا ليس يخدعنا السراب وإن أتى كالسيل نهرا
هُزمَ الخريف ومن غباوته قطفنا الدمع زهرا
ومن الشتاء وقرّه المبثوث صغنا الثلج حرّأ
فَيلُفُّ وحشته ويدفن بؤسه في القاع سرّا
هذا شعوري راق أكتبه على القرطاس شعرا
وأُذيب كفّي،،كلّ ذاكرتي لكي أُعليك ذكرا
غرثى الوشاح شبيعةَ التحجال مفعمةً وأمرى
هذي الشآم كألف غانيةٍ بدت،، بالحسن أغرى
سارت بقلبي في الركاب وسائري بالشام أسرى
فخذي وتيتي في ضلوعك لا أريد عليه أجرا
وخذي دمي يجري ويجري في عروقك طاب وفرا
لأروحَ مفتخراًعلى الآباد أُغني ساحة التاريخ فكرا
فَرِحٌ بما ألقاه أبني من شموخ الشام جسرا
وأعود أبعثُ من خريف العمر ما أرجوه عمرا
وإذا تجيء النائبات أسوقها بعزيمة الأحرر خسرا
لا أرتجي نفعاً أُثاب عليه بل أبغيه نذرا
نُوَبٌ تُبَدَّدُ في الضياء ولا أُسيغ لهنّ عذرا
وملأتُ صدري إذ تمرُّ العاصفات عليك صبرا
يا عشقيَ المنظور عشتُ على لماكِ العذب دهرا
لو أنّها ترضى وهبتُ يدي تُطوّق منك خصرا
وَلِعٌ بحاضرة الشآم قرأتها سفراً فسفرا
فالمارقون على تخومك أيقنوا جهلاً وكفرا
أنّ الشآم منيعةٌ صنعت من الآلام نصرا
هي كالهوى المنساب في أعماقنا مدّاً وجذرا
قِممُ المعالي حصنها فدعوا المدى للنسر مسرى
أنّى ارتحلتَ رأيتَ من نعمائها للعيش وفرا
أنا شاعرٌ وهب الشآم قصائداً تنساب عطرا
رغم المصاعب والمآسي تشرق الفيحاء فجرا
تشدو تُغنّي وهي كلمى،،إنّ بعد العسر يُسرى
(إنّ بعد العسر يُسرى)
عيسى محمود ابراهيم