الشاعر الحسن الواحدي
تَمَزَّقَ الشّامُ فاشْـرَبْ نخبك الْعِذِبَـا | وَاهْنَأْ فَلَنْ توقظَ الْـمَعلومةُ الْعَرَبَـا ! | |
وَخَبِّر الْغَرْبَ بُشراكُــمْ بِمَوتِهِـمُ | فلن يعيدوا إلى الأوطان مــا ذهبا | |
ضاعَتْ فلسْطينُ،قالوا سَوْفَ نُرْجعُها
وَهَلْ جنيْنَـا سوى الأوهام نَلْبَسُها؟؟ |
فَهَلْ أُعيدَتْ وهَلْ رُدّ الَّذي سُلبا؟
حتّى فقدْنَـا بهـا أثوابَنـا الْقُشُبا |
|
تمزّق الشامُ بل بغدادُ بل يَمَــنٌ | بل مصرُ بل تونُسٌ والقدْسُ يا عجبَا! | |
لَم يبق للعُرْب في أوطانهــمْ وطنٌ | صاروا شتــاتا وصاروا أمَّة الغُرَبا | |
أين الوليدُ ؟ سمعــتُ الدَّار تسألني | فما أجبْـــتُ ، وما أسمعتها صخبا | |
أين الوليدُ ؟؟ أعــادت بعدُ تسألني | وأين فرسانُهُ؟ هـــل أنقذوا حلَبا؟ | |
أين الجيـــادُ التي كانت تزلزلني | يوم النفيـــر إذا داس العدى التُّرَبَا | |
أين السّيوفُ التي ما عُدْتُ أسمعُهـا | تُصــرُّ حينَ تلاقي الطّامعَ الْغَصِبَـا | |
وأيْنَ ؟ أيْنَ ؟ وفاضتْ أدْمُعي حَزَنًـا | وما وَجَـدتُّ جوابًــا يُدَّعى كَذِبا | |
فكرْتُ حينًـــا وحينا ما أقول لها | والدّارُ تعــرفُ قبلي ، تعرفُ السَببا | |
ماتوا جميعًـــا وما في الدار بعدهُمُ | إلاّ تماثيلُ حَيْرى تُسْبِــلُ الهُدُبـا | |
فلا تضــجُّ وإنْ ديسَتْ وإنْ رُميَتْ | ولا تثـورُ وتهوى النّوْمَ واللّعـــبا | |
هل ينفـخُ الشعرُ في أجْسادِها وهجًا | وهل يفيــدُ البكا مَنْ يفْقِدُ الغضَبا؟ | |
وهل تعيـــد دُمُوعٌ نحن نذرفها | ما ضــاع منَّا وَشقَّ الجرحَ والكُرُبا | |
تَوحدَ الْغُرْبُ فينـا ذا يُبيـدُ وذا | ينعـى،وذاكَ يُحابي القاتـلَ النَهِبـا | |
تمزّق الشّـــامُ لكنْ لنْ يدومَ به | ذاك الغريب ولا يجنـــي به رُطبا | |
ما دام فيهـا صلاح الدين معتكفا | يغالــــبُ الذلَّ لا يرضى به نسبا | |
ما دامَ فيهــــا سماءٌ والنّجوم بها | ما دامَ فيهــا ترابٌ يصطلي لهبَا | |
ما دام وحْــيُ النَّشامى في جوانبها | يُتْلى وينثــرُ في وجدانها عَتـبا | |
ما دام فيها بقايَــا مِنْ مُعَاويَــةٍ | فسوف يَرْجِعُ من لَمْ يألف الهربا ! | |
يا شـــامُ يا كعبة الأحلام معذرةً | الشعرُ فيك دمـوعٌ تُلجمُ الخُطَبا | |
سارت جراحُك في الأحشاء ناضحةً | بالحزن لا فجـرَ يلهيها ولا طربا | |
كُـــل الأماني تهاوَت من زنابقنا | صريعــةً لم تعد شمسًا ولا شُهُبا | |
جراحـنا أنتِ يا شامُ الأشــدّ بها | ولست وحدك من أبْكَى ومن نُدبَا | |
فحيْثُما سـرْتَ أرْحَـامٌ مُقَطّعَــةٌ | يقالُ : كانَتْ قديمًا تُنْجبُ النُّجُبا | |
وَكل أوطاننـــا حيرى مٌشَتّتَـةً
سَيبْزُغُ الْفَجْـرُ مَهْمَـا غُمَّ مؤتلِقًـا |
كأنَّ حكَّامَهـا لَمْ يقرأوا الكتُبـا
وَيُرْفعُ الْعلَـمُ الرَفْرافُ مُنْتَصِبـا |