-أنا السومري-
حين غابت كل الاقمار..
وأفلت كل النجوم..
واعتزل الربيع محله بين الفصول..
حين صار الخريف غولاً.. ألتهم كل وجودي..
أصبحت الطرقات بلا علامات دلالة..
وبلا أرصفة..
نهاياتها مفتوحة.. دون ان يكون فيها اتجاه..
وحينها كنت ألتحف دخان سكائري كل ليلة..
وأشرب بكأس الاغتراب..
تيبس كل شيء في اعماقي..
في الليل..
تصبح روحي تلة قاصية.. تفترشها غربان الغياب..
وتنوح فيها بلا ناي..
حين كان الظلام مظلماً..
الأقفال الصادئة.. بلا مفاتيح..
لم يكن للشمس أوان شروق..
بين هذا وذاك..
تحركت عقارب الساعات الجامدة.. وكأنها جثة ميتة بعثت فيها الروح..
دارت عكس الاتجاه.. ألف دورة مجنونة..
كأنها تتسابق مع أزمنة الغياب..
كادت أنفاسي تتقطع من اللهاث.. وأنا اتابع جريها..
تسير بلا خرائط.. بلا معدات أمان..
طوت وطوت وطوت وطوت.. أزمنة وأزمنة..
تعيد خط الشروع بيدها..
وفي هذه الاثناء.. أصبح الخريف ينزوي تدريجياً..
الطرقات المكسوة بتراب الصمت.. مبللة بقطرات ناعمة…
زغب الورود يخرج واحدة تلو الاخرى..
روحي المتعبة.. تهرول خلف العقارب..
الى اين.. الى اين…
وحين اكملت دورتها.. توقفت عند تلة بيضاء..
مكسوة بقلوب الاطفال..
هناك..
صرخت روحي..
اني اشم ريح يوسفتي..
اشمها..
وعندها لمعت صورتنا لحظة عناقنا الازلي..
هناك عندما كنا في الساعة الواحدة بتوقيت العشق…
وعندها…
نزلت ثرياي…
هي…
أواااه.. كم أخذ مني زمن البعد…
ومددتي يدك وقلت اغمض عينيك.. واقترب.. اقترب.. اقترب..
تعانقنا.. وألتحمنا.. وتمازجنا.. واتحدنا.. وتوحدنا..
فدقت الاجراس…
الساعة الثانية عشرة بتوقيت العشق..