Rami Khalil
د : رامي خليل
في أوائل الثمانينات، وكنت أنذاك طالباً في المرحلة الابتدائية، وأثناء عودتي من المدرسة أحرص على المرور بكشك للمطبوعات قرب منزلنا لأختار أين سيذهب مصروفي اليومي. هل أنفق قروشي لشراء الشوكولا اللذيذة، أم أنتقي إحدى مجلات الأطفال الأسبوعية مثل سمير، ومجلتي، والمزمار، وسامر، وطبعاً أسامة! وما أن وصلت إلى ذلك الكشك الصغير برقت في عينيَّ مجلة معروضة في مكان مميز مزدانة بألوان زاهية مع الكثير من الكتابات التي لم أستطع أن أعرف بأي لغةٍ كتبت وكان يزينها نجمة حمراء وصور لسور طويل يمتد من طفولتي الأولى وحتى الآن.
لم تكن تلك المجلة إلا النسخة العربية من أخبار الصين التي كانت تأتي بأعدادٍ محدودةٍ، كنت حريصاً على اقتنائها والتحليق عبر كلماتها وصورها إلى عالم أشبه بالسحر، فيه مزيج من عبق الماضي وألقُ المستقبل القادم.
كبرتُ وكبُرَ ذلك الحلم الصيني في عقلي وقلبي، وتنقل معي في أسفاري المتعددة لبقاع الأرض بحكم طبيعة عملي في المنظمات الدولية، وكانت عيناي ترنوان دوماً للشرق الجميل إلى الصين العظيمة! إلى أن قررت أن يحطّ بي الرحال في ذلك البلد الساحر، ليس كضيفٍ أو كسائح ٍ بل كمكان أبني به مستقبلي ومستقبل أولادي الصغار حينها. واخترت مدينة تشونتشينغ التي ترتسم في ثناياها ملامح المستقبل بلمسات الماضي، وتتماهى جبالها مع أنهارها في سيمفونية فريدة تجعل من هذه المدينة أيقونة تلهب الأفئدة وتنير المستقبل. فهي أكبر مدينة بلدية في العالم بتعداد سكاني يزيد قليلاً عن 34 مليون نسمة، وقد يكون موبالك أو حاسوبك الذي تقرأ فيه هذه السطور من صنعها. فهي عاصمة المستقبل وبداية طريق الحرير، الذي أتمنى أن يعود يوماً للمرور في بلد التاريخ وسرّ أسراره.. سوريا.
صدر اليوم كتابي الأول (ورقياً مع تسجيل صوتي) من سلسلة – حكايا من الصين، قصص المُدن الصينية الذي حاولنا فيه إيجاز تاريخ تشونتشينغ العريق ودورها الريادي في نهضة الصين وبناء حضارتها واحتضان ثورتها، كي نقدم للقارئ العربي أنموذجا عن امتزاج النضال بالأمل وكيف يمكن لمدينة أن تكون بعنفوان أمة، وأنَّ إرادة الشعب هي إرادة الحياة.
#الصين
#重庆 #Chongqing
#china_in_arabic
#CGTNNews
#audiobook
The Belt and Road News Network
CGTN Arabic
iChongqing