مجموعة نصوص للشاعرة سوزانا نجيمة
سوزانا
سوزانا نجيمة
المنفى /١/
أكتب إليك من منفاي الأخير
وأنا ، أخط بنبضي
على جدار المنفى …
حنينا لروح تثقب هذا الجدار
تهبط فيه ، أنسا ، وعشقا ..
أرسم على جداره ..
طاقة نور ..
ينسكب منها الضوء
ك حقول قمح ، تتدحرج على كف الشمس
لتتلون بلونها الذهبي ..
من خلف جدار المنفى
صرخة تعلو …
تكسر صمته الرهيب
أين أنت .. يامن أشتاق إليه ؟
أين أنت … يارفيق روحي
ومؤنس وحدتي …
أنياب الليل مؤلمة
تفترس كل حلم يومئ على نافذته
ليل المنفى .. مظلم
سواد … بسواد
وصوت عجوز شمطاء
يتجول في أرجاءه
صداه مرعب ….
أمسك ريشتي
لأرسم نافذة على جسد الليل
يعبر منها ، بعض من صوتك البعيد
أطبع قبلة على بلور النافذة…
وأتركها … بصمة لفجر يأتي بعد موت
علك تمر من هنا …
مؤلم … أن أترك لك على جدار هذا المنفى
أحبك .. أشتاق إليك …
وتمضي … دون أن تتحسس بيدك
نبضها …
فلا يزهر وريدك ..
وينسى اسمي
لأغرب من المنفى … إلى موت !
سوزانا
سوزانا نجيمة
المنفى /٢/
أكتب إليك من منفاي الأخير
وأنا أجدل عناقيد الدمع
هي الوحيدة التي ، ستشيع جنازتي
وتستقر في سمائك بعد رحيلي
هي الوحيدة التي ستؤكد لك
أني لم أكن وهما ، ولم أكن سرابا
وأني كنت حقيقة نقية
من ضلع روحك خلقت ..
روحك النقية ، التي تشبهني
روحك النقية التي تكونت غيومي
في فضائها …
من هذا المنفى …
اقول لك : انصت لصوت روحي
يناديك …
أمضيت عمرا أبحث عنك ..
وعندما وجدتك ، رحلت ..
وجنازتي تدور بالأزقة ، وعلى الأرصفة
ك ورقة خريف أخيرة
أسقط الأن …
أسقط بين أكوام الوجع ..
صرختي الأخيرة .. من منفاي ..
أنت .. أنت يامن أحب …
اتركني في قلبك ..
اتركني في قلبك طفلة أربعينية
فإني ولدت الأن على يديك
أفتش عن وجهك ، وأنا أعتنق السحاب
أرسم خطوط الطول ، والعرض
حول المدارات …
أسأل مساماتي ، إذما قننت أنفاسك
لأطوف حولها …
مؤلم أن أمضي العمر ، باحثة عنك
ولا ألتقيك ، إلا يوم تشييع جنازتي
مؤلم أني لازلت أسيرة طيفك ..
وجدران المنفى …
تضحك ساخرة مني …
أني جثة … !!
سوزانا
سوزانا نجيمة
المنفى /٣/
أكتب اليك من منفاي الأخير
القضبان أطبقت على روحي
التفت حول رقبتي
تمنع صوتي
صرختي …
وأنا مازلت أمد يدي
لاختراق هذه الجدران
أريد الالتحاق بقطعان غيمك
لأمطر فوق حقول القمح
أخطأت .. حين لم أنصت
لزرقاء اليمامة ..
ولم أكترث برؤيا نبي
ولم أفتش عن ذاتي جيدا
بين طرق كانت دمعتي تفتحها
وسرت على درب ( الحلاج ) و ( الرومي)
وبنيت قصور المحبة ، واتبعت عرف ( جبران)
كنت أظن أني سأكتب تاريخا
وأنا أمشي حافية ، فوق الشوك
وأتعثر بحظ عاثر
لايشبه غيري …
رحت أسير ، وأسير
بين أزقة الحلم الأزرق
حتى أطبق الليل جدرانه على حلمي
كان الموت ..يتجول في سمائي
وأنا ..ك الدونكشوت ..
أحارب طواحين الهواء …
سوزانا
سوزانا نجيمة
المنفى /٤/
اكتب إليك من منفاي الأخير
وأنت تمارس طغيانك
و تشعل النيران ، في دمي
تستبيح عذرية أوراقي البيضاء
كانت تلك القضبان تهتز بين يدي
وجنون العشق ، يصرخ
دعني أوزع الزنبق الأبيض
على جدران هذا المنفى ..
اقترفت الحلم ..
بين ظلال رمادية
ووزعت على شواطئه
ضحكات ، من طفولتي
خبأتها بين طيات روحي ..
في سماء هذا المنفى ..
رسمت دربا من نجوم
وعلقت على كل نجمة ، أمنيات
زرعت في كل زاوية .. قنديلا أزرقا
ورحت أتعمق في صفحات كتاب
مجنون هذا العشق …
الذي يحملني من منفاي …
إلى ذراعيك البعيدة
ذراعاك ، اللتان تطوقان خصري
لتحملاني من منفى …
إلى موت …!!
سوزانا
سوزانا نجيمة
المنفى /٥/
أكتب إليك من منفاي الأخير
وأصابع الجمر ، تتغلغل إلى روحي
الروح عارية …
عارية ، إلا من دمع يغرق هذا المنفى
كل شيء يحترق …
انظر إلى جسد الليل الممتد
على مساحة عود ثقاب
الحلم الأزرق يحترق
وأشياء أخرى …
أنت دائما بعيد …
خلف تلك السحب
وأنا هنا … في المنفى
واشتعال مفتعل …
تراها …. شهقة النهايات ؟
أم هي العودة إلى الحياة
بعد موت ؟!
إني أراك تمتد …
تمتد على مساحة دمعتي ..
على مساحة احتراقي …
كم كان حلمي جميلا ..
وأنت تريد تحطيم هذا المنفى
أنت لم تحطم إلا روحا
تتعرى لإجل أن تنبت زهرة
على وريدك …
كم حلمت … ببيادر النور
تنبت فوق كفي …
وأن أطلق عنان الروح
لفضاءاتك …
كم حلمت أن أتحرر من منفاي
وأركب معك قطار الجنون ..
كم أغمضت عيني ..
خلف حدود الحلم …
وسلمت حلمي
لاالهة الغسق ..
تمجد باسمك ..
آخر احتراق …بين جدران المنفى
لم أستطع الهرب ..إلى أحضانك
أناني … أناني أنت
سلمتني بعري روحي
وخاطري المكسور
لجناح الليل …
كم مرة شكوت لك عن أنياب الليل ؟
أنت … أنت ..
يامن أحب ..
طوقت روحي بحجارة صماء
وتركتني وحيدة ..
لموت قادم … !!!
سوزانا
سوزانا نجيمة
المنفى /٦/
أكتب إليك من منفاي الأخير
رسالتي الأخيرة
وبعدها إما أن أحطم هذا الجدار
وأتبع نورك
أو أفنى إلى أبعد …أبعد سماء
أتذكر حين كنت وحيدة
أسبح في هذا الكون ، وأتأمل
كنت حينها روحا هائمة
في برزخ ..
ذات حزن ..
وأنا أتأمل …
دعوتني لدخول هيكلك
شدتني تلك النجمة فوق الهيكل
دعوتني للصلاة في محرابك
تيممت بماء الحلم المقدس
ورحت أطوف في ذاك المحراب
كانت روحي تسبقني إليك
ترسم لي ملامحا من نور
عشقت تلك الروح التي اعتنقت روحي
وكانت حارسا
على بوابة حلمي
مددت يدك من البعيد
على تعرجات خدي المتعب
ورحت تمسح دمعا
وتخط على خط الميل كحلا
كان الكحل نسى خطه
وأحمر الشفاه غادر بساتين الصبا
حتى أتيت …
أذكر حينها …
كان شعري يتيما ..
حتى راحت أصابعك تداعب خصلاته
وتحرره …
لاأذكر كم عصفورا غرد في سمائي
وراح يريد التقاط خصلات شعري
أذكر .. أن شعري كان فرحا كالأطفال
في ليلة عيد …
لاتتركني ..( قلتها) وخوف الوحدة يقتلني
لا أتركك .. ولايمنعني عنك إلا
أن أموت مرتين …
كانت يدي تجس نبضي المتسارع
شيء ما يتفرع من نبضي …
إنها زهرة ياسمين ..وكاردينيا
زنبق أبيض بلون النقاء
يحمل لي عطر أنفاسك …
أحببتك ..قبل أن نلتقي
كما أحب البشر الله ، دون أن يروه
كنت روحا منزلة من السماء
وحيا …يحاكي شعري سرا
فأوقظ القصيدة على لسان ألف ألف نبي
أنت ..أنت …يامن تحاكي روحي
ياسري الجميل .. وبوح صمتي
أنت ياجنون الكلمات في قصيدتي
واللحن المقسم على أوتار الليل
ليتك تعلم كم …أحبك ..!!
ورئتاي تمتلآن بك ..
من هذا المنفى …
سأقول آخر كلماتي …
أضعنا الحياة
بين سراديب الحلم
ورحنا نضحك كذبا
ونضغط الملح ، فوق الجرح
نحرقه ، ونبتسم
نحرقه ، بصمت …!!!
/تمت آخر دمعة من المنفى /
سوزانا نجيمة