اجتماع (بريكس)، هو اجتماع الجنوب العالمي، ضد الشمال، لمواجهته وإسقاطه عن عرشه.
العالم الثالث بقاراته الثلاث، ينتظر ساعة التمرد الجماعي، على العصر الغربي الاستعماري، والثأر منه.
كل من لا يرى التفاعلات، تحت السطح، وفوقه، ومحاولات الخروج من زمن الاستعباد، هو لا يرغب أن يرى.
المحامي محمد محسن
زمن العبودية الغربية، الذي استمر خمسة قرون ونيف، أي منذ عام 1492 زمن اكتشاف القارة الأمريكية، بداية زمن الاستعباد التاريخي من قبل دول الشمال، لكل دول الجنوب، هذا الزمن المديد، وما جرى فيه من حروب، وموت، ودمار، وقمع، واضطهاد، والذي مورست فيه جميع أشكال العنصرية.
هو الذي حَوَّلَ البشرية إلى شمال سيدٍ، ثري، مستقرٍ، يعيش على جهد، وعرق شعوب الجنوب، وجنوبٍ فقيرٍ، متعبٍ، مريضٍ، يُستعبدُ من قبل الشمال السيد، والمتحكم بمصائر تلك الشعوب.
اجتماع (بريكس) وبخاصة في القارة الأفريقية، القارة الأكثر ظلماً في التاريخ، الأفقر اقتصادياً، واجتماعياً، له دلالة تاريخية، أن الجنوب يجتمع في إفريقيا، المنهوبة بكل خيراتها، وحتى طاقات شعبها، ليعلن تمرده في وجه المعسكر الغربي العدواني.
هذا الاجتماع التاريخي، الاستثنائي، يجتمع في وقت يعاني فيه عالم الجنوب، من أزمة اقتصادية، وسياسية خانقة، لذلك نجد التفافاً واسعاً، ورغبة في الانضمام إليه، من ما يزيد على أربعين دولة، من دول الجنوب، وبخاصة ممالك الخليج، وعلى رأسها السعودية، التي كانت تعتبر مستعمرات تاريخية اقتصادية، وسياسية لأمريكا، والباقي من الدول تراقب بدقة التحولات التي تجري، لتسارع إلى انضمامها الفعلي، في المراحل القادمة.
ما تنتظره شعوب الجنوب من هذا التكتل التاريخي، أن يكون قاطرة حضارية، تخرج العالم الثالث، من تبعيته للغرب، وتقيم عالماً أكثر عدلاً، يوقف القطب الغربي عن سياساته القائمة، على الحروب، وتدمير البلدان وقتل الشعوب، للإبقاء على سيطرته المطلقة على عالم الجنوب، سياسة، واقتصاداً، [والعمل على إسقاطه من عرش وصايته].
وإذا ما احتسبنا أن عدد سكان دول البريكس الخمسة فقط، تزيد عن 42% من سكان العالم، ونسبة إنتاجها يزيد عن 23% من الإنتاج العالمي، وأن السعودية بالذات بدأت تبيع سندات الخزينة الأمريكية، تحسباً لسقوط الدولار، كلها مؤشرات على أهمية الدول المتحالفة، ومدى تأثيرها المستقبلي.
ومن المنتظر إنشاء عملة بديلة مدعومة بالذهب، توقف على الأقل هيمنة الدولار، الذي يسيطر على أسواق العالم، والذي لا يساوي إلا ثمن الورق الذي يطبع عليه، لأنه لم يعد مدعوماً بالذهب، منذ عام /1971/، في عهد الرئيس نيكسن، رغم اعتباره معياراً لجميع عملات العالم.
بمتابعة جادة يتبين لكل باحث، مدى انتشار حركات التمرد ضد القطب الغربي، بكل مكوناته، وبخاصة في القارة الإفريقية، وعندما نضع الانتصار الروسي الحتمي، في حربه ضد القطب الغربي كله، في ميزان السياسات العالمية، والأزمات الاقتصادية التي تعاني منها أوروبا، بعد الحرب الأوكرانية، نصل إلى قناعة أن العالم بدأ يتغير لصالح الشرق.
نعم العالم الثالث كله ينتظر تفاعلات المستقبل التي ستتم على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية، والأهم إقامة قطب شرقي جديد، من مهماته التأسيس لمجتمعات إنسانية أكثر عدلاً.